الجنين في الشهر السادس: مراحل النمو والتطور
في الشهر السادس من الحمل، يكون الجنين قد قطع شوطًا طويلًا في تطوره ونموه. فهو الآن في مرحلة متقدمة من تكوين الأعضاء والأنسجة، حيث تبدأ ملامحه في الظهور بشكل أكثر وضوحًا، ويبدأ في التفاعل مع البيئة المحيطة به في رحم أمه. يتسم هذا الشهر بكونه من الفترات الحاسمة في الحمل، إذ إنه يشهد تغييرات كبيرة سواء من حيث حجم الجنين أو تطور أعضائه الحيوية. يمر الجنين في هذه المرحلة بعدة مراحل من النمو التي تهيئه للحياة خارج الرحم، وفيما يلي نستعرض مختلف جوانب تطور الجنين في الشهر السادس من الحمل.
تطور حجم الجنين في الشهر السادس
في بداية الشهر السادس، يكون الجنين في مرحلة نمو سريعة. يبلغ طول الجنين في هذا الشهر حوالي 30 سنتيمترًا، ويزن ما بين 500 إلى 600 جرام تقريبًا. بالنظر إلى هذه الأرقام، نجد أن الجنين يتضاعف حجمًا مقارنة بالشهر الخامس من الحمل، ويستمر في الزيادة من حيث الوزن والطول طوال الشهر السادس.
تجدر الإشارة إلى أن الجنين في هذا الشهر لا يزال في مرحلة تكوين الأنسجة والعضلات بشكل أساسي، ولكن جسمه يتخذ شكلًا أكثر تطورًا، حيث تبدأ ملامحه في الظهور بشكل أكثر وضوحًا. تبدأ عظامه في التصلب، لكنه لا يزال لا يمتلك القوة الكافية لمغادرة رحم الأم.
تطور الأعضاء الداخلية
في الشهر السادس من الحمل، تستمر الأعضاء الداخلية للجنين في النمو والوظيفة بشكل ملحوظ. على سبيل المثال، تبدأ الرئتين في التكوين، لكنها لا تعمل بشكل كامل بعد. ومع ذلك، تبدأ خلايا الرئة في إنتاج مادة تعرف باسم “السطحي الرئوي” (surfactant)، وهي مادة مهمة لعملية التنفس.
الرئتان في هذه المرحلة لا تزالان غير جاهزتين للتنفس خارج الرحم، لكنها تبدأ في الاستعداد لذلك في حال الولادة المبكرة. تزداد أيضًا كفاءة القلب، حيث يبدأ في ضخ الدم بشكل أكثر انتظامًا في جميع أنحاء جسم الجنين، ما يساعد على نمو الأنسجة والأعضاء.
تطور الجهاز العصبي والدماغ
الجهاز العصبي للجنين يستمر في التطور بشكل متسارع في الشهر السادس. الدماغ يبدأ في أخذ شكل أكثر تعقيدًا حيث يتزايد نمو خلايا الدماغ بشكل ملحوظ. يمكن للجنين في هذه المرحلة أن يتفاعل مع الأصوات ويشعر ببعض الإحساسات من البيئة المحيطة به، مثل الأصوات التي يسمعها من خلال جدار الرحم أو الضوء الذي قد يخترق الرحم عند تعرض الأم للضوء الساطع.
كما يبدأ الجنين في تطوير بعض التفاعلات الحركية؛ فقد يبدأ في تحريك يديه أو قدميه، مما يعكس نمو عضلاته وأعصابه. يمكن للأم أن تشعر بهذه الحركات بشكل واضح في الشهر السادس، وهي من أكثر اللحظات سعادة وتوقعًا في مرحلة الحمل.
تطور الأعضاء الحسية
خلال الشهر السادس من الحمل، يبدأ الجنين في تطوير حواسه بشكل متقدم. في هذا الوقت، يكون الجنين قادرًا على التفاعل مع المحفزات الخارجية إلى حد ما. على سبيل المثال، إذا تعرض للضوء القوي من الخارج، قد يبدأ في التحرك بعيدًا عن مصدر الضوء. كما يستطيع الجنين أيضًا أن يشعر ببعض الحوافز الصوتية، حيث يكون السمع لديه قد تطور بشكل نسبي.
ومن جهة أخرى، فإن تطور حاسة اللمس لدى الجنين يظهر من خلال تحركاته المستمرة في الرحم. يشعر الجنين بحركة المشيمة والسائل الأمنيوسي، ويبدأ في استخدام هذه الحركات لتدريب عضلاته وأعصابه، وهو ما يعزز قدراته الحركية.
تطور جلد الجنين
في الشهر السادس، يكون جلد الجنين رقيقًا جدًا ويغطيه طبقة من الدهون تعرف بـ “الزهم” (vernix caseosa). هذه المادة دهنية تساعد في حماية جلد الجنين من السائل الأمنيوسي وتساعده في الحفاظ على درجة حرارته. كما تكون الطبقة الجلدية شفافة، ويمكن رؤية الأوعية الدموية من خلالها بوضوح. يتغير لون الجلد تدريجيًا ليصبح أكثر سماكة مع مرور الأسابيع.
وبحلول نهاية الشهر السادس، يبدأ الشعر الرقيق الذي يغطي جسم الجنين بالنمو، ولكن يكون نموه غير مكتمل، وقد يظهر الجنين مع بعض الشعر الخفيف على رأسه وجسمه.
تطور العيون والرؤية
في الشهر السادس، تبدأ العيون في النمو بشكل أكثر وضوحًا. على الرغم من أن الجفن لا يزال مغلقًا بشكل كامل، إلا أن العينين تتطوران بشكل جيد في هذه المرحلة، ويمكنهما التفاعل مع الضوء. تبدأ الشبكية في النمو وتنضج، ما يسمح للجنين بالتفاعل مع التغيرات في الإضاءة خارج الرحم. وعلى الرغم من أن الرؤية غير ممكنة بشكل كامل في هذا الوقت، فإن العيون تبدأ في اكتساب القدرة على الشعور بالضوء والظلام.
تطور الجهاز الهضمي
الجهاز الهضمي في الشهر السادس يكون قد تطور بشكل جزئي. يبدأ الجنين في ابتلاع السائل الأمنيوسي، وهو ما يساعد في تطوير الجهاز الهضمي. يقوم الجنين أيضًا بامتصاص بعض المواد المغذية من السائل الأمنيوسي، مما يساعد في توفير العناصر الغذائية اللازمة لنموه المستمر. مع نهاية الشهر السادس، يبدأ الجنين في تخزين الدهون داخل جسمه، مما يساعده في الحفاظ على الحرارة بعد الولادة.
حركة الجنين في الشهر السادس
تعد الحركة أحد أهم معالم الشهر السادس. تبدأ الأم بالشعور بحركات الجنين بشكل منتظم، حيث يقوم الجنين بالتحرك داخل الرحم، وتصبح هذه الحركات أكثر وضوحًا. قد تشمل الحركات الركل، والتمدد، واللف، والشعور بالحركات التي تنتقل من جهة إلى أخرى. هذه الحركات تعد علامة على تطور الجنين وقدرته على تحريك أطرافه بشكل أكبر، حيث تصبح العضلات والأعصاب أكثر تنسيقًا.
التغيرات التي تحدث للأم في الشهر السادس
أثناء الشهر السادس من الحمل، تشهد الأم أيضًا تغيرات ملحوظة في جسمها. يبدأ بطنها في النمو بشكل أكبر، مما قد يؤدي إلى الشعور ببعض التوتر أو الضغط على الظهر. قد تعاني المرأة من بعض الأعراض مثل حرقة المعدة أو الأرق، بالإضافة إلى آلام في البطن بسبب التمدد المستمر للرحم.
الخاتمة
يعتبر الشهر السادس من الحمل مرحلة حاسمة في تطور الجنين، حيث يشهد نموًا وتطورًا ملحوظًا في الأعضاء والأنسجة. يصبح الجنين في هذه المرحلة أقرب من أي وقت مضى إلى الاستعداد للحياة خارج الرحم. وتستمر أعضاؤه في النمو والتكامل، ما يجعله قادرًا على التفاعل مع البيئة المحيطة به بشكل أكبر، بينما تواصل الأم تحمل التغيرات الجسدية المصاحبة لهذا الشهر الهام في فترة الحمل.
