التهاب القلب: التعريف، الأسباب، الأعراض، التشخيص والعلاج
يُعتبر التهاب القلب من الأمراض القلبية التي تؤثر بشكل مباشر على بنية ووظيفة عضلة القلب، ويشكل تهديداً صحياً كبيراً للإنسان إذا لم يتم التعامل معه بالشكل الصحيح. يمكن أن يصيب هذا الالتهاب مختلف أجزاء القلب، مثل الغشاء المبطن للقلب أو عضلة القلب نفسها أو صمامات القلب. يعتبر التهاب القلب من الأمراض التي يجب أن تُشخص وتعالج بسرعة لتجنب المضاعفات الخطيرة التي قد تنجم عن تأخر العلاج.
التعريف والتصنيف
التهاب القلب هو مصطلح يشير إلى حالة التهابية تصيب أي من الأنسجة أو الأجزاء المكونة للقلب، مثل الغشاء الداخلي للقلب (التهاب التامور) أو عضلة القلب (التهاب عضلة القلب) أو الغشاء الذي يغطي صمامات القلب (التهاب الشغاف). يمكن أن يكون الالتهاب ناجماً عن أسباب عدة، تتراوح بين العدوى الفيروسية أو البكتيرية، إلى الأسباب المناعية أو التفاعلات الدوائية. ويُعتبر التحديد الدقيق للسبب وراء الإصابة أمراً مهماً لأنه يساعد الأطباء في تحديد العلاج الأنسب للمريض.
أنواع التهاب القلب
-
التهاب التامور (Pericarditis):
وهو التهاب يُصيب التامور، وهو الغشاء الرقيق الذي يحيط بالقلب. في هذه الحالة، قد يشعر المريض بألم حاد في الصدر، وغالبًا ما يكون الألم أسوأ عند التنفس العميق أو الاستلقاء. يمكن أن يحدث هذا الالتهاب بسبب عدوى فيروسية، أو نتيجة لمشاكل صحية أخرى مثل أمراض الكلى أو نقص المناعة. -
التهاب عضلة القلب (Myocarditis):
التهاب عضلة القلب هو الحالة التي تصيب الأنسجة العضلية للقلب نفسها. يمكن أن يتسبب التهاب عضلة القلب في تقليل قدرة القلب على ضخ الدم بشكل فعال، مما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل قصور القلب أو اضطرابات ضربات القلب. غالباً ما يُسبب هذا الالتهاب عدوى فيروسية، ولكن يمكن أن تساهم عوامل أخرى مثل العوامل الوراثية أو التفاعلات المناعية في حدوثه. -
التهاب الشغاف (Endocarditis):
يصيب هذا النوع من الالتهاب الغشاء الداخلي للقلب والصمامات القلبية. يكون غالبًا ناجماً عن العدوى البكتيرية، وعادة ما يرتبط بالتدخلات الجراحية أو العوامل التي تضعف جهاز المناعة، مثل الإدمان على المخدرات أو استخدام الأدوات الطبية الملوثة.
الأسباب الرئيسية لالتهاب القلب
التهاب القلب قد يكون نتيجة لأسباب عدة، تتراوح من العدوى إلى أسباب غير معدية. وفيما يلي بعض من أهم هذه الأسباب:
1. العدوى الفيروسية:
تعتبر العدوى الفيروسية أحد الأسباب الرئيسية لالتهاب عضلة القلب. الفيروسات مثل الفيروسات التي تسبب الإنفلونزا، وفيروسات هربس البسيط، وفيروس كورونا، يمكن أن تتسبب في حدوث التهاب في عضلة القلب. تهاجم هذه الفيروسات خلايا القلب وتؤدي إلى تفاعلات التهابية داخل الأنسجة القلبية.
2. العدوى البكتيرية:
يمكن للبكتيريا أن تسبب التهاب الشغاف (التهاب الغشاء الداخلي للقلب) من خلال الإصابة بعدوى في مجرى الدم. البكتيريا التي تدخل الجسم من خلال الجروح أو الأسنان يمكن أن تصل إلى القلب وتُسبب التهابات في صمامات القلب.
3. العدوى الفطرية:
يعد التهاب القلب نتيجة للعدوى الفطرية أقل شيوعاً، لكنه قد يحدث في بعض الأشخاص ذوي الجهاز المناعي الضعيف مثل مرضى نقص المناعة أو من يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري.
4. الأسباب المناعية:
في بعض الحالات، يمكن أن يكون التهاب القلب ناتجًا عن رد فعل مناعي غير طبيعي. على سبيل المثال، قد يحدث التهاب عضلة القلب بعد الإصابة بعدوى فيروسية، حيث يهاجم الجهاز المناعي خلايا القلب بدلاً من مهاجمة الفيروسات.
5. الأدوية والمواد الكيميائية:
يمكن أن تسبب بعض الأدوية، مثل أدوية العلاج الكيميائي أو أدوية لعلاج اضطرابات المناعة الذاتية، التهاب القلب كآثر جانبي. في هذه الحالات، قد تكون الأدوية سبباً في حدوث رد فعل مناعي يهاجم الأنسجة القلبية.
6. العوامل الوراثية:
هناك حالات وراثية قد تزيد من القابلية للإصابة بالتهاب القلب، حيث تكون بعض العوامل الجينية أكثر عرضة للإصابة بالتهاب عضلة القلب نتيجة لوجود استعداد وراثي.
7. الأمراض المزمنة:
الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل مرض السكري أو أمراض الكلى قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالتهاب القلب نتيجة لتأثيرات هذه الأمراض على جهاز المناعة.
الأعراض الشائعة لالتهاب القلب
تختلف أعراض التهاب القلب باختلاف نوع الالتهاب والمسبب، لكن هناك بعض الأعراض المشتركة التي قد يشترك فيها جميع المرضى، مثل:
-
ألم في الصدر: يعد الألم في الصدر أحد الأعراض البارزة لالتهاب التامور، وقد يشعر المريض بألم حاد أو شعور بالضغط على منطقة الصدر. يتفاقم الألم عادة عند التنفس العميق أو عند الاستلقاء.
-
ضيق التنفس: يمكن أن يعاني المرضى من صعوبة في التنفس نتيجة لتأثير الالتهاب على قدرة القلب على ضخ الدم بشكل كافٍ.
-
التعب العام والضعف: يشكو العديد من المرضى من الإرهاق الشديد وفقدان القدرة على القيام بالأنشطة اليومية بسبب نقص كفاءة القلب.
-
تورم الأطراف: في الحالات المتقدمة من التهاب القلب، قد يظهر التورم في القدمين والكاحلين نتيجة لتراكم السوائل في الجسم بسبب ضعف وظيفة القلب.
-
زيادة ضربات القلب: يُلاحظ أحيانًا أن معدل ضربات القلب يزيد بشكل ملحوظ بسبب محاولة الجسم تعويض ضعف الدورة الدموية الناجم عن الالتهاب.
تشخيص التهاب القلب
تستند تشخيصات التهاب القلب إلى مجموعة من الفحوصات السريرية والفحوصات الطبية التي تهدف إلى التأكد من وجود الالتهاب وتحديد نوعه ومدى تأثيره على القلب. تتضمن بعض طرق التشخيص الشائعة:
-
الفحص السريري: يبدأ الطبيب عادة بتقييم الأعراض التي يعاني منها المريض مثل الألم في الصدر أو ضيق التنفس، إضافة إلى فحص العلامات الحيوية مثل معدل ضربات القلب وضغط الدم.
-
اختبارات الدم: يمكن أن تساعد اختبارات الدم في الكشف عن وجود التهاب أو عدوى في الجسم، كما قد تكشف عن مستويات غير طبيعية من بعض المواد الكيميائية التي تشير إلى التهاب القلب.
-
التصوير الطبي: يتضمن ذلك الفحص باستخدام الأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية للقلب (الإيكو) لقياس حجم القلب وكفاءة ضخه. كما يمكن استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لفحص الأنسجة القلبية بشكل أكثر دقة.
-
اختبارات كهربائية للقلب: مثل تخطيط القلب (ECG) لتحديد أي اضطرابات في ضربات القلب التي قد تحدث نتيجة للالتهاب.
-
خزعة من القلب: في بعض الحالات النادرة، قد يتم أخذ عينة من أنسجة القلب لفحصها بشكل دقيق في المختبر للكشف عن الأسباب الدقيقة للالتهاب.
علاج التهاب القلب
يعتمد علاج التهاب القلب على نوع الالتهاب وسبب الإصابة به. يمكن أن يتضمن العلاج بعض الخطوات الأساسية مثل:
-
المضادات الحيوية أو الفيروسية: في حالة وجود عدوى بكتيرية أو فيروسية، يتم علاج الالتهاب باستخدام الأدوية المناسبة. قد يُستخدم مضاد حيوي واسع الطيف في حالات التهاب الشغاف، بينما تُستخدم أدوية مضادة للفيروسات في حالة التهاب عضلة القلب الفيروسي.
-
الأدوية المضادة للفطريات: في حالة الإصابة بعدوى فطرية، يتم استخدام أدوية مضادة للفطريات.
-
الأدوية المضادة للالتهاب: مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) أو الكورتيكوستيرويدات لتقليل التورم والالتهاب في الأنسجة القلبية.
-
أدوية لتحسين وظائف القلب: في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر استخدام أدوية لتحسين قدرة القلب على ضخ الدم، مثل مدرات البول أو مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitors).
-
جراحة صمامات القلب: في حالات التهاب الشغاف التي تؤثر على صمامات القلب، قد يحتاج المريض إلى إجراء جراحة لاستبدال الصمامات المتضررة.
-
الرعاية الداعمة: قد يتطلب المرضى المصابون بالتهاب القلب العلاج في المستشفى لأغراض المراقبة والرعاية المكثفة، خاصة في الحالات الشديدة التي تؤثر على وظائف القلب بشكل كبير.
الوقاية والتوصيات
على الرغم من أنه قد يكون من الصعب الوقاية من التهاب القلب بشكل كامل، إلا أن هناك بعض الإجراءات الوقائية التي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة، مثل:
-
الحفاظ على صحة الجهاز المناعي: الحفاظ على نمط حياة صحي، يشمل التغذية الجيدة، ممارسة الرياضة بانتظام، والنوم الكافي، قد يساعد في
