كتاب “Adolescent Sexuality in Contemporary America: Personal Values and Sexual Behavior, Ages Thirteen to Nineteen” (الجنسية في سن المراهقة في أمريكا المعاصرة: القيم الشخصية والسلوك الجنسي، الأعمار من ثلاثة عشر إلى تسعة عشر)، هو عمل بحثي نشره الباحث روبرت سي سورنسن في يناير 1973 عن دار نشر “World Publishing”. يتناول هذا الكتاب موضوعًا حساسًا وشائكًا وهو الجنس في مرحلة المراهقة في الولايات المتحدة خلال حقبة السبعينيات، مركزًا على السلوك الجنسي والقيم الشخصية المرتبطة به لدى المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و19 عامًا.
أهمية الكتاب تأتي من كونه يطرح موضوعًا كان يعد في تلك الفترة حديثًا نسبيًا وغير تقليدي بالنسبة لدراسات السلوك البشري والمجتمعي. فالسبعينيات كانت فترة تميزت بالتغيرات الاجتماعية الكبيرة في الولايات المتحدة، بما في ذلك الحركات المرتبطة بالتحرر الجنسي وزيادة الاهتمام بالقضايا الشخصية والنفسية، حيث بدأت المجتمعات تتحدث بصراحة أكبر عن مواضيع مثل الجنس والهوية الشخصية.
ينظر الكتاب في السلوكيات والقيم التي يؤمن بها الشباب المراهقون وكيف تؤثر هذه القيم على قراراتهم المتعلقة بالجنس. يعتمد سورنسن على مجموعة من الدراسات والبيانات الاجتماعية ليحلل العوامل التي تؤثر في السلوك الجنسي لدى المراهقين، بدءًا من القيم العائلية والدينية، وصولاً إلى تأثير وسائل الإعلام والضغوط المجتمعية. كما يستكشف تأثير المعتقدات الثقافية والسياسية على فهم المراهقين للجنس، ويحلل كيف كانت تلك التأثيرات مرتبطة بالتغيرات الاجتماعية الكبرى في تلك الفترة.
من الجوانب المهمة التي يركز عليها الكتاب هو الفرق بين القيم الشخصية التي يتبناها المراهقون وما يترجمونه من تلك القيم إلى سلوكيات فعلية. هذه الفجوة بين القيم والسلوك كانت محط اهتمام الباحثين في مجالات علم النفس والاجتماع، حيث تعتبر مهمة لفهم كيفية توجيه الشباب لقراراتهم في الحياة الواقعية.
القيم الشخصية وتأثيرها على السلوك الجنسي
يتطرق الكتاب إلى فكرة القيم الشخصية لدى المراهقين، والتي تشكل الأساس لكيفية تعاملهم مع المسائل الجنسية. يوضح سورنسن أن القيم ليست ثابتة، بل هي نتاج تفاعل معقد بين التربية الأسرية، التعليم، والبيئة الاجتماعية. المراهقون في هذه المرحلة العمرية يمرون بتغيرات جسدية وعاطفية تؤثر على فهمهم للجنس وأدوارهم في العلاقات الاجتماعية.
في حين أن بعض المراهقين قد يتمسكون بالقيم التقليدية المتعلقة بالعفة وتأجيل العلاقات الجنسية حتى الزواج، فإن البعض الآخر قد يتبنى قيمًا أكثر ليبرالية تتماشى مع تيار التحرر الجنسي المتنامي في ذلك الوقت. يؤكد الكتاب أن التربية والبيئة العائلية تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل هذه القيم، حيث أن العائلات المتحفظة قد تنتج مراهقين لديهم تصورات مختلفة تمامًا عن العائلات التي تنفتح على مناقشة هذه المواضيع بصراحة.
السلوك الجنسي بين النظرية والتطبيق
أحد أهم المحاور في الكتاب هو التناقض بين ما يؤمن به المراهقون وما يقومون به فعليًا. يشير سورنسن إلى أن العديد من المراهقين يعبرون عن قناعات وقيم تتعلق بأهمية الحفاظ على العذرية أو انتظار الوقت المناسب لممارسة الجنس، ولكن في الواقع، تتغير هذه السلوكيات تحت تأثير الضغوط الاجتماعية أو العاطفية. يبين الكتاب أن المراهقين يتأثرون إلى حد كبير بالمحيطين بهم، بما في ذلك أصدقاؤهم والشركاء العاطفيين.
كما يُلفت الانتباه إلى دور وسائل الإعلام في تشكيل تصور المراهقين حول الجنس. كانت السبعينيات فترة شهدت طفرة في الإنتاج الإعلامي الذي تناول موضوعات الجنس بشكل أكثر انفتاحًا، مما خلق تصورات متباينة لدى الشباب حول السلوكيات المقبولة أو المحظورة.
تأثير المجتمع والسياسة
لا يمكن فهم السلوك الجنسي للمراهقين في تلك الحقبة دون النظر إلى السياق الاجتماعي والسياسي الذي عاشوا فيه. يوضح سورنسن أن حركة التحرر الجنسي التي انتشرت في الولايات المتحدة في فترة الستينيات والسبعينيات كان لها تأثير كبير على إعادة تشكيل القيم المتعلقة بالجنس. تغيرت المواقف العامة نحو العديد من القضايا، بما في ذلك تنظيم الأسرة، حقوق المرأة، والعلاقات بين الجنسين. كما أن صعود الحركات المناهضة للعادات الاجتماعية القديمة ساعد في دفع المراهقين نحو البحث عن طرق جديدة لتحديد هويتهم الجنسية.
الأهمية المعاصرة للكتاب
على الرغم من أن الكتاب صدر في السبعينيات، إلا أن محتواه لا يزال ذا صلة بفهم ديناميكيات السلوك الجنسي لدى الشباب اليوم. العديد من القضايا التي يناقشها سورنسن، مثل الفجوة بين القيم والسلوك، لا تزال محل اهتمام الباحثين وعلماء الاجتماع في مجالات دراسات الشباب والصحة الجنسية. كما أن الكتاب يعتبر مرجعًا لفهم كيفية تطور النقاشات المتعلقة بالجنس في المجتمع الأمريكي.
في الختام، يقدم كتاب “Adolescent Sexuality in Contemporary America” صورة شاملة ومعمقة عن كيفية تطور سلوكيات وقيم المراهقين الجنسية في فترة السبعينيات، وهو مرجع قيم لفهم التحولات الاجتماعية والثقافية التي شكلت هذه الفترة.