الحكّة عند الحامل: أسبابها، وطرق علاجها
تعد فترة الحمل واحدة من أكثر الفترات التي تشهد تغييرات جسدية وهرمونية كبيرة في حياة المرأة. هذه التغيرات قد تؤدي إلى ظهور العديد من الأعراض الجانبية غير المريحة، ومن بينها الحكّة أو الحكة الجلدية التي تصيب الكثير من النساء الحوامل. قد تكون هذه الحكّة مؤقتة وطبيعية في معظم الحالات، ولكن في بعض الأحيان قد تشير إلى مشاكل صحية تتطلب متابعة طبية. في هذا المقال، سنستعرض أسباب الحكّة أثناء الحمل، وكيفية التعامل معها وطرق علاجها.
أولاً: أسباب الحكّة أثناء الحمل
1. التغيرات الهرمونية
أحد أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الحكّة أثناء الحمل هو التغيرات الهرمونية الكبيرة التي تحدث في جسم المرأة الحامل. مع بدء الحمل، تتغير مستويات الهرمونات مثل هرمون الاستروجين والبروجستيرون، مما يؤثر بشكل مباشر على صحة الجلد. زيادة مستويات هذه الهرمونات تؤدي إلى تمدد الجلد بسرعة أكبر ليتناسب مع نمو الجنين، مما قد يسبب الجفاف والحكّة.
2. تمدد الجلد
خلال فترة الحمل، يبدأ جسم المرأة في التمدد بشكل ملحوظ لاستيعاب الجنين المتنامي. يتسبب هذا التمدد في حدوث ضغط على الجلد، ما يؤدي إلى الشعور بالحكّة وخاصة في منطقة البطن والفخذين والثديين. الجلد يمكن أن يصبح جافاً ومتشققا في هذه المناطق مما يزيد من شدة الحكة.
3. جفاف الجلد
يعتبر جفاف الجلد أحد الأسباب الشائعة للحكة أثناء الحمل. مع التغيرات الهرمونية وزيادة مستويات الدم في الجسم، قد يصاب الجلد بالجفاف. ويؤدي الجفاف إلى قلة الرطوبة في الجلد، مما يعزز من الشعور بالحكة. كما أن التغيرات في مستوى السوائل في الجسم قد تجعل الجلد أقل مرونة وأكثر عرضة للحكة.
4. التغيرات المناعية
نظام المناعة لدى المرأة الحامل يشهد تغيرات خلال الحمل، حيث يصبح أكثر نشاطاً لمكافحة أي عوامل خارجية قد تهدد صحة الجنين. هذه التغيرات المناعية قد تؤدي إلى تفاعلات جلدية، مما يسبب الحكة. إضافة إلى ذلك، قد يحدث تفاعل تحسسي لبعض المواد التي تلامس الجلد مثل مستحضرات التجميل أو الملابس التي تحتوي على مواد صناعية.
5. التهاب الجلد المزمن
بعض النساء الحوامل قد يعانين من أمراض جلدية مزمنة مثل الإكزيما أو الصدفية التي قد تتفاقم أثناء الحمل. هذه الأمراض قد تزيد من تهيج الجلد وتسبب الحكة المزعجة. في مثل هذه الحالات، قد تكون الحكّة شديدة لدرجة تتطلب علاجاً متخصصاً.
6. تأثيرات زيادة الوزن
زيادة الوزن التي ترافق الحمل قد تسبب ضغطاً على الجلد، مما يؤدي إلى ظهور علامات التمدد في بعض الأماكن مثل البطن والفخذين. هذا التمدد السريع يؤدي إلى الشعور بالحكة نتيجة تمدد الأنسجة الجلدية بشكل مفاجئ.
7. الكبد والبنكرياس
في بعض الحالات، يمكن أن تشير الحكّة المستمرة إلى مشاكل صحية أعمق تتعلق بالكبد أو البنكرياس. على سبيل المثال، قد تعاني بعض النساء من حالة تُسمى “الحكة الحمليّة” (Pruritic Urticarial Papules and Plaques of Pregnancy)، التي تتسبب في ظهور طفح جلدي وحكة مفرطة. في بعض الحالات النادرة، قد يكون ذلك نتيجة لحالة مرضية تعرف بـ “التهاب الكبد الحملي” التي تتطلب علاجاً فوريًا.
8. الحمل بتوأم
في حالة الحمل بتوأم أو الحمل بعدد كبير من الأجنة، تكون الهرمونات في الجسم أكثر ارتفاعًا، مما يزيد من تمدد الجلد وحكة الجسم بشكل عام. كما أن زيادة حجم الرحم والضغط على الأنسجة قد تؤدي إلى حدوث الحكّة.
ثانياً: طرق علاج الحكّة أثناء الحمل
1. استخدام مرطبات الجلد
من أكثر الطرق الفعّالة للتعامل مع الحكّة هي ترطيب الجلد بانتظام باستخدام كريمات أو زيوت مرطبة. يفضل استخدام مرطبات طبيعية خالية من المواد الكيميائية مثل الزيوت النباتية أو الكريمات التي تحتوي على الألوفيرا أو زيت جوز الهند. يجب أن تكون هذه المرطبات خفيفة وتناسب البشرة الحساسة.
2. تجنب المواد المسببة للحساسية
إذا كنتِ تعرفين أن بعض المواد قد تسبب لكِ تفاعلات تحسسية، من المهم تجنبها أثناء الحمل. قد تشمل هذه المواد بعض المستحضرات التجميلية أو الصابون القاسي الذي يسبب جفاف الجلد. يفضل استخدام منتجات مخصصة للبشرة الحساسة أو التي تحتوي على مكونات طبيعية.
3. الاستحمام بالماء البارد أو الدافئ
تجنب الاستحمام بالماء الساخن الذي قد يزيد من جفاف الجلد. بدلاً من ذلك، يفضل الاستحمام بماء دافئ أو بارد للمساعدة في تهدئة الجلد. يمكن إضافة بعض الزيوت الطبيعية إلى ماء الاستحمام مثل زيت اللافندر أو زيت جوز الهند لتهدئة الجلد وتخفيف الحكة.
4. ارتداء ملابس قطنية
اختيار الملابس المناسبة أثناء الحمل يعد من الأمور المهمة للحد من الحكّة. يُنصح بارتداء ملابس قطنية فضفاضة تسمح للبشرة بالتنفس ولا تسبب أي تهيج للجلد. الملابس التي تحتوي على ألياف صناعية قد تؤدي إلى زيادة الحكّة وتهيج الجلد.
5. شرب كميات كافية من الماء
من المهم أن تبقى الحامل مرطبة طوال فترة الحمل. شرب كميات كبيرة من الماء يساعد على الحفاظ على رطوبة الجلد ومنع جفافه. كما أن تناول الأطعمة الغنية بالماء مثل الفواكه والخضروات يمكن أن يساهم في تقليل جفاف الجلد.
6. استخدام المستحضرات الطبية
في حال كانت الحكّة شديدة أو مصحوبة بطفح جلدي أو مشاكل صحية أخرى، قد يوصي الطبيب باستخدام بعض الكريمات أو المراهم التي تحتوي على الستيرويدات الخفيفة أو مضادات الهيستامين. لكن يجب استشارة الطبيب قبل استخدام أي دواء للتأكد من سلامته على الحمل.
7. العلاج الطبي لحالات معينة
في بعض الحالات النادرة التي تكون فيها الحكّة ناتجة عن مشكلة صحية أعمق مثل التهاب الكبد الحملي، يحتاج الأمر إلى علاج طبي متخصص. يجب استشارة الطبيب فوراً في حال ظهور أي أعراض غير عادية أو إذا كانت الحكّة مصحوبة بأعراض أخرى مثل اصفرار الجلد أو العيون، حيث قد تشير هذه الأعراض إلى وجود مشكلة في الكبد.
ثالثاً: الوقاية من الحكّة أثناء الحمل
1. الحفاظ على وزن صحي
من خلال الحفاظ على وزن صحي ومتوازن أثناء الحمل، يمكن تقليل الضغط على الجلد وتقليل احتمالية حدوث الحكة الناتجة عن تمدد الجلد السريع.
2. تناول غذاء غني بالعناصر الغذائية
الحفاظ على نظام غذائي صحي غني بالفيتامينات والمعادن، خصوصاً الفيتامينات A وE التي تساهم في صحة الجلد، يمكن أن يساعد في تقليل جفاف الجلد ومن ثم تقليل الحكّة.
3. الراحة الجسدية والنفسية
تجنبي الضغوط النفسية والبدنية، حيث أن الإرهاق يمكن أن يزيد من شدة الحكّة. تأكدي من أخذ قسط كافٍ من الراحة والنوم للحفاظ على صحة جسمك.
4. مراجعة الطبيب بانتظام
الزيارة المنتظمة للطبيب أثناء الحمل تساعد في متابعة أي تغييرات قد تطرأ على صحتك وصحة جنينك، مما يمكن أن يساعد في اكتشاف أي مشاكل جلدية أو صحية مبكراً قبل أن تتفاقم.
خاتمة
الحكّة أثناء الحمل هي مشكلة شائعة يعاني منها العديد من النساء، وعلى الرغم من أنها عادة ما تكون غير ضارة، إلا أنه من المهم مراقبة الأعراض بعناية. إذا كانت الحكّة شديدة أو مصحوبة بأعراض أخرى غير معتادة، من الضروري استشارة الطبيب للتأكد من عدم وجود أي مشاكل صحية خطيرة. استخدام المرطبات، تجنب المثيرات الجلدية، والحفاظ على رطوبة الجسم هي من الطرق الفعّالة للتخفيف من هذه المشكلة.
