هشاشة العظام والعمود الفقري: الأسباب والعلاج
تعد هشاشة العظام واحدة من أبرز الأمراض التي تهدد صحة الإنسان مع تقدم العمر، وقد تكون له تأثيرات جسدية ونفسية عميقة. من بين المناطق الأكثر تأثراً في الجسم هي العظام التي تشكل جزءاً حيوياً من الهيكل العظمي، وخاصة العمود الفقري. هشاشة العظام، والمعروفة أيضاً بترقق العظام، هي حالة تكون فيها العظام أكثر عرضة للكسر بسبب نقص كثافة العظام. لا تقتصر آثار هشاشة العظام على هشاشة العظام نفسها، بل تؤثر أيضاً بشكل كبير على العمود الفقري، مما يؤدي إلى تغيرات تشريحية ووظيفية قد تحد من قدرة الشخص على أداء الأنشطة اليومية.
ما هي هشاشة العظام؟
تعتبر هشاشة العظام حالة مرضية تتسم بتناقص كثافة العظام وضعفها، مما يزيد من احتمالية تعرض الشخص للكسور. وتحدث هشاشة العظام نتيجة فقدان تدريجي للكتلة العظمية، مما يجعل العظام هشة وسهلة الكسر. يصعب اكتشاف هشاشة العظام في مراحلها المبكرة، حيث لا تظهر أعراض واضحة، لكن مع مرور الوقت، تزداد احتمالية الإصابة بكسر في العظام، خاصة عند السقوط أو الإصابة.
أسباب هشاشة العظام
تتعدد أسباب هشاشة العظام، وتشمل العوامل الوراثية، التغذية السيئة، الأنماط الحياتية غير الصحية، والأمراض الأخرى. إليك بعض الأسباب الرئيسية:
1. العمر:
-
مع التقدم في العمر، تبدأ كثافة العظام في الانخفاض. يزداد خطر الإصابة بهشاشة العظام بعد سن الخمسين لدى النساء، وبالأخص بعد انقطاع الطمث نتيجة لتغير مستويات هرمون الاستروجين الذي يحمي العظام.
2. الجنس:
-
النساء أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام مقارنة بالرجال، وذلك بسبب انخفاض مستويات الاستروجين بعد انقطاع الطمث.
3. العوامل الوراثية:
-
وجود تاريخ عائلي للإصابة بهشاشة العظام يزيد من احتمالية الإصابة بالمرض. الجينات تلعب دورًا كبيرًا في تحديد كثافة العظام وقوة الهيكل العظمي.
4. التغذية السيئة:
-
نقص الكالسيوم وفيتامين د في النظام الغذائي يمكن أن يساهم في تطور هشاشة العظام. الكالسيوم عنصر أساسي في بناء العظام، بينما يساعد فيتامين د في امتصاص الكالسيوم.
5. النشاط البدني:
-
قلة النشاط البدني أو العادات الحركية غير السليمة يمكن أن تؤدي إلى ضعف العظام. ممارسة التمارين الرياضية التي تشمل تمارين التحميل (مثل المشي والجري) يساعد في زيادة كثافة العظام.
6. الأدوية:
-
بعض الأدوية، مثل الستيرويدات القشرية (الكورتيكوستيرويدات) والأدوية الأخرى التي تستخدم في علاج الأمراض المناعية والالتهابية، يمكن أن تزيد من خطر هشاشة العظام.
7. الأمراض المزمنة:
-
بعض الحالات الطبية مثل مرض السكري، اضطرابات الغدة الدرقية، التهاب المفاصل الروماتويدي، وأمراض الأمعاء قد تؤدي إلى هشاشة العظام.
هشاشة العظام والعمود الفقري
العمود الفقري هو الهيكل الذي يدعم الجسم ويسمح له بالتحرك. في حالة هشاشة العظام، تتأثر الفقرات بشكل خاص. تصاب الفقرات بأنواع متعددة من التغيرات، بما في ذلك الهشاشة والكسور، مما يسبب آلامًا شديدة وصعوبة في الحركة.
1. الكسور الفقرية:
-
تعد الكسور الفقرية من أكثر أنواع الكسور شيوعًا في حالات هشاشة العظام. تحدث هذه الكسور عندما تكون العظام غير قادرة على تحمل الضغط، مما يؤدي إلى حدوث كسر أو انضغاط الفقرات. في بعض الحالات، يمكن أن تكون الكسور غير محسوسة أو غير ملحوظة في البداية، ولكن مع مرور الوقت قد تتسبب في آلام مزمنة.
2. الانحناءات في العمود الفقري:
-
هشاشة العظام قد تؤدي إلى حدوث انحناءات غير طبيعية في العمود الفقري، مثل الجنف أو الحداب. هذه الانحناءات تسبب ضغطًا على الأعصاب والأوعية الدموية، مما يؤدي إلى الألم وفقدان القدرة على الحركة.
3. تأثيرات على الأعصاب:
-
مع حدوث الكسور والانضغاط في الفقرات، قد يحدث ضغط على الأعصاب التي تمر عبر العمود الفقري، مما يؤدي إلى ألم يمتد إلى الأطراف أو ضعف في العضلات.
4. التأثير على نوعية الحياة:
-
بسبب الألم المزمن والتحديات في الحركة، قد تؤثر هشاشة العظام على جودة حياة الشخص بشكل كبير. قد يصبح من الصعب أداء الأنشطة اليومية مثل المشي أو الجلوس أو الوقوف لفترات طويلة، مما يؤدي إلى تقليل الاستقلالية.
تشخيص هشاشة العظام
يتم تشخيص هشاشة العظام من خلال عدد من الفحوصات الطبية، أهمها فحص كثافة العظام. يعتمد الأطباء عادة على اختبار يسمى DEXA (اختبار امتصاص الأشعة السينية الثنائي الطاقة)، الذي يتيح قياس كثافة المعادن في العظام. كما يمكن للأطباء استخدام صور الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي لتحديد مدى تأثر العظام والفقرات.
علاج هشاشة العظام
رغم أن هشاشة العظام لا يمكن علاجها بشكل كامل، إلا أن هناك عدة خيارات لعلاج المرض وتقليل مخاطره:
1. الأدوية:
-
يتم استخدام أدوية مثل البايفوسفونيت (مثل أليندرونات و ريزدرونات) لزيادة كثافة العظام وتقليل خطر الكسور. كما يمكن استخدام هرمون الاستروجين أو مكملات فيتامين د والكالسيوم لعلاج هشاشة العظام.
2. العلاج الطبيعي والتمارين الرياضية:
-
العلاج الطبيعي جزء مهم من علاج هشاشة العظام. تمارين تقوية العضلات التي تدعم العمود الفقري والتمارين الرياضية التي تعتمد على التحميل تساعد في تقوية العظام والحد من فقدان كثافتها.
3. التغذية السليمة:
-
يجب على الأشخاص الذين يعانون من هشاشة العظام أن يتناولوا نظامًا غذائيًا غنيًا بالكالسيوم وفيتامين د. الأطعمة مثل الحليب ومنتجات الألبان، السلمون، التوفو، والخضراوات الورقية الداكنة تعد مصدرًا جيدًا للكالسيوم.
4. الجراحة:
-
في الحالات المتقدمة من هشاشة العظام، قد يكون من الضروري إجراء جراحة لإصلاح الكسور أو تقويم انحناءات العمود الفقري. من بين الجراحات الشائعة هي إصلاح الكسور الفقرية باستخدام جهاز دعم أو دمج الفقرات.
الوقاية من هشاشة العظام
أفضل وسيلة للوقاية من هشاشة العظام هي الوقاية المبكرة. يمكن اتباع عدة تدابير للحد من خطر الإصابة:
-
الحفاظ على نشاط بدني مستمر: التمارين الرياضية التي تشمل رفع الأثقال والمشي يمكن أن تساعد في زيادة كثافة العظام.
-
التغذية الجيدة: تناول الكالسيوم وفيتامين د بانتظام يساعد في الحفاظ على صحة العظام.
-
تجنب التدخين والكحول: التدخين والإفراط في تناول الكحول يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام.
-
الفحص الدوري: إذا كنت معرضًا لخطر هشاشة العظام بسبب عوامل وراثية أو تقدم العمر، من المهم إجراء فحوصات منتظمة لمراقبة كثافة العظام.
الخاتمة
إن هشاشة العظام، وخاصة في العمود الفقري، تشكل تهديدًا حقيقيًا على الصحة العامة للإنسان، سواء على مستوى الحركة أو جودة الحياة. بالرغم من أنها مرض مزمن يتطلب متابعة مستمرة، إلا أن الوقاية والعلاج يمكن أن يقللا من مخاطره بشكل كبير.
