التهاب الغدة النكافية: الأسباب والوقاية

التهاب الغدة النكافية: الأعراض، الأسباب، والوقاية من العدوى

يُعد التهاب الغدة النكافية من الأمراض الفيروسية التي تؤثر على الغدد اللعابية، وخصوصًا الغدة النكافية التي توجد على جانبي الوجه أسفل الأذن. يعد هذا المرض أحد الأمراض التي تثير القلق لدى الكثيرين بسبب أعراضه المؤلمة وقابليته للانتشار بين الأشخاص، كما أن له تأثيرات صحية قد تكون خطيرة في بعض الحالات. سنناقش في هذا المقال كافة جوانب هذا المرض بدءًا من أسبابه والأعراض التي ترافقه، وصولًا إلى طرق الوقاية منه وكيفية التعامل معه.

تعريف التهاب الغدة النكافية

التهاب الغدة النكافية هو التهاب يصيب الغدة النكافية، وهي إحدى الغدد اللعابية الكبيرة التي تقع تحت الأذن مباشرة. تنتج الغدة النكافية اللعاب، الذي يساعد في ترطيب الفم وتسريع عملية الهضم، ويدخل اللعاب إلى الفم عبر قنوات خاصة في الجهة العليا من الفم. عندما يصاب الشخص بالتهاب في هذه الغدة، يؤدي ذلك إلى تورمها، مما ينتج عنه أعراض مؤلمة في الوجه والعنق.

أسباب التهاب الغدة النكافية

السبب الرئيسي للإصابة بالتهاب الغدة النكافية هو عدوى فيروسية تُسمى فيروس النكاف (Mumps virus). ينتمي فيروس النكاف إلى مجموعة الفيروسات التي تُصنف ضمن الفيروسات المصفرة (Paramyxovirus)، ويمتاز هذا الفيروس بقدرته على التأثير في الغدد اللعابية بشكل رئيسي، وإن كان يمكن أن يسبب تأثيرات أخرى في الجسم مثل التهاب الأنسجة العصبية أو الأعضاء الداخلية مثل الخصيتين أو المبيضين.

فيما يلي بعض الأسباب والعوامل التي تساهم في حدوث التهاب الغدة النكافية:

1. عدوى فيروسية: كما تم ذكره، يُسبب فيروس النكاف التهاب الغدة النكافية بشكل رئيسي. الفيروس ينتقل من شخص لآخر عن طريق الرذاذ التنفسي، أو من خلال الاتصال المباشر مع إفرازات الفم أو اللعاب لشخص مصاب.

2. التعرض للأشخاص المصابين: الفيروس ينتقل بشكل رئيسي من خلال العطس أو السعال أو حتى التحدث مع شخص مصاب بالقرب منك. قد يصاب الأشخاص غير المحصنين بالعدوى بسهولة أكبر.

3. تدني مستوى التحصين: الأشخاص الذين لم يتلقوا اللقاح المضاد للنكاف هم الأكثر عرضة للإصابة بهذا المرض. اللقاح الذي يُعطى للأطفال في مراحل عمرية مبكرة يساعد في الوقاية من هذا المرض بشكل كبير.

4. الإصابة سابقًا بالفيروس: في بعض الحالات، يمكن أن يصاب الشخص بالفيروس مرة أخرى، رغم أنه نادر، مما يسبب تجدد الأعراض والتورم في الغدد النكافية.

5. الظروف البيئية والانتقالية: يعتبر موسم الشتاء والخريف من الأوقات الأكثر شيوعًا للإصابة بعدوى النكاف بسبب تجمعات الأشخاص في الأماكن المغلقة، ما يسهل انتقال الفيروس.

أعراض التهاب الغدة النكافية

أعراض التهاب الغدة النكافية تتفاوت بين الأشخاص، ويمكن أن تكون خفيفة أو شديدة. عادة ما تبدأ الأعراض بالظهور بعد فترة حضانة للفيروس تتراوح من 12 إلى 25 يومًا، ومن أبرز الأعراض التي قد يعاني منها الشخص:

1. تورم الغدة النكافية: يعتبر التورم المفاجئ في أحد جانبي الوجه أو كلاهما من الأعراض الرئيسية للإصابة بالتهاب الغدة النكافية. يصاحب التورم عادةً الألم والشعور بالضغط في المنطقة المصابة.

2. ألم في منطقة الفك والأذن: يشعر المصاب بألم في الفك العلوي أو السفلي، خاصة عند تناول الطعام أو عند تحريك الفم.

3. ارتفاع درجة الحرارة (الحمى): يعاني المريض من حمى خفيفة إلى متوسطة، وهي علامة على الاستجابة المناعية للجسم ضد الفيروس.

4. إرهاق عام وألم في العضلات: يشعر المصاب بالإعياء الشديد، وقد يعاني من آلام في العضلات والصداع.

5. فقدان الشهية والغثيان: قد يصاب البعض بفقدان الشهية، إلى جانب الشعور بالغثيان أحيانًا.

6. جفاف الفم وصعوبة في البلع: بسبب تورم الغدة النكافية، قد يشعر المصاب بجفاف في الفم وصعوبة في بلع الطعام والشراب.

7. التهاب الحنجرة أو الأنف: قد يعاني البعض من التهاب في الحنجرة أو الأنف بسبب تأثير الفيروس على الأنسجة المجاورة للغدد النكافية.

هل التهاب الغدة النكافية معدٍ؟

نعم، التهاب الغدة النكافية هو مرض معدٍ. ينتقل الفيروس المسبب للنكاف عبر الرذاذ التنفسي أو عبر الاتصال المباشر مع إفرازات الفم أو اللعاب للشخص المصاب. من الممكن أن يكون الشخص حاملًا للفيروس قبل ظهور الأعراض، مما يعني أن العدوى قد تنتقل حتى قبل أن يدرك الشخص أنه مصاب.

تستمر قدرة الشخص المصاب على نقل العدوى عادة لمدة تصل إلى 5 أيام بعد بداية التورم. لذلك، يُنصح الأشخاص الذين يعانون من أعراض مشابهة بالابتعاد عن الآخرين للحفاظ على سلامتهم وسلامة من حولهم.

كيفية تشخيص التهاب الغدة النكافية

عادة ما يعتمد الأطباء في تشخيص التهاب الغدة النكافية على الأعراض السريرية التي تظهر على المريض، مثل تورم الغدة النكافية والحمى. قد يطلب الطبيب بعض الاختبارات التأكيدية مثل:

• تحليل الدم: للكشف عن الأجسام المضادة للفيروس أو الفيروس نفسه في الدم.

• مسحة من الحلق أو اللعاب: للكشف عن وجود الفيروس في إفرازات الشخص.

مضاعفات التهاب الغدة النكافية

على الرغم من أن التهاب الغدة النكافية قد يبدو مرضًا بسيطًا، إلا أن له بعض المضاعفات التي يمكن أن تؤثر على الصحة بشكل جدي. ومن أبرز هذه المضاعفات:

1. التهاب الخصيتين: يمكن أن يصاب الرجال المصابون بالفيروس بالتهاب في الخصيتين، وهو ما يعرف بالتهاب الخصية (Orchitis). قد يؤدي ذلك إلى ألم شديد في الخصيتين وقد يؤثر على خصوبة الرجل في بعض الحالات.

2. التهاب المبيضين: يمكن أن يصاب النساء في بعض الحالات بالتهاب في المبيضين (Oophoritis)، مما قد يسبب ألمًا شديدًا وقد يؤثر على الوظيفة التناسلية.

3. التهاب السحايا: وهو التهاب في الأغشية التي تحيط بالدماغ والنخاع الشوكي، وهو من المضاعفات النادرة ولكنها خطيرة.

4. التهاب البنكرياس: يمكن أن يؤدي التهاب الغدة النكافية إلى التهاب في البنكرياس (Pancreatitis)، مما يسبب آلامًا في البطن وغثيانًا.

5. التهاب الأذن الوسطى: قد يصاب بعض المرضى بالتهاب في الأذن الوسطى نتيجة لانتشار الفيروس إلى الأذن.

الوقاية من التهاب الغدة النكافية

تعد الوقاية من التهاب الغدة النكافية أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على الصحة العامة، خصوصًا في المجتمعات التي تشهد تجمعات كبيرة. يمكن الوقاية من هذا المرض عن طريق:

1. التطعيم: اللقاح ضد النكاف (MMR)، الذي يجمع بين لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، هو الطريقة الرئيسية للوقاية. يُعطى اللقاح عادة للأطفال في سن 12-15 شهرًا، ثم يُعاد في سن 4-6 سنوات.

2. تجنب الاتصال مع المصابين: من الضروري تجنب الاتصال المباشر مع الأشخاص المصابين بالفيروس، خصوصًا خلال فترة العدوى.

3. الحفاظ على النظافة الشخصية: غسل اليدين بانتظام وتغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس يقلل من فرصة انتقال الفيروس.

4. تعقيم الأسطح: تعقيم الأسطح المشتركة مثل الأدوات والألعاب يساعد في منع انتشار الفيروس.

العلاج

في الغالب، لا يوجد علاج محدد لالتهاب الغدة النكافية حيث يعتمد العلاج على تخفيف الأعراض. يُوصى باتباع بعض الإجراءات العلاجية مثل:

• الراحة: أخذ قسط كافٍ من الراحة يساعد الجسم على محاربة الفيروس.

• مضادات الحمى: مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين لتخفيف الحمى والألم.

• استخدام كمادات باردة: لتقليل التورم والألم في منطقة الغدة النكافية.

الخلاصة

يعد التهاب الغدة النكافية مرضًا معديًا يمكن الوقاية منه بشكل فعال من خلال التطعيمات، وهو عادة ما يصيب الأطفال والشباب. على الرغم من أن معظم الحالات تكون خفيفة، إلا أن المرض قد يتسبب في مضاعفات خطيرة، خاصة في حالات التهاب الخصيتين أو التهاب السحايا. لذلك، من المهم الوقاية من هذا المرض باتباع التدابير الصحية المناسبة، وفي حال الإصابة، يجب استشارة الطبيب واتباع النصائح العلاجية لتقليل الأعراض