الثمانية: رواية تاريخية وتشويقية تعبر بين الأزمنة والأسرار

العنوان: “الثمانية: رواية”
المؤلف: كاثرين نيفيل
الناشر: بالانتين بوكز
تاريخ النشر: يونيو 1997

رواية “الثمانية” التي ألفتها كاثرين نيفيل، تصدرت مشهد الأدب العالمي في أواخر التسعينات، مقدمةً مزيجاً من الإثارة والتشويق، والتاريخ، والألغاز، في إطار سردي مثير يجذب القارئ إلى عالم من الأسرار القديمة والمغامرات المليئة بالتشويق. الرواية تدور في إطار زمني مزدوج، حيث تتناول أحداثها فترتين زمنيتين متباعدتين، مما يمنحها عمقاً تاريخياً وتركيبة سردية فريدة.

ملخص الرواية:

نيويورك، 1972:
تدور أحداث الرواية حول كاثرين فيليس، وهي امرأة تعمل كخبيرة كمبيوتر في إحدى الشركات الكبرى. كاثرين هي أيضاً هاوية في الرياضيات والشطرنج. قبل مغادرتها إلى مهمة جديدة في الجزائر، تزور كاثرين عرافة لتقرأ كفها، حيث تحذرها العرافة من خطر قادم. بعد ذلك، يقترب منها تاجر تحف ليعرض عليها عرضاً غامضاً: عميل مجهول يسعى لجمع قطع من خدمة شطرنج قديمة، والتي يُزعم أنها موجودة في الجزائر. إذا تمكنت كاثرين من إحضار هذه القطع، فإنها ستتلقى مكافأة سخية.

الجنوب الفرنسي، 1790:
تعود الرواية إلى الفترة الثورية في فرنسا، حيث تركز على ميشيل دي ريمي وابنة عمها فالنتين، وهما مبتدأتان في دير مونجلان، الذي يتمتع بحصانة قوية ويقع في جنوب فرنسا. مع احتدام الثورة الفرنسية، تشعر الفتاتان بالقلق من الحياة المقيّدة التي يعيشونها في الدير. ويكتشفن أن الدير يحتوي على قطع من خدمة شطرنج قديمة كانت تعود إلى شارلمان. تُعتبر هذه الخدمة غامضة، ولمن يعيد تجميع قطعها، يُقال إن لديه القدرة على لعب لعبة ذات قوة غير محدودة. للحفاظ على سرية اللعبة ومنع أولئك الذين قد يسيئون استخدامها، تقرر الفتاتان تفريق القطع في جميع أنحاء العالم.

تحليل الرواية:

تقدم رواية “الثمانية” مزيجاً من الأحداث التاريخية المثيرة والمغامرات المعاصرة، مما يخلق تجربة قراءة متعددة الأبعاد. التسلسل الزمني المزدوج الذي تعتمده الرواية يعزز من تشويق القارئ، حيث يجري سرد الأحداث الماضية والحاضرة بشكل متوازي، مما يمنح الرواية بنية سردية معقدة وغنية.

البُعد التاريخي:
الرواية تُبرز فترة الثورة الفرنسية، وتعرض الحياة داخل الأديرة في تلك الفترة، مما يعكس بدقة الواقع الاجتماعي والسياسي في نهاية القرن الثامن عشر. يتيح هذا البُعد التاريخي للقارئ التعرف على تفاصيل الحياة اليومية في ذلك العصر، وكذلك على تأثير الأحداث الثورية على الأفراد والمجتمعات.

بُعد الألغاز:
الأسرار المحيطة بخدمة الشطرنج القديمة تضيف بعداً مميزاً للرواية. يتعامل الكتاب مع فكرة أن هذه القطع تحمل قوة غير عادية، مما يعزز من عنصر الإثارة والغموض. تُعتبر لعبة الشطرنج رمزاً للذكاء والاستراتيجية، ويستخدمها الكاتب لربط الأحداث والأشخاص عبر الزمن بطريقة مثيرة ومليئة بالتحديات.

بُعد التشويق:
تدور أحداث الرواية بين مشاهد تاريخية ومواقف معاصرة، حيث تسعى الشخصيات لاكتشاف وفك الألغاز المرتبطة بخدمة الشطرنج. هذه الانتقالات بين الأزمنة والأماكن المختلفة تزيد من عمق الرواية وتبقي القارئ على حافة مقعده، مما يجعلها تجربة قراءة لا تُنسى.

الاستقبال والنقد:
تلقى “الثمانية” إشادة نقدية لأسلوبها السردي المتقن، وتفاصيلها التاريخية الغنية، وتعقيد الحبكة التي تجمع بين الماضي والحاضر. نجاح الرواية يعزى إلى قدرتها على دمج عناصر متعددة من الإثارة والتشويق في إطار سردي متماسك، مما يجعلها واحدة من الأعمال الأدبية التي تبقى في ذاكرة قرائها لوقت طويل.

ختاماً:
تظل “الثمانية” رواية بارزة في عالم الأدب البوليسي والتشويقي، إذ تجمع بين الألغاز القديمة والمغامرات المعاصرة في إطار سردي يفيض بالتشويق. من خلال أحداثها المعقدة وسردها المتعدد الأبعاد، تقدم الرواية تجربة قراءة غنية تُشبع رغبة القراء في استكشاف أسرار التاريخ والتشويق في آن واحد.