مراحل خروج الجنين من الرحم

كيف يخرج الجنين: رحلة الولادة

الولادة هي أحد أعظم وأجمل الأحداث في حياة المرأة، إذ تتطلب هذه العملية مجموعة من العمليات الفسيولوجية المعقدة التي تبدأ منذ بداية الحمل وتنتهي بتخليص الجنين من الرحم إلى العالم الخارجي. لكن كيف يخرج الجنين؟ وما هي المراحل التي يمر بها جسم الأم وجنينها قبل وأثناء وبعد عملية الولادة؟ سنستعرض في هذا المقال مراحل الولادة، العوامل المؤثرة فيها، وكيفية حدوث الولادة الطبيعية أو القيصرية.

مرحلة ما قبل الولادة

1. التحضير للولادة

يبدأ الجسم في التحضير للولادة منذ الأسبوع 37 من الحمل تقريبًا، حيث تتغير الهرمونات في جسم المرأة بشكل تدريجي استعدادًا لهذا الحدث الكبير. من هذه التغيرات، تزداد مستويات هرمون الأوكسيتوسين، الذي يحفز انقباضات الرحم. في هذه المرحلة، قد تشعر المرأة بآلام خفيفة في أسفل البطن أو الظهر، وهي ما يُعرف بتقلصات براكستون هيكس، وهي تقلصات غير منتظمة ولا تشير إلى بدء الولادة الفعلي.

2. تغيرات عنق الرحم

أحد التغيرات الجسدية المهمة التي تحدث في هذه الفترة هو التغير في عنق الرحم. يبدأ عنق الرحم في التليين والتوسع ليصبح أكثر استعدادًا لاستقبال الجنين. هذا التوسع يعد من أهم العلامات التي تدل على قرب موعد الولادة. عندما يتسع عنق الرحم ليصل إلى 10 سم، يكون ذلك دليلاً على أن الولادة قد بدأت بشكل فعلي.

3. نزول الجنين إلى الحوض

قبل بدء مرحلة الولادة الفعلية، ينزل الجنين إلى الحوض، وهو ما يُعرف ب”النزول” أو “التهبط”. هذا الوضع يسهل عملية الولادة، حيث يصبح الجنين أقرب إلى عنق الرحم. قد تشعر المرأة في هذه المرحلة بضغوط على المثانة، مما يسبب زيادة في الحاجة للتبول.

مرحلة المخاض

المخاض هو المرحلة التي تبدأ فيها التقلصات الرحمية بشكل منتظم وقوي. هذه التقلصات تساهم في دفع الجنين نحو القناة المهبلية، وتبدأ مرحلة المخاض عادة عندما يكون الجنين جاهزًا للخروج إلى العالم الخارجي.

1. بداية المخاض

يحدث المخاض عندما يبدأ هرمون الأوكسيتوسين في زيادة انقباضات الرحم. وتتمثل أولى علامات المخاض في حدوث تقلصات منتظمة، وهي تقلصات تشعر بها الأم كآلام حادة ومتقطعة في أسفل البطن أو الظهر. مع مرور الوقت، تصبح هذه التقلصات أقوى وأطول.

2. مرحلة الانفتاح

هذه المرحلة تعرف أيضًا بمرحلة “الطرد”. في هذه المرحلة، يعمل الرحم على التوسع لتمكين الجنين من الخروج عبر القناة المهبلية. يكون عنق الرحم قد توسع بالفعل حتى يصل إلى 10 سم، وهي المسافة الكافية لخروج الجنين. في هذه الأثناء، قد تشعر الأم بألم شديد، ولكن مع تقدم التقلصات، يبدأ الضغط على الجنين ليقترب من المهبل.

3. مرحلة الدفع

في هذه المرحلة، تكتمل عملية التوسع، ويبدأ الجنين في النزول بشكل تدريجي عبر قناة الولادة. هنا يأتي دور دفع الأم، حيث تكون التقلصات قوية لدرجة أن الأم تحتاج إلى دفع الجنين إلى الخارج. تساعد العضلات الداعمة للرحم والمهبل في هذه العملية، وعادة ما يصاحبها إحساس بالضغط الشديد في منطقة الحوض.

لحظة خروج الجنين

1. خروج الرأس

أهم مرحلة في الولادة هي خروج رأس الجنين. خلال هذه المرحلة، قد تكون هناك لحظة من التوتر، حيث يمر رأس الجنين عبر القناة المهبلية. في بعض الحالات، قد تكون هناك حاجة إلى مساعدة إضافية من الطبيب مثل إجراء شق العجان (التي تعتبر خطوة وقائية لتوسيع الفتحة المهبلية) أو استخدام ملقط الولادة إذا كانت هناك صعوبة في مرور الرأس. عندما يخرج رأس الجنين، يتنفس الطفل أول نفس له ويبدأ في الحياة خارج الرحم.

2. خروج باقي الجسد

بعد خروج الرأس، تنزلق باقي أجزاء جسم الجنين عبر القناة المهبلية بشكل أسرع. في هذه اللحظة، يكون قد تم انتقال الجنين إلى العالم الخارجي، ويمكن للطبيب أن يلتقط الجنين ويضعه في أحضان الأم أو على صدرها لتبدا مرحلة الرباط العاطفي بينهما. قد يصاحب عملية الولادة إطلاق السائل الأمينوسي، وهو السائل الذي كان يحيط بالجنين داخل الرحم، ويمكن أن يُشاهد بعد خروج الطفل.

بعد الولادة: مرحلة ما بعد المخاض

1. فصل الحبل السري

بعد أن يتم خروج الجنين، لا تزال مرحلة مهمة من الولادة تحتاج إلى العناية. الحبل السري، الذي كان يمد الجنين بالغذاء والأوكسجين خلال فترة الحمل، يجب فصله بعد الولادة. في هذه المرحلة، يتم قطع الحبل السري بعناية، وعادة ما يُحتفظ بجزء من الحبل السري لإجراء الفحوصات الطبية أو تخزينه لاستخدامه في المستقبل إذا لزم الأمر.

2. خروج المشيمة

بعد ولادة الجنين، تظل المشيمة في الرحم ويجب أن تخرج أيضًا. يحدث هذا في مرحلة لاحقة من الولادة، حيث تبدأ انقباضات الرحم في طرد المشيمة من خلال القناة المهبلية. قد تكون هذه المرحلة أقل إيلامًا من المرحلة الأولى للولادة، ولكنها لا تزال تتطلب العناية الطبية. المشيمة هي الجزء الذي يربط الأم بالجنين خلال الحمل، وتعمل على توفير الغذاء والأوكسجين للجنين.

3. استعادة الجسم بعد الولادة

بعد مرور الولادة بنجاح، يبدأ جسم الأم في التكيف مع حالته الجديدة. يبدأ الرحم في العودة إلى حجمه الطبيعي، مما قد يصاحبه بعض الآلام التي يمكن تخفيفها بالراحة أو الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب. في هذه المرحلة، تبدأ الأم في الرضاعة الطبيعية، ويبدأ الجنين في التكيف مع الحياة خارج الرحم.

أنواع الولادة: طبيعية وقيصرية

1. الولادة الطبيعية

الولادة الطبيعية هي النوع الأكثر شيوعًا، وتحدث عندما يتمكن الجنين من الخروج من الرحم دون الحاجة إلى تدخل جراحي. في هذه الحالة، يمر الجنين عبر القناة المهبلية. قد تتطلب الولادة الطبيعية مساعدة طبية مثل استخدام أدوات طبية لتسهيل عملية الولادة، ولكن عادة ما تكون بدون تدخلات كبيرة.

2. الولادة القيصرية

في بعض الحالات، قد تكون الولادة القيصرية ضرورية إذا كانت الولادة الطبيعية غير ممكنة أو محفوفة بالمخاطر. تتضمن الولادة القيصرية إجراء جراحة يتم فيها شق البطن والرحم لاستخراج الجنين. تُستخدم الولادة القيصرية عادة عندما يكون الجنين في وضع غير مناسب، أو إذا كانت هناك مشاكل صحية للأم أو الجنين.

العوامل المؤثرة في الولادة

تتأثر عملية الولادة بعدد من العوامل المختلفة، التي تشمل صحة الأم، وحجم الجنين، ووضعه في الرحم، والحالة النفسية للأم. فالأمهات اللواتي يعانين من مشاكل صحية مثل ارتفاع ضغط الدم أو السكري قد يواجهن صعوبة أكبر أثناء الولادة. كما أن الوضعية التي يتخذها الجنين داخل الرحم (مثل وضعية المقعدة أو العرضية) قد تؤثر على نوع الولادة.

الختام

الولادة هي عملية معقدة ومهمة، تجمع بين العديد من التغيرات البيولوجية والفيزيولوجية التي تتيح للجنين الخروج من رحم أمه. سواء كانت الولادة طبيعية أو قيصرية، فإنها تمثل لحظة فارقة في حياة كل من الأم والطفل.