التخلص من مرحلة ما قبل السكري

التخلص من مرحلة ما قبل السكري: خطوات عملية وأساسية نحو الوقاية

تُعتبر مرحلة ما قبل السكري من أكثر الحالات الصحية التي يعاني منها العديد من الأفراد في مختلف أنحاء العالم، وهي مرحلة مهددة بخطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2 إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح. لا تقتصر أهمية هذه المرحلة على الوعي بها فقط، بل تتعدى ذلك إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية فعّالة لتقليل مخاطر تحولها إلى مرض السكري الكامل. إن التخلص من مرحلة ما قبل السكري يتطلب التزامًا بالتغيير في نمط الحياة، بما في ذلك التغذية السليمة، ممارسة الرياضة، ومراقبة مستويات السكر في الدم.

ما هي مرحلة ما قبل السكري؟

قبل التطرق إلى كيفية التخلص من مرحلة ما قبل السكري، من المهم أولًا فهم طبيعة هذه المرحلة وأسبابها. تُعتبر مرحلة ما قبل السكري حالة يتراوح فيها مستوى السكر في الدم بين المعدلات الطبيعية والمعدلات المرتفعة التي تشير إلى الإصابة بمرض السكري من النوع 2. يمكن أن تُعرف المرحلة بأنها مرحلة انتقالية بين الحالة الصحية الطبيعية والمرض السكري، حيث إن مستويات الجلوكوز في الدم تكون مرتفعة لكن ليست مرتفعة بما يكفي لتشخيص مرض السكري.

كيف تُكتشف مرحلة ما قبل السكري؟

غالبًا ما لا يصاحب مرحلة ما قبل السكري أعراض واضحة، مما يجعل من الضروري إجراء فحوصات طبية دورية للكشف المبكر. ويمكن اكتشاف هذه الحالة من خلال اختبارات مختلفة، بما في ذلك:

1. اختبار الجلوكوز في الدم الصائم: إذا كانت قراءة الجلوكوز بين 100-125 ملغم/ديسيلتر، فإن ذلك يشير إلى مرحلة ما قبل السكري.

2. اختبار تحمل الجلوكوز الفموي (OGTT): يتم إجراء هذا الاختبار بعد شرب محلول يحتوي على الجلوكوز لقياس كيف يتفاعل الجسم مع السكر.

3. اختبار الهيموغلوبين A1c: إذا كانت النسبة بين 5.7% و 6.4%، فهذا يشير إلى مرحلة ما قبل السكري.

الأسباب الرئيسية لمرحلة ما قبل السكري

هناك عدة عوامل يمكن أن تسهم في تطور مرحلة ما قبل السكري، ومن أبرز هذه العوامل:

• السمنة: تعتبر زيادة الوزن من أبرز الأسباب التي ترفع من خطر الإصابة بمرحلة ما قبل السكري. الدهون الزائدة، خصوصًا في منطقة البطن، يمكن أن تؤثر سلبًا على قدرة الجسم على استخدام الأنسولين بشكل صحيح.

• التاريخ العائلي: إذا كان هناك أفراد في العائلة مصابون بمرض السكري من النوع 2، فإن خطر الإصابة بمرحلة ما قبل السكري يزيد.

• القلق والتوتر: تشير بعض الدراسات إلى أن التوتر المزمن يمكن أن يسهم في زيادة مستويات السكر في الدم.

• قلة النشاط البدني: عدم ممارسة الرياضة بانتظام يمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن وارتفاع مستويات السكر في الدم.

• العوامل العمرية: تزيد احتمالية الإصابة بمرحلة ما قبل السكري مع التقدم في السن، خاصة بعد سن الـ 45.

• العوامل الوراثية: قد تلعب الوراثة دورًا في زيادة احتمالية الإصابة، خاصة إذا كان الشخص من أصول معينة مثل الأشخاص ذوي الأصول الإفريقية أو اللاتينية.

خطوات عملية للتخلص من مرحلة ما قبل السكري

إن التخلص من مرحلة ما قبل السكري يتطلب التزامًا حقيقيًا بتغيير نمط الحياة. تشمل هذه التغييرات التغذية السليمة، زيادة النشاط البدني، والمحافظة على وزن صحي. سنستعرض فيما يلي مجموعة من الخطوات العملية التي يمكن أن تساعد في تقليل المخاطر:

1. اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن

الطعام هو الأساس الذي يؤثر بشكل كبير على مستوى السكر في الدم. يُنصح بالتركيز على الأطعمة التي تحتوي على الألياف والدهون الصحية، مثل:

• الخضروات والفواكه الطازجة: تحتوي على الفيتامينات والمعادن التي تساعد في تحسين مستويات السكر في الدم. من المفيد أيضًا تناول الفواكه ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض مثل التفاح، التوت، والأفوكادو.

• الحبوب الكاملة: مثل الأرز البني، الشوفان، والكينوا، وهي تحتوي على ألياف غذائية تساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم.

• البروتينات الصحية: مثل الأسماك الدهنية (مثل السلمون والتونة)، اللحوم الخالية من الدهون، والبقوليات.

• الدهون الصحية: مثل زيت الزيتون والمكسرات، فهي تساهم في الحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن المعدلات الطبيعية.

2. ممارسة التمارين الرياضية بانتظام

تساعد الرياضة في تحسين استجابة الجسم للأنسولين وتنظيم مستويات السكر في الدم. من المهم ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، حتى لو كانت لمدة 30 دقيقة فقط يوميًا. يمكن أن تشمل التمارين:

• المشي السريع: من أبسط وأكثر أنواع الرياضة فاعلية.

• التمارين الهوائية: مثل السباحة أو ركوب الدراجة.

• تمارين المقاومة: مثل رفع الأثقال أو تمارين الوزن الذاتي التي تساعد في بناء العضلات وحرق الدهون.

3. إنقاص الوزن

إذا كان الشخص يعاني من زيادة الوزن أو السمنة، فإن فقدان حتى 5-10% من الوزن يمكن أن يساهم بشكل كبير في تقليل خطر الإصابة بمرض السكري. يساعد إنقاص الوزن على تحسين حساسية الجسم للأنسولين ويقلل من مستويات السكر في الدم.

4. مراقبة مستويات السكر في الدم

من الضروري مراقبة مستويات السكر في الدم بانتظام من أجل اكتشاف أي تغييرات في وقت مبكر. يمكن أن يساعد الطبيب في تحديد عدد مرات الفحص اللازمة بناءً على حالة الشخص.

5. إدارة التوتر والقلق

إدارة التوتر لها دور كبير في التحكم بمستويات السكر في الدم. يمكن استخدام تقنيات مثل التأمل، التنفس العميق، واليوغا لتقليل مستويات التوتر، مما يساهم في تحسين الصحة العامة.

6. التوقف عن التدخين

التدخين يزيد من مقاومة الجسم للأنسولين، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم. لذلك، فإن التوقف عن التدخين يعد خطوة هامة نحو تحسين الصحة والوقاية من مرض السكري.

7. الالتزام بالعلاج الطبي

في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب باستخدام الأدوية لتساعد في تحسين مستوى السكر في الدم. الأدوية مثل “المثبطات” التي تساعد في تقليل مقاومة الأنسولين قد تكون ضرورية للأشخاص الذين لديهم خطر كبير.

نصائح إضافية

• الحصول على قسط كافٍ من النوم: النوم الجيد يعزز من التوازن الهرموني في الجسم ويساعد في تنظيم مستويات السكر.

• شرب الماء بوفرة: الماء هو أفضل خيار للحفاظ على مستوى الترطيب، ويساعد في تحسين وظيفة الكلى وتنظيم مستوى الجلوكوز في الدم.

• مراقبة تناول الكربوهيدرات: من المهم الحد من تناول الكربوهيدرات المكررة مثل السكر الأبيض والمخبوزات الجاهزة.

الخلاصة

التخلص من مرحلة ما قبل السكري هو أمر قابل للتحقيق، لكن يتطلب الوعي والمثابرة. باتباع نمط حياة صحي يشمل التغذية السليمة، النشاط البدني المنتظم، إدارة الوزن، والحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن الحدود الطبيعية، يمكن تقليل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2 بشكل كبير.