في العدد 51 من “الثقافة النفسية المتخصصة”، يقدم جماعة من الباحثين خريطة شاملة للمقارنة بين النظريات المتعلقة بالطبيعة الإنسانية وحالة الصحة والمرض في الجسم البشري، وكيفية عودة أسبابها إلى البيئة أو الوراثة. يتناول الكتاب تفاصيل حول الاتجاهات المختلفة في تفسير الأمراض والصفات الوراثية، ويسلط الضوء على الصراعات والتناقضات بين الفهم البيئي والوراثي.
في بداية الكتاب، يُسلط الضوء على وجهات نظر أصحاب البيئة الذين يربطون الأمراض بعوامل البيئة المحيطة بالإنسان، مثل الفيروسات والعدوى وجودة الهواء والماء. يُشدد على كيفية تفسيرهم لانتشار الأوبئة والأمراض المعدية في سياق التغيرات البيئية وتدهورها، وكيف يُعتبرون أن عدم قدرة الجسم على التكيف مع هذه التغيرات يؤدي إلى الإصابة بالأمراض.
من ناحية أخرى، يستعرض الكتاب وجهات نظر أصحاب الوراثة والجينات، الذين يعزون الأمراض إلى وجودها كمشكلات وراثية مدفونة في جينات الفرد. يتحدث الباحثون عن جهودهم في مجال الهندسة الوراثية لمعالجة هذه الأمراض من خلال التدخل في المراحل الأولى لتكوين الجنين في بطن الأم.
وفي هذا السياق، يظهر الكتاب بوضوح السوء الفهم الحاصل في الوقت الحالي بين العلماء حيال آليات نقل الصفات الوراثية. يتطرق إلى بدايات هذا الفهم مع عالم الوراثة كريكلور في عام 1865، ويعرض تاريخ السوء في التفاهم العلمي الذي بدأ في ذلك الحين.
ويسلط الكتاب الضوء على تجربة مونتانيو، الذي اعتبر في البداية أنه ورث حالته الصحية عن والده، لكن بعد دراسة نظريات مندل بشكل دقيق، أدرك أن الوراثة ليست بالضرورة نقلًا مباشرًا للأمراض، بل إنه يرث جزئيات صفية قد تظهر في ظروف محددة.
وفي النهاية، يتساءل الكتاب عن مدى صحة هذه الخريطة، مشيرًا إلى أن هناك سوء فهم كبير يعاني منه العلماء اليوم وكذلك العلماء في الماضي. يستعرض تطور الفهم العلمي حول الجينات والوراثة، ويناقش كيف يجب أن يكون التفكير الحالي أكثر تقدمًا وتفصيلاً لفهم التفاعلات المعقدة بين الوراثة والبيئة في تحديد حالة الصحة والمرض لدى الإنسان.
هذا الكتاب الرائع الذي يحمل عنوان “الجينات والمرض النفسي” يقدم للقارئ فهمًا شاملاً وفريدًا للتفاعلات المعقدة بين البيئة والوراثة في تحديد الصحة والمرض النفسي.