أضرار رضاعة الطفل نائمًا

أضرار رضاعة الطفل وهو نائم

تعد الرضاعة الطبيعية أو الصناعية من أهم مراحل نمو وتطور الطفل الرضيع، فهي لا تقتصر فقط على تزويده بالعناصر الغذائية الضرورية لبناء جسده، بل تشكل أيضًا رابطًا عاطفيًا أساسياً بين الأم ورضيعها. ومع ذلك، فإن ممارسة بعض العادات المرتبطة بالرضاعة بشكل خاطئ قد يؤدي إلى مشاكل صحية قد تكون خطيرة، ومن أبرز تلك العادات الشائعة إرضاع الطفل وهو نائم، سواء أكانت الرضاعة طبيعية أو باستخدام زجاجة الحليب (الرضّاعة). ورغم أن هذه الممارسة قد تبدو مريحة لكثير من الأمهات، خصوصًا خلال ساعات الليل، إلا أن الدراسات والأبحاث الطبية كشفت عن أضرار متعددة قد تصيب الطفل نتيجة لذلك.

في هذا المقال، يتم تناول هذه الأضرار بصورة تفصيلية، مع الإشارة إلى الجوانب الطبية والوظيفية والتنموية التي تتأثر نتيجة الرضاعة أثناء النوم، مما يعزز وعي الأسر والأمهات بأهمية اتباع أساليب صحية خلال تغذية الرضيع.

أضرار رضاعة الطفل أثناء النوم

1. خطر الاختناق

واحدة من أخطر المشكلات التي قد تنتج عن إرضاع الطفل وهو نائم هي الاختناق. عندما يكون الطفل في وضعية الاستلقاء الكامل، يصعب عليه التحكم في عملية البلع، مما يؤدي إلى تسرب الحليب إلى مجرى التنفس، وهو ما قد يسبب الاختناق أو حتى انسداد الشعب الهوائية، وهي حالة طارئة قد تهدد حياة الطفل.

إضافة إلى ذلك، فإن الأطفال حديثي الولادة لا يمتلكون بعد السيطرة الكاملة على عضلات الفم والحنجرة، ويكون رد فعل السعال لديهم ضعيفًا، مما يزيد من احتمال استنشاق الحليب عن طريق الخطأ.

2. التهاب الأذن الوسطى

الرضاعة أثناء النوم، خصوصًا في الوضعية الأفقية، تزيد من احتمال انتقال الحليب من الفم إلى أنبوب استاكيوس (Eustachian tube)، الذي يربط بين الحلق والأذن الوسطى. هذا الانتقال يعزز فرص تراكم السوائل داخل الأذن، مما يهيئ بيئة مثالية لنمو البكتيريا، وبالتالي التسبب في التهابات الأذن الوسطى.

وتعد التهابات الأذن من أكثر الأمراض شيوعًا بين الأطفال الرضع، وقد تؤدي في حال تكرارها إلى مضاعفات تشمل ضعف السمع وتأخر تطور اللغة والنطق.

3. تسوس الأسنان المبكر (تسوس الرضاعة)

يُعرف هذا النوع من التسوس أيضًا باسم “تسوس زجاجة الحليب”، ويحدث عند تعرض أسنان الطفل، وخاصة الأسنان الأمامية العلوية، إلى الحليب لفترات طويلة أثناء النوم. إذ إن الحليب يحتوي على سكر اللاكتوز، وعندما يبقى على الأسنان لفترة دون تنظيف، يكون وسطًا مناسبًا لتكاثر البكتيريا التي تنتج الأحماض وتؤدي إلى تآكل مينا الأسنان.

حتى وإن كان الطفل يرضع طبيعيًا وليس صناعيًا، فإن ترك بقايا الحليب في الفم أثناء النوم قد يؤدي إلى نفس النتيجة، خاصة بعد ظهور أولى الأسنان.

4. زيادة خطر الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي

عندما يتسرب الحليب إلى مجرى التنفس نتيجة الرضاعة في وضعية الاستلقاء، يمكن أن يتسبب في حدوث التهابات متكررة في الشعب الهوائية والرئتين. وتشمل هذه الالتهابات: التهاب القصبات الهوائية، والتهاب الرئة (ذات الرئة)، وكلها تعد من الحالات الصحية الخطيرة للرضع والتي تتطلب عناية طبية عاجلة.

5. عسر الهضم ومشكلات في الجهاز الهضمي

الرضاعة أثناء النوم تعيق عملية الهضم الطبيعية، حيث أن الطفل يكون في وضعية لا تساعد على نزول الحليب بسلاسة إلى المعدة، ما يؤدي إلى تجمع الحليب في المريء، وزيادة احتمالات الارتجاع المريئي، والتقيؤ، والانتفاخ. كما أن هذا النمط من الرضاعة قد يعوق حركة الأمعاء الطبيعية، ويؤثر سلبًا على امتصاص المواد الغذائية.

6. تشوهات في نمو الفك والأسنان

الرضاعة الطويلة أثناء النوم باستخدام زجاجة الحليب قد تؤثر على نمو الفك واللسان والأسنان، حيث تؤدي إلى بقاء الحلمة الصناعية في فم الطفل لفترة طويلة دون حركة مصّ طبيعية. ومع مرور الوقت، قد ينتج عن ذلك تشوهات مثل بروز الأسنان الأمامية أو سوء إطباق الأسنان.

7. ارتباط الرضاعة بالنوم وتأخر في الفطام

عندما يعتاد الطفل على النوم أثناء الرضاعة، يتكون لديه ارتباط نفسي بين الحليب والنوم، ما يجعله غير قادر على النوم دون أن يرضع. هذا السلوك يؤدي إلى صعوبة كبيرة في الفطام لاحقًا، ويخلق لدى الطفل اعتمادًا مفرطًا على الرضاعة للراحة النفسية والنوم، مما قد يؤدي إلى اضطرابات نوم مستقبلية.

8. ضعف في تنمية مهارات الرضاعة الطبيعية

إذا كانت الرضاعة تتم دائمًا أثناء نوم الطفل، فإن ذلك يؤثر سلبًا على تقوية عضلات الفم والفك واللسان، وهي عضلات تتطور من خلال عملية المص النشطة أثناء اليقظة. ضعف هذه العضلات قد ينعكس لاحقًا على قدرات الطفل في النطق والكلام وتناول الطعام الصلب.

مقارنة بين الرضاعة أثناء النوم والرضاعة اليقظة

التوصيات الطبية لمنع الأضرار

• يجب إرضاع الطفل وهو في وضعية نصف جلوس أو مائلة وليس مستلقيًا بشكل كامل.

• بعد الانتهاء من الرضاعة، يُنصح بحمل الطفل لبعض الوقت لمساعدته على التجشؤ ومنع حدوث ارتجاع أو اختناق.

• إذا نام الطفل أثناء الرضاعة، يجب إزالة الحلمة من فمه فورًا (سواء حلمة الثدي أو الزجاجة).

• في حال استخدام زجاجة الرضاعة، ينبغي عدم تركها في فم الطفل أثناء نومه مطلقًا.

• تنظيف فم الطفل أو مسح اللثة بقطعة قماش ناعمة بعد الرضاعة، خاصة ليلاً، يساهم في الوقاية من تسوس الأسنان المبكر.

• استشارة طبيب الأطفال بانتظام للكشف المبكر عن أي مشكلات صحية تتعلق بالأذن أو الأسنان أو الجهاز التنفسي.

الرضاعة الليلية: بين الحاجة البيولوجية والخطر المحتمل

من المهم التمييز بين “الرضاعة الليلية” كجزء من النظام الغذائي للطفل خلال الأشهر الأولى من عمره، وبين “الرضاعة أثناء النوم”. فالطفل في عمر مبكر يحتاج إلى الرضاعة كل عدة ساعات، حتى أثناء الليل، ولكن يُفترض أن يكون مستيقظًا، وإن جزئيًا، أثناء عملية الرضاعة. هذه اللحظات تتيح له المصّ النشط، والبلع السليم، وتقلل من مخاطر الاختناق والالتهابات.

الخلاصة الطبية

الرضاعة أثناء النوم ليست آمنة، وقد تتسبب في أضرار متعددة تشمل الجهاز التنفسي، الأذن، الأسنان، والجهاز الهضمي. وهي عادة يجب تعديلها في وقت مبكر من حياة الطفل، مع استبدالها بأساليب صحية تضمن تغذيته السليمة وسلامته الجسدية والنفسية. ويعد وعي الأهل خاصة في السنوات الأولى عاملاً حاسمًا في تفادي هذه المشكلات الصحية، وتوفير بيئة صحية لنمو متكامل ومتوازن.

المراجع:

1. American Academy of Pediatrics. “Sleep-Related Infant Feeding and the Risk of SIDS.” Pediatrics Journal, 2021.

2. World Health Organization. “Infant and Young Child Feeding: Model Chapter for Textbooks for Medical Students and Allied Health Professionals”, 2009.