التهاب الغدة الدرقية: الأسباب والعلاج

التهاب الغدة الدرقية: الأسباب، الأعراض، التشخيص، والعلاج

يعد التهاب الغدة الدرقية من الحالات الصحية التي تؤثر على الغدة الدرقية، وهي إحدى الغدد المهمة في الجسم التي تفرز الهرمونات المسؤولة عن تنظيم عملية الأيض والنمو، بالإضافة إلى تأثيراتها الكبيرة على وظائف الجسم المختلفة مثل معدل ضربات القلب، ومستوى الطاقة، ودرجة الحرارة، والوزن. التهاب الغدة الدرقية يمكن أن يكون ناتجًا عن عدة أسباب، ويؤدي إلى تغييرات كبيرة في الصحة العامة، وله تأثيرات طويلة المدى إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح. في هذا المقال، سنتناول بشكل مفصل جميع جوانب التهاب الغدة الدرقية من الأسباب إلى الأعراض والتشخيص والعلاج.

ما هي الغدة الدرقية؟

الغدة الدرقية هي غدة على شكل فراشة تقع في الجزء الأمامي من الرقبة، وتعتبر جزءًا من الجهاز الغدد الصماء. تقوم الغدة الدرقية بإنتاج هرمونات أساسية مثل “ثيروكسين” (T4) و”ثلاثي يودوثيرونين” (T3)، التي تتحكم في العديد من الوظائف الحيوية في الجسم. من بينها تنظيم الحرارة، وتحفيز الأيض، وتأثيرات كبيرة على الجهاز العصبي والجهاز الهضمي. لذا فإن أي خلل في وظيفة هذه الغدة، سواء كان بسبب الالتهاب أو غيره، يمكن أن يسبب مجموعة من المشاكل الصحية.

أنواع التهاب الغدة الدرقية

يتعدد نوع التهاب الغدة الدرقية باختلاف الأسباب التي تؤدي إلى حدوثه، ويمكن تصنيف هذا الالتهاب إلى عدة أنواع رئيسية، أبرزها:

1. التهاب الغدة الدرقية المناعي الذاتي
   
   يعتبر التهاب الغدة الدرقية المناعي الذاتي من أكثر الأنواع شيوعًا، ويحدث عندما يهاجم جهاز المناعة الغدة الدرقية ويُسبب تلفًا فيها. أهم أشكال هذا النوع هو التهاب الغدة الدرقية هاشيموتو، الذي يؤدي إلى تدمير تدريجي لأنسجة الغدة الدرقية مما يؤدي إلى قصور في إفراز الهرمونات الدرقية.

2. التهاب الغدة الدرقية الحاد
   
   يحدث هذا النوع نتيجة للعدوى البكتيرية أو الفيروسية، ويؤدي إلى تورم مؤلم في الغدة الدرقية. يكون هذا النوع نادرًا إلى حد ما مقارنة بالأنواع الأخرى، لكنه قد يتسبب في أعراض شديدة مثل الحمى والألم.

3. التهاب الغدة الدرقية تحت الحاد
   
   هذا النوع من الالتهاب غالبًا ما ينتج عن عدوى فيروسية، ويتميز بأعراض مثل ألم في الرقبة وحساسية في الغدة الدرقية. يمكن أن يؤدي هذا النوع إلى زيادة إفراز هرمونات الغدة الدرقية بشكل مؤقت (الفرط الدرقى)، ولكن في بعض الحالات قد تتطور الحالة إلى قصور في الغدة الدرقية بعد فترة من الزمن.

4. التهاب الغدة الدرقية الناتج عن الحمل
   
   يُعرف هذا النوع من الالتهاب باسم “التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة”، ويُعتقد أنه مرتبط بالتغيرات المناعية التي تحدث أثناء الحمل. قد يُسبب هذا الالتهاب مشاكل مؤقتة في وظائف الغدة الدرقية بعد الولادة.

5. التهاب الغدة الدرقية التسممي
   
   في هذا النوع، تتورم الغدة الدرقية وتصبح نشطة للغاية، مما يؤدي إلى إفراز كميات كبيرة من الهرمونات الدرقية في الدم، مما يسبب حالة تُسمى فرط الدرقية.

أسباب التهاب الغدة الدرقية

تتعدد الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى التهاب الغدة الدرقية، ومن أبرز هذه الأسباب:

1. المناعة الذاتية
   
   كما تم ذكره سابقًا، يعتبر التهاب الغدة الدرقية المناعي الذاتي هو السبب الأكثر شيوعًا، حيث يهاجم الجهاز المناعي الغدة الدرقية عن طريق الخطأ، مما يؤدي إلى تلف الأنسجة الدرقية وتدني قدرتها على إفراز الهرمونات.

2. العدوى الفيروسية أو البكتيرية
   
   قد تسبب العدوى التي تصيب الغدة الدرقية التهابًا حادًا أو تحت حاد، خصوصًا في حالة وجود التهاب بسبب فيروسات مثل الفيروسات الأنفية أو الأنفلونزا.

3. التعرض للإشعاع
   
   التعرض للإشعاع، سواء نتيجة للعلاج الإشعاعي للسرطان أو تعرض الجسم لأشعة الشمس لفترات طويلة في مناطق غير محمية، يمكن أن يؤدي إلى تضرر الغدة الدرقية وزيادة احتمالية الإصابة بالتهاب الغدة الدرقية.

4. الأدوية والعقاقير
   
   بعض الأدوية مثل الليثيوم وبعض أدوية مضادة للفيروسات قد تؤدي إلى تأثيرات سلبية على الغدة الدرقية وتسبب التهابات.

5. نقص اليود
   
   يعتبر نقص اليود أحد العوامل الرئيسية المسببة لعدد من مشاكل الغدة الدرقية، بما في ذلك الالتهاب. في حالات نقص اليود المزمن، يمكن أن تتعرض الغدة الدرقية للتلف والتورم مما يؤدي إلى التهاب.

6. الوراثة
   
   تلعب الوراثة دورًا في الإصابة بأنواع معينة من التهابات الغدة الدرقية. فإذا كانت هناك حالات مشابهة في الأسرة، فإن احتمالية الإصابة بالتهاب الغدة الدرقية تزداد.

7. التغيرات الهرمونية
   
   التغيرات الهرمونية التي تحدث في فترة الحمل أو بعد الولادة يمكن أن تؤدي إلى حدوث التهاب في الغدة الدرقية، مثل ما يحدث في حالة التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة.

أعراض التهاب الغدة الدرقية

تختلف أعراض التهاب الغدة الدرقية بناءً على نوع الالتهاب ومرحلة المرض. ولكن هناك بعض الأعراض المشتركة التي قد تظهر في العديد من الحالات، وهي:

• تورم في الرقبة: يمكن أن يكون هناك تورم ملحوظ في منطقة الغدة الدرقية. قد يكون التورم مؤلمًا في بعض الحالات.

• ألم في الرقبة أو الفك: يحدث هذا بشكل شائع في حالات الالتهاب تحت الحاد أو التسممي.

• تغيرات في الوزن: قد يؤدي التهاب الغدة الدرقية إلى فقدان الوزن في بعض الحالات بسبب زيادة إفراز الهرمونات الدرقية، أو قد يؤدي إلى زيادة الوزن نتيجة قصور الغدة الدرقية.

• تغيرات في مستوى الطاقة: الشعور بالإرهاق أو التوتر قد يكون من الأعراض الشائعة.

• تساقط الشعر: يمكن أن يؤدي التهاب الغدة الدرقية إلى تساقط الشعر وزيادة جفاف البشرة.

• تغيرات في الدورة الشهرية: يمكن أن تؤدي التغيرات الهرمونية إلى تغييرات في الدورة الشهرية، مثل اضطرابات الدورة أو غزارة الدم.

• زيادة أو انخفاض في درجة حرارة الجسم: زيادة إفراز الهرمونات قد يؤدي إلى شعور الشخص بالحرارة، في حين أن قلة إفراز الهرمونات قد تجعله يشعر بالبرودة.

تشخيص التهاب الغدة الدرقية

لتشخيص التهاب الغدة الدرقية، يعتمد الأطباء على مجموعة من الفحوصات والفحوص المخبرية، بما في ذلك:

1. اختبارات الدم:

   • قياس مستويات هرمونات الغدة الدرقية مثل T3 و T4.

   • قياس مستويات هرمون التحفيز الدرقي (TSH)، الذي يعد مؤشراً على كيفية استجابة الغدة الدرقية.

   • قياس الأجسام المضادة في الدم، التي تشير إلى وجود مرض مناعي ذاتي مثل مرض هاشيموتو.

2. الموجات فوق الصوتية (Ultrasound):
   تساعد الموجات فوق الصوتية في تحديد حجم الغدة الدرقية وإذا كان هناك أي تورم أو تغيرات في شكلها.

3. فحص فحص الخزعة:
   في بعض الحالات النادرة، يمكن أن يُطلب أخذ عينة من أنسجة الغدة الدرقية لفحصها.

علاج التهاب الغدة الدرقية

يعتمد علاج التهاب الغدة الدرقية على السبب المحدد وعلى شدة الأعراض. يمكن أن يشمل العلاج عدة خيارات:

1. العلاج بالأدوية:

   • الأدوية المضادة للفيروسات أو البكتيريا: في حالات التهاب الغدة الدرقية الناتج عن عدوى، قد يصف الطبيب مضادًا للبكتيريا أو الفيروسات.

   • الأدوية المضادة للالتهابات: لتقليل الالتهاب والألم في حالة الالتهاب تحت الحاد.

   • الهرمونات الدرقية البديلة: في حالات قصور الغدة الدرقية، قد يتم علاج المريض بتناول هرمونات درقية صناعية لتعويض نقص إفراز الهرمونات.

2. العلاج الجراحي:
   في بعض الحالات التي تستدعي إزالة جزء من الغدة الدرقية بسبب التضخم الشديد أو الخراجات، قد يحتاج المريض إلى عملية جراحية.

3. العلاج باليود المشع:
   في حالات التهاب الغدة الدرقية التسممي، قد يُستخدم العلاج باليود المشع لتدمير الأنسجة المفرطة النشاط في الغدة الدرقية.