التهاب الجيوب الأنفية: أسبابه وعلاجه

مقدمة

التهاب الجيوب الأنفية هو حالة شائعة تصيب ملايين الأشخاص حول العالم، وتسبب لهم أعراضًا مزعجة تؤثر على جودة حياتهم. الجيوب الأنفية هي تجاويف مملوءة بالهواء تقع في عظام الوجه حول الأنف والعينين، وتلعب دورًا مهمًا في ترطيب الهواء الذي نتنفسه، وتنقية الجراثيم، وتقليل وزن عظام الجمجمة. عند التهاب هذه الجيوب نتيجة لعدوى أو عوامل أخرى، تحدث أعراض مزعجة مثل احتقان الأنف، الصداع، الألم حول العينين والوجه، بالإضافة إلى إفرازات أنفية غير طبيعية.

هذا المقال يشرح بالتفصيل ماهية التهاب الجيوب الأنفية، أسبابه المختلفة، آليات الإصابة، وأحدث الطرق العلاجية المتاحة، مع التركيز على أهمية التشخيص المبكر والعلاج المناسب لمنع تطور الحالة ومضاعفاتها.

تشريح الجيوب الأنفية ووظيفتها

الجيوب الأنفية عبارة عن أربع مجموعات رئيسية من التجاويف الهوائية في عظام الجمجمة:

• الجيوب الجبهية: تقع فوق الحاجبين في عظم الجبهة.

• الجيوب الفكية (الجبينية): تقع في عظام الخدين بجانب الأنف.

• الجيوب الغربالية: تقع بين العينين.

• الجيوب الوتدية: تقع خلف الأنف، في عظم الوتد.

تعمل هذه الجيوب على ترطيب الهواء الداخل إلى الجهاز التنفسي، تقليل وزن الجمجمة، تحسين الصوت، وحماية الأنسجة الحساسة داخل الأنف من الصدمات. كما تفرز مخاطًا يحبس الجزيئات الضارة مثل الغبار والميكروبات.

أسباب التهاب الجيوب الأنفية

تتنوع أسباب التهاب الجيوب الأنفية بين عوامل معدية وغير معدية، ويقسم التهاب الجيوب إلى:

• التهاب الجيوب الأنفية الحاد: تستمر الأعراض لفترة أقل من 4 أسابيع.

• التهاب الجيوب الأنفية المزمن: تستمر الأعراض لأكثر من 12 أسبوعًا.

• التهاب الجيوب الأنفية المتكرر: حدوث عدة نوبات في السنة.

1. العدوى الفيروسية

أغلب حالات التهاب الجيوب الأنفية الحاد تبدأ بعد نزلات البرد التي تسببها فيروسات الجهاز التنفسي العلوي، إذ يؤدي التهاب الغشاء المخاطي داخل الأنف إلى انسداد ممرات الجيوب، ما يمنع تصريف المخاط ويحفز تراكمه داخل الجيوب، مما يشكل بيئة مناسبة لتكاثر الجراثيم.

2. العدوى البكتيرية

قد تتحول العدوى الفيروسية إلى عدوى بكتيرية ثانوية، خاصة إذا استمر احتقان الأنف والجيوب لفترة طويلة دون علاج. البكتيريا الشائعة هي Streptococcus pneumoniae و Haemophilus influenzae و Moraxella catarrhalis.

3. الحساسية

التعرض لمثيرات تحسسية مثل الغبار، حبوب اللقاح، ووبر الحيوانات قد يؤدي إلى التهاب مزمن للغشاء المخاطي داخل الأنف، مما يسبب انسدادًا مستمرًا في ممرات الجيوب الأنفية ويؤدي إلى التهاب مزمن.

4. العوامل البيئية والوظيفية

• التدخين: يدمر بطانة الأنف ويؤدي إلى ضعف في جهاز التنظيف الذاتي للجيوب.

• تلوث الهواء: يهيج الأغشية المخاطية ويساهم في الالتهابات.

• تشوهات الأنف: مثل انحراف الحاجز الأنفي، والأورام الحميدة الأنفية، التي تعيق التصريف الطبيعي للمخاط.

• الماء: دخول الماء أو المواد الكيميائية إلى الأنف أثناء السباحة أو العمل قد يسبب التهابًا.

5. الأمراض المزمنة

مثل أمراض الجهاز المناعي (السكري، نقص المناعة) أو أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو، يمكن أن تزيد من فرص الإصابة بالتهاب الجيوب الأنفية المزمن.

آلية الإصابة بالتهاب الجيوب الأنفية

عندما تلتهب الأغشية المخاطية داخل الجيوب الأنفية، يزداد إنتاج المخاط وتنتفخ الأنسجة، مما يسبب:

• انسداد ممرات تصريف المخاط.

• تراكم المخاط داخل الجيوب.

• تكون بيئة خصبة لنمو الجراثيم.

• زيادة الضغط داخل الجيوب، مما يؤدي إلى الشعور بالألم والاحتقان.

إذا استمر هذا الانسداد لفترة طويلة، قد تحدث مضاعفات مثل انتشار الالتهاب إلى مناطق مجاورة كالعين أو الدماغ، مما يستدعي تدخلًا طبيًا عاجلًا.

الأعراض السريرية لالتهاب الجيوب الأنفية

تختلف الأعراض حسب نوع وشدة الالتهاب:

• احتقان الأنف وانسداده.

• سيلان الأنف، وغالبًا ما يكون المخاط سميكًا ومصفرًا أو أخضر.

• ألم وضغط في مناطق الوجه وخاصة الجبهة، حول العينين، والخدين.

• صداع مستمر يزيد مع الانحناء إلى الأمام.

• حمى في بعض الحالات.

• ضعف حاسة الشم والتذوق.

• الشعور بالإرهاق العام.

• رائحة الفم الكريهة في بعض الحالات المزمنة.

• سعال يزداد في الليل بسبب تصريف المخاط إلى الحلق.

تشخيص التهاب الجيوب الأنفية

يعتمد التشخيص على التاريخ المرضي والفحص السريري، وقد يستعين الطبيب بالطرق التالية:

• الفحص السريري: فحص الأنف باستخدام منظار لفحص حالة الغشاء المخاطي.

• التصوير الطبي: الأشعة السينية أو التصوير المقطعي المحوسب (CT scan) لتحديد مدى الالتهاب وحجم تجمعات المخاط.

• اختبارات الحساسية: للكشف عن وجود أسباب تحسسية.

• زراعة المخاط الأنفي: في حالات العدوى المزمنة لتحديد نوع البكتيريا المسببة.

طرق علاج التهاب الجيوب الأنفية

العلاج يختلف حسب نوع الالتهاب (حاد أو مزمن) وسببه (فيروسي، بكتيري، تحسسي):

1. العلاج الدوائي

• مضادات الاحتقان: تستخدم لتقليل التورم وفتح ممرات الجيوب، سواء على شكل قطرات أنفية أو أقراص. يجب عدم الإفراط في استخدامها لأكثر من 3 أيام لتجنب التأثير العكسي.

• المسكنات ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية: مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين لتخفيف الألم والحمى.

• المضادات الحيوية: تُستخدم فقط في حالات العدوى البكتيرية المؤكدة، أو إذا استمرت الأعراض لأكثر من 10 أيام بدون تحسن.

• مضادات الهيستامين ومضادات الحساسية: عند وجود التهاب تحسسي.

• الكورتيكوستيرويدات الأنفية: لتقليل الالتهاب والانتفاخ في الجيوب، وخاصة في الحالات المزمنة.

2. العلاج الطبيعي والمنزلي

• الراحة التامة: لمنح الجسم فرصة لمحاربة العدوى.

• شرب السوائل بكثرة: لترطيب المخاط وتسهيل تصريفه.

• استنشاق البخار: يساعد على ترطيب الأغشية المخاطية وفتح الممرات الأنفية.

• غسل الأنف بالمحلول الملحي: يقلل من تراكم المخاط ويطهر الأنف من الجراثيم.

• تجنب المثيرات التحسسية والملوثات.

3. العلاج الجراحي

يُستخدم العلاج الجراحي في حالات التهاب الجيوب الأنفية المزمن الذي لا يستجيب للعلاج الدوائي، ويشمل:

• تنظير الجيوب الأنفية: إزالة الانسدادات مثل الأورام الحميدة أو تنظيف الجيوب.

• تصحيح انحراف الحاجز الأنفي: لتحسين تصريف الجيوب.

• فتح القنوات المسدودة لتحسين تصريف المخاط.

الوقاية من التهاب الجيوب الأنفية

يمكن تقليل خطر الإصابة بالتهاب الجيوب الأنفية باتباع بعض الإجراءات الوقائية:

• الحفاظ على نظافة الأنف بغسله بالمحلول الملحي بانتظام.

• تجنب التدخين والتعرض للدخان السلبي.

• معالجة الحساسية الموسمية والتعرض للمواد المسببة لها.

• تجنب التعرض المفاجئ للبرد أو تغيرات درجات الحرارة المفاجئة.

• تقوية الجهاز المناعي عبر التغذية السليمة، والرياضة، والنوم الكافي.

• التزام النظافة الشخصية لتجنب انتقال العدوى الفيروسية والبكتيرية.

الجدول التالي يلخص الفرق بين التهاب الجيوب الحاد والمزمن

الخلاصة

التهاب الجيوب الأنفية هو حالة شائعة تتراوح بين الحادة والمزمنة، ويعتمد علاجها على التشخيص الدقيق للسبب. يمكن أن تؤثر العوامل البيئية، العدوى، والحساسية بشكل كبير على ظهور المرض وشدته. يشكل التشخيص المبكر والعلاج المناسب، إلى جانب الوقاية من العوامل المهيجة، الخطوة الأساسية للحفاظ على صحة الجيوب الأنفية وجودة الحياة بشكل عام. مع التطور الطبي الحديث، أصبحت هناك خيارات علاجية متنوعة تناسب كل حالة، من العلاجات الدوائية البسيطة إلى التدخلات الجراحية المعقدة.

المراجع

1. Mayo Clinic. Sinus Infection (Sinusitis). Available at: https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/sinusitis/symptoms-causes/syc-20351653

2. American Academy of Otolaryngology-Head and Neck Surgery. Sinusitis. Available at: https://www.entnet.org/resource/sinusitis/