التهاب المرارة: الأسباب والعلاج

التهاب المرارة: التركيب والوظيفة

يُعتبر التهاب المرارة من المشكلات الصحية الشائعة التي يمكن أن تؤثر على الجهاز الهضمي. تصنف المرارة بأنها عضو صغير، تقع أسفل الكبد في الجزء العلوي الأيمن من البطن، وهي تلعب دوراً مهماً في عملية الهضم. التهاب المرارة هو حالة طبية تحدث عندما تلتهب هذه الغدة الصغيرة نتيجة لعدة أسباب، أبرزها تكون الحصوات المرارية التي تسد القنوات الصفراوية.

في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل تركيب ووظيفة المرارة، ثم ننتقل إلى مناقشة التهابها، أسبابها، أعراضها، التشخيص، العلاجات المتاحة، والتدابير الوقائية التي يمكن اتخاذها.

أولاً: تركيب المرارة

المرارة هي عضو صغير شكلها يشبه الكمثرى ويقع تحت الكبد مباشرة. لا يتجاوز طولها 7 إلى 10 سنتيمترات تقريباً، بينما قطرها يتراوح من 4 إلى 5 سنتيمترات. تتكون المرارة من ثلاث أجزاء رئيسية:

1. الجسم (Body): وهو الجزء الأكبر من المرارة، والذي يحتوي على السائل الصفراوي.

2. العنق (Neck): الجزء الضيق الذي يتصل بالقناة المرارية.

3. قاعدة المرارة (Fundus): الجزء الذي يقع في الجهة السفلى ويتميز بكونه الشكل الأكثر توسعًا للمرارة.

المرارة تعمل على تخزين الصفراء التي يفرزها الكبد، وتفرغها إلى الأمعاء الدقيقة عند الحاجة للمساعدة في هضم الدهون.

ثانياً: وظيفة المرارة

المرارة تلعب دورًا رئيسيًا في عملية الهضم، خصوصًا في هضم الدهون. الكبد يفرز الصفراء بشكل مستمر لتساعد في تحطيم الدهون أثناء عملية الهضم. تتدفق هذه الصفراء عبر القناة الكبدية إلى المرارة، حيث تُخزن هناك حتى الحاجة إليها. عندما يبدأ الطعام الدهني بالمرور عبر الأمعاء الدقيقة، تفرغ المرارة الصفراء في الأمعاء عبر القناة المرارية المشتركة للمساعدة في هضم الدهون.

يُلاحظ أن المرارة لا تنتج الصفراء نفسها؛ فهي ببساطة تقوم بتخزينها وتركيزها قبل إفرازها عند الحاجة. بدون وجود المرارة، لا يمكن تخزين الصفراء، مما قد يؤدي إلى بعض الاضطرابات في عملية هضم الدهون.

ثالثاً: التهاب المرارة

التهاب المرارة هو حالة التهابية تحدث في هذا العضو، وغالباً ما يرتبط بوجود حصوات مرارية، لكنها قد تحدث أيضًا بسبب أسباب أخرى. يمكن أن يتراوح التهاب المرارة من حالة خفيفة إلى التهاب حاد قد يتطلب التدخل الجراحي.

1. أسباب التهاب المرارة

أكثر الأسباب شيوعًا لالتهاب المرارة هو تكون الحصوات المرارية. هذه الحصوات هي كتل صغيرة قاسية تتكون داخل المرارة نتيجة لتركيز الصفراء بشكل غير طبيعي. الحصوات يمكن أن تعيق تدفق الصفراء، مما يؤدي إلى التهاب في المرارة.

• حصوات المرارة: عندما تسد حصوة واحدة أو أكثر القنوات المرارية، يتسبب ذلك في تراكم الصفراء داخل المرارة، مما يؤدي إلى تورم وتهيج العضو.

• التهاب حاد: في بعض الأحيان، يحدث التهاب في المرارة دون وجود حصوات، ويطلق عليه التهاب المرارة الحاد. يمكن أن ينشأ هذا بسبب عدوى بكتيرية أو مشاكل في تدفق الصفراء.

• العدوى البكتيرية: يمكن للبكتيريا أن تدخل المرارة وتسبب التهاباً. هذا النوع من الالتهاب يُعرف بالتهاب المرارة البكتيري.

• الركود الصفراوي: في بعض الحالات، قد يتسبب الركود الصفراوي (أي توقف أو بطء في تدفق الصفراء) في التهاب المرارة.

2. أعراض التهاب المرارة

تشمل الأعراض المرتبطة بالتهاب المرارة:

• ألم شديد في الجزء العلوي الأيمن من البطن: يعد الألم أحد الأعراض الرئيسية، وعادةً ما يكون حاداً وشديداً. يمكن أن ينتشر الألم إلى الظهر أو الكتف الأيمن.

• الغثيان والقيء: قد يعاني المريض من غثيان مستمر أو قيء، وهذا يحدث نتيجة التهيج في المرارة.

• الحمى: التهاب المرارة غالبًا ما يصاحبه ارتفاع في درجة الحرارة.

• اليرقان (اصفرار الجلد والعينين): قد يحدث اليرقان إذا تم انسداد القنوات الصفراوية، مما يسبب تراكم البيليروبين في الدم.

• فقدان الشهية: يشعر الشخص المصاب بالتهاب المرارة بعدم الرغبة في تناول الطعام.

• التعرق المفرط: يعاني البعض من تعرق شديد، خاصة أثناء الليل.

3. تشخيص التهاب المرارة

يعتمد تشخيص التهاب المرارة على مزيج من الأعراض، الفحص البدني، واختبارات التصوير. تشمل الفحوصات المتاحة:

• الموجات فوق الصوتية (السونار): تُعد من أهم الفحوصات لتشخيص التهاب المرارة وحصواتها. تظهر الموجات فوق الصوتية الصورة بوضوح لحجم الحصوات أو التورم في المرارة.

• فحص الدم: يساعد فحص الدم في اكتشاف وجود التهاب في الجسم، مثل زيادة مستوى كريات الدم البيضاء أو ارتفاع إنزيمات الكبد.

• التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يُستخدم أحياناً للكشف عن المشاكل في القنوات الصفراوية أو لتحديد ما إذا كان هناك انسداد في المسالك الصفراوية.

4. علاج التهاب المرارة

يتم علاج التهاب المرارة بناءً على شدة الحالة. هناك عدة خيارات علاجية:

• المضادات الحيوية: في حالة التهاب المرارة البكتيري، يتم استخدام المضادات الحيوية لعلاج العدوى.

• الراحة والعناية الداعمة: بعض الحالات التي تكون فيها الأعراض خفيفة قد تتطلب الراحة والتقليل من تناول الطعام حتى يتم الشفاء.

• استئصال المرارة (Cholecystectomy): في حالات التهاب المرارة الحاد أو عند وجود حصوات كبيرة، قد يكون من الضروري إزالة المرارة جراحيًا. عملية استئصال المرارة هي إحدى العمليات الجراحية الشائعة التي تُجرى إما بطريقة تقليدية أو بالمنظار.

• التحكم في الألم: يستخدم الأطباء مسكنات الألم لتخفيف الأعراض، خاصة أثناء الهجمات الحادة.

5. التدابير الوقائية

• تجنب الأطعمة الدهنية: تُعد الأطعمة الغنية بالدهون سببًا رئيسيًا في حدوث مشاكل في المرارة. من المهم تناول نظام غذائي متوازن يحتوي على كميات معتدلة من الدهون.

• الحفاظ على وزن صحي: زيادة الوزن قد تؤدي إلى زيادة خطر حدوث حصوات المرارة. لذا، من المهم الحفاظ على وزن مناسب.

• ممارسة الرياضة بانتظام: التمرين يساعد في تحسين وظائف الجهاز الهضمي والوقاية من العديد من المشاكل الصحية، بما في ذلك التهاب المرارة.

الختام

إن التهاب المرارة، رغم كونه من الحالات التي قد تكون مؤلمة ومعوقة، إلا أن التشخيص المبكر والعلاج المناسب يمكن أن يساهم بشكل كبير في التخفيف من أعراض المرض. تُعد الوقاية، من خلال نمط حياة صحي ونظام غذائي متوازن، خطوة هامة لتجنب المشاكل التي قد تؤثر على صحة المرارة.