تعد دراسة كتاب “How People Get Power; Organizing Oppressed Communities for Action” للمؤلف سي كان (Si Kahn) مناسبة لفهم الأساليب التي يمكن للمجتمعات المضطهدة استخدامها لتحقيق التغيير الاجتماعي والسياسي. صدر هذا الكتاب في يونيو من عام 1970، وقد نشرته شركة ماكجرو هيل (McGraw Hill)، وهو يصنف ضمن العلوم الاجتماعية. تأتي أهمية هذا العمل من خلال مساهمته في تقديم نظرة معمقة حول كيفية تنظيم المجتمعات التي تواجه تحديات متعددة بسبب الاضطهاد والتهميش.
في بداية النظر إلى محتويات الكتاب، يعرض سي كان نظريات وأساليب عملية حول كيفية بناء القوة والتأثير داخل المجتمعات المحرومة. يقوم بتفصيل استراتيجيات التنظيم التي تتعدى الحدود النظرية لتصل إلى خطط عمل يمكن تطبيقها على أرض الواقع. يشدد كان على الحاجة إلى قيادة فعّالة وتواصل استراتيجي داخل هذه المجتمعات، مع التركيز على أهمية بناء التحالفات والشراكات مع مختلف الجهات الفاعلة في المجتمع.
يتعمق الكتاب في دراسة تأثير الديناميكيات الاجتماعية والاقتصادية في تشكيل الحركات الاجتماعية، مما يوفر للقراء فهمًا عميقًا لكيفية تأثير هذه العوامل في إمكانيات التغيير داخل المجتمعات. يناقش كان أيضاً العوائق التي تعترض طريق المجتمعات المضطهدة ويقترح طرقاً للتغلب عليها من خلال التمكين والتعبئة الجماعية.
أحد الجوانب البارزة في الكتاب هو تأكيده على أهمية التعليم والتدريب كأدوات أساسية لتعزيز الوعي السياسي والاجتماعي بين أفراد المجتمعات المحرومة. يرى كان أن تمكين هذه المجتمعات من خلال التعليم يعد خطوة أساسية نحو بناء قاعدة صلبة تمكنها من المطالبة بحقوقها بشكل فعال ومستدام.
كما يتناول الكتاب موضوع التأثير السياسي وكيفية تنظيم الحملات السياسية التي يمكن أن تؤدي إلى تغييرات تشريعية تدعم مصالح المجتمعات المضطهدة. يشير كان إلى النجاحات التي تحققت في الماضي، مما يعطي القراء أمثلة عملية ونماذج يمكن أن تكون مصدر إلهام في جهودهم الخاصة.
يمكن القول إن “How People Get Power” لا يقدم فقط تحليلاً للواقع الصعب الذي تواجهه المجتمعات المضطهدة، بل يقدم أيضًا رؤية تفاؤلية لما يمكن أن تحققه العمليات التنظيمية والحركات الاجتماعية عندما يتم توجيهها بشكل صحيح وبدعم من القيادات المؤهلة. هذا الكتاب، إذاً، هو دعوة للفعل ومنهج دراسي لكل من يسعى للتغيير في سياقات الاضطهاد والتهميش.
في نهاية المطاف، يمثل هذا الكتاب مورداً هاماً للناشطين الاجتماعيين، العاملين في مجال حقوق الإنسان، وكذلك الأكاديميين والطلاب المهتمين بدراسة ديناميكيات القوة والتنظيم الاجتماعي. بتقديمه مجموعة من الأدوات النظرية والعملية، يشكل الكتاب خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للمجتمعات أن تعيد تشكيل