أمراض السكر: الأسباب والعلاج

أمراض السكر: الأسباب، الأعراض، الوقاية والعلاج

تُعدّ أمراض السكري من أبرز الأمراض المزمنة التي تؤثر على صحة الإنسان في العصر الحديث. يمثل مرض السكري تحدياً صحياً كبيراً يهدد حياة الملايين حول العالم. تتعدد أنواعه وتتنوع مسبباته، مما يتطلب فهماً عميقاً لهذا المرض من أجل التعامل معه بشكل فعال والوقاية من مضاعفاته. في هذا المقال، سيتم استعراض أهم المعلومات حول مرض السكري، أنواعه، أعراضه، طرق الوقاية والعلاج، وكذلك تأثيره على الصحة العامة.

1. ما هو مرض السكري؟

مرض السكري هو اضطراب في عملية استقلاب السكر (الجلوكوز) في الدم، والذي يتسبب في ارتفاع مستوى السكر في الدم بشكل غير طبيعي. يتحكم هرمون الأنسولين في مستوى السكر في الدم عن طريق السماح للجلوكوز بالدخول إلى الخلايا للاستفادة منه كمصدر للطاقة. في مرض السكري، إما أن الجسم لا يستطيع إنتاج الأنسولين بالشكل الكافي (النوع الأول) أو أن خلايا الجسم تصبح مقاومة للأنسولين (النوع الثاني).

2. أنواع مرض السكري

يُصنف مرض السكري إلى ثلاثة أنواع رئيسية:

أ. السكري من النوع الأول

يُعد السكري من النوع الأول مرضاً مناعياً ذاتياً، حيث يقوم جهاز المناعة في الجسم بمهاجمة خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين، مما يؤدي إلى نقص حاد في الأنسولين. يبدأ هذا النوع من السكري عادة في مرحلة الطفولة أو المراهقة، ويحتاج المرضى المصابون به إلى حقن الأنسولين بشكل دائم.

ب. السكري من النوع الثاني

يُعد السكري من النوع الثاني أكثر أنواع السكري شيوعاً. يحدث عندما تصبح خلايا الجسم مقاومة لتأثيرات الأنسولين أو عندما لا يُنتج الجسم كمية كافية منه. يحدث هذا النوع غالباً نتيجة لعوامل وراثية ونمط الحياة غير الصحي، مثل السمنة، وقلة النشاط البدني، والنظام الغذائي غير المتوازن.

ج. سكري الحمل

يُعد سكري الحمل نوعاً مؤقتاً من السكري يظهر أثناء فترة الحمل، ويختفي عادة بعد الولادة. ومع ذلك، فإن النساء المصابات بسكري الحمل يكون لديهن خطر أعلى للإصابة بالسكري من النوع الثاني في وقت لاحق من الحياة.

3. أسباب مرض السكري

تختلف الأسباب باختلاف نوع السكري، لكن هناك عوامل مشتركة تؤدي إلى تطور المرض:

• العوامل الوراثية: إذا كان لديك تاريخ عائلي للإصابة بالسكري، فهذا يزيد من احتمالية إصابتك بالمرض.

• السمنة: تعتبر السمنة من أبرز العوامل المسببة للسكري من النوع الثاني، حيث أن زيادة الدهون في الجسم تؤدي إلى مقاومة الأنسولين.

• النظام الغذائي غير الصحي: تناول كميات كبيرة من السكريات والكربوهيدرات المعالجة يمكن أن يزيد من فرص الإصابة.

• نقص النشاط البدني: قلة الحركة تقلل من قدرة الجسم على استخدام السكر بشكل فعال.

• التقدم في العمر: مع تقدم العمر، يزداد خطر الإصابة بالسكري، خاصة إذا كان الشخص يعاني من السمنة أو قلة النشاط البدني.

4. أعراض مرض السكري

تختلف أعراض مرض السكري حسب نوعه ودرجة تطوره. ومع ذلك، هناك بعض الأعراض الشائعة التي قد تشير إلى الإصابة بالمرض:

• العطش الشديد وجفاف الفم: يعد العطش الزائد من الأعراض الشائعة، حيث يضطر الجسم للتخلص من السكر الزائد عبر البول، مما يؤدي إلى فقدان السوائل.

• التبول المتكرر: نتيجة لارتفاع مستوى السكر في الدم، يعاني الشخص من زيادة في التبول.

• الإرهاق والضعف العام: بسبب نقص الطاقة الناتجة عن عدم قدرة الخلايا على استخدام الجلوكوز بشكل فعال.

• الرؤية الضبابية: يمكن أن يؤدي ارتفاع السكر في الدم إلى تلف الأوعية الدموية في العينين، مما يؤثر على الرؤية.

• فقدان الوزن غير المبرر: خاصة في النوع الأول، قد يحدث فقدان سريع في الوزن رغم تناول الطعام بشكل طبيعي.

• الجروح التي لا تلتئم بسرعة: ارتفاع مستويات السكر في الدم يؤثر على قدرة الجسم على شفاء الجروح.

5. مضاعفات مرض السكري

إذا لم يتم التحكم في مرض السكري بشكل جيد، فإنه يمكن أن يؤدي إلى العديد من المضاعفات الصحية الخطيرة:

أ. مضاعفات القلب والأوعية الدموية

يزيد مرض السكري من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية. حيث يؤدي ارتفاع مستويات السكر في الدم إلى تلف الأوعية الدموية وزيادة احتمالية حدوث انسداد في الشرايين.

ب. مضاعفات الكلى

يمكن أن يؤدي السكري إلى تدهور وظيفة الكلى، حيث تتأثر الأوعية الدموية الصغيرة في الكلى بارتفاع السكر في الدم، مما قد يؤدي في النهاية إلى الفشل الكلوي.

ج. مشاكل العيون

ارتفاع مستوى السكر في الدم يمكن أن يسبب تلف الأوعية الدموية في الشبكية، مما يؤدي إلى مشاكل في الرؤية، وقد يصل الأمر إلى العمى في الحالات المتقدمة.

د. التأثيرات العصبية

يؤدي السكري إلى تلف الأعصاب في الأطراف (الاعتلال العصبي)، مما يسبب تنميلاً وضعفًا في اليدين والقدمين. يمكن أن يؤدي أيضًا إلى مشاكل في الجهاز الهضمي والوظائف الجنسية.

هـ. مشاكل الجلد

يمكن أن يزيد السكري من خطر الإصابة بالتهابات الجلد والأمراض الجلدية المختلفة، مثل التقرحات الجلدية والجروح التي تستغرق وقتًا طويلاً للشفاء.

6. تشخيص مرض السكري

يتم تشخيص مرض السكري عادة من خلال اختبارات الدم لقياس مستوى السكر في الدم. تشمل الاختبارات الشائعة لتشخيص السكري:

• اختبار الجلوكوز الصائم: يتم قياس مستوى السكر في الدم بعد الصيام لمدة 8 ساعات. إذا كان مستوى السكر 126 ملغ/ديسيلتر أو أعلى، يتم تشخيص السكري.

• اختبار تحمل الجلوكوز الفموي: يتم إعطاء الشخص جرعة من السكر، ثم يتم قياس مستوى السكر في الدم بعد ساعتين. إذا كان مستوى السكر أكثر من 200 ملغ/ديسيلتر، يُشخص السكري.

• اختبار HbA1c: يُقيس هذا الاختبار مستوى السكر في الدم على مدار الشهرين إلى الثلاثة أشهر الماضية. إذا كانت النتيجة 6.5% أو أعلى، يتم تشخيص السكري.

7. الوقاية من مرض السكري

بالرغم من أن بعض عوامل خطر مرض السكري تكون وراثية ولا يمكن تجنبها، إلا أن هناك العديد من الإجراءات التي يمكن اتخاذها للوقاية من مرض السكري، خاصة النوع الثاني:

• الحفاظ على وزن صحي: تساعد ممارسة الرياضة بانتظام والحفاظ على وزن صحي في تقليل مقاومة الأنسولين.

• النظام الغذائي المتوازن: تناول الأطعمة الغنية بالألياف، مثل الخضروات والفواكه، وتقليل تناول السكريات والدهون المشبعة.

• ممارسة الرياضة بانتظام: يُنصح بممارسة نشاط بدني معتدل لمدة 30 دقيقة على الأقل يومياً.

• الابتعاد عن التدخين: يزيد التدخين من خطر الإصابة بالسكري وأمراض القلب.

8. علاج مرض السكري

يختلف علاج السكري بحسب نوعه وشدته. يشمل العلاج عادة مزيجاً من الأدوية، والنظام الغذائي، وممارسة الرياضة.

أ. العلاج بالأدوية

• الأنسولين: يستخدم مرضى السكري من النوع الأول والعلاج المتقدم للنمط الثاني الأنسولين للتحكم في مستويات السكر في الدم.

• أدوية خافضة للسكر: تُستخدم بعض الأدوية لتحفيز إنتاج الأنسولين في الجسم أو تحسين قدرة الجسم على استخدام الأنسولين، مثل الميتفورمين.

ب. التغذية السليمة

من المهم أن يلتزم مرضى السكري بنظام غذائي متوازن، يحتوي على كميات كافية من الألياف، والبروتينات، والدهون الصحية، مع تقليل استهلاك السكريات البسيطة.

ج. ممارسة الرياضة

تساعد الرياضة على تحسين قدرة الجسم على استخدام السكر بشكل أكثر فعالية وتساهم في تقليل الوزن الزائد، مما يساعد في التحكم في مستويات السكر في الدم.

9. الخاتمة

يُعد مرض السكري من الأمراض المزمنة التي تتطلب اهتماماً مستمراً. السيطرة على هذا المرض تتطلب تغييراً في نمط الحياة، بما في ذلك اتباع نظام غذائي صحي، ممارسة الرياضة، ومراقبة مستويات السكر بانتظام. إذا تم تشخيص المرض في وقت مبكر وتم اتباع العلاج المناسب، يمكن للمرضى التعايش مع السكري والحد من مضاعفاته.