التخلص من المشتركين غير النشطين

هل يجب عليك التّخلّص من المشتركين غير النّشطين في قائمتك البريدية؟

تُعتبر القوائم البريدية واحدة من أقوى الأدوات التي يمكن للمسوقين الرقميين وأصحاب الأعمال الاعتماد عليها للتواصل مع جمهورهم. ومع ذلك، لا تكمن القيمة الحقيقية للقائمة البريدية في حجمها فقط، بل في مدى تفاعل المشتركين واهتمامهم بالمحتوى المرسل. في هذا السياق، يُطرح سؤال مهم: هل يجب عليك التّخلّص من المشتركين غير النّشطين في قائمتك البريدية؟ السؤال يبدو بسيطًا، ولكنه يتضمن العديد من العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار. في هذا المقال، سنغوص في تفاصيل هذا الموضوع، لنناقش الأسباب التي قد تدفعك للتخلص من هؤلاء المشتركين، وكذلك الآثار المحتملة لهذا القرار على نشاطك التجاري وأداء حملاتك التسويقية.

1. تعريف المشتركين غير النشطين

قبل أن نتناول الأسباب التي قد تجعلك تفكر في إزالة المشتركين غير النشطين من قائمتك البريدية، من المهم أن نفهم من هم هؤلاء المشتركين. المشترك غير النشط هو شخص قد قام بالتسجيل في قائمتك البريدية ولكنه لا يتفاعل مع رسائلك بشكل مستمر. قد يتمثل عدم التفاعل في عدم فتح الرسائل، عدم النقر على الروابط المرفقة، أو عدم الرد على أي عروض أو استفسارات قد تكون قد أدرجتها في رسائلك. يعتمد تعريف “الغير نشط” بشكل عام على معايير معينة مثل:

• عدم فتح البريد الإلكتروني لأكثر من عدد معين من الرسائل.

• عدم النقر على الروابط أو العروض المرسلة في رسائل البريد.

• عدم التفاعل مع أي حملات ترويجية أو استبيانات.

تختلف المعايير من نشاط تجاري لآخر، وقد تختلف أيضًا استراتيجيات الشركات في تحديد ما إذا كان المشترك نشطًا أم لا.

2. أسباب التخلّص من المشتركين غير النّشطين

أ. تحسين معدل التفاعل (Engagement Rate)

من أبرز الأسباب التي قد تجعلك تفكر في إزالة المشتركين غير النشطين هو تحسين معدل التفاعل الخاص بحملاتك البريدية. يعد معدل التفاعل (الذي يشمل فتح الرسائل والنقر على الروابط) من المؤشرات الرئيسية التي يستخدمها مزودو خدمة البريد الإلكتروني (مثل Mailchimp، وSendGrid، وConstant Contact) لتقييم أداء حملات البريد الإلكتروني. عندما يحتوي البريد الإلكتروني على عدد كبير من المشتركين الذين لا يتفاعلون، فإنه يؤدي إلى تقليص المعدلات الإجمالية للتفاعل، مما يؤثر على تقييم الحملة ويجعلها تبدو أقل فعالية. إن تحسين هذا المعدل سيزيد من فرص وصول رسائل البريد الإلكتروني إلى المشتركين الذين يهمهم الموضوع.

ب. الحد من التكاليف

إرسال رسائل البريد الإلكتروني إلى مشتركين غير نشطين يزيد من التكاليف. على الرغم من أن تكلفة إرسال البريد الإلكتروني قد تكون منخفضة، إلا أن تكرار إرسال الرسائل إلى الأشخاص الذين لا يفتحونها أو يتفاعلون معها يعني أن لديك أموالًا تُنفق على جمهور غير مهتم. بالتالي، حذف المشتركين غير النشطين يمكن أن يساعدك في تقليل التكاليف من خلال التركيز على جمهور أكثر فعالية وتفاعلًا.

ج. تحسين سمعة مرسل البريد الإلكتروني

تعتبر سمعة مرسل البريد الإلكتروني (Sender Reputation) من العوامل المهمة التي تؤثر على قدرة رسائلك على الوصول إلى صندوق الوارد للمشتركين. عندما يكون لديك مشتركين غير نشطين في قائمتك، قد يؤدي ذلك إلى انخفاض معدلات الفتح والنقر، مما يمكن أن يُعتبر إشارة سلبية من قبل خوادم البريد الإلكتروني. في حال كانت معدلات التفاعل منخفضة بشكل مستمر، قد يتم تصنيف رسائلك كبريد مزعج (Spam)، مما يقلل من فعالية حملاتك ويؤثر على سمعتك كمرسل. لذلك، يعد التخلص من المشتركين غير النشطين خطوة مهمة للحفاظ على سمعة مرسل البريد الإلكتروني الخاص بك.

د. تحسين الاستهداف وتقسيم الجمهور

قد تتسبب القوائم البريدية المليئة بالمشتركين غير النشطين في إضعاف قدرتك على استهداف الجمهور الفعلي. عبر التخلص من هؤلاء المشتركين، يمكنك تخصيص حملاتك البريدية بشكل أفضل لتلائم اهتمامات وتفضيلات الجمهور الفعلي. تساعد هذه العملية في بناء علاقات أقوى مع الأشخاص المهتمين بمنتجاتك أو خدماتك، مما يؤدي إلى تحسين فرص التحويل وزيادة المبيعات.

هـ. زيادة معدلات التحويل

في النهاية، الهدف الرئيسي من حملات البريد الإلكتروني هو زيادة معدلات التحويل، سواء كان ذلك من خلال زيادة المبيعات، الحصول على استجابة من الاستطلاعات، أو أي هدف تسويقي آخر. من خلال إزالة المشتركين غير النشطين، ستتمكن من تحسين معدل التحويل بشكل كبير، حيث ستظل الرسائل تصل إلى الأشخاص الذين يُحتمل أن يتخذوا خطوات ملموسة بناءً على المحتوى الذي تقدمه.

3. التأثيرات السلبية للتّخلص من المشتركين غير النّشطين

على الرغم من أن التخلص من المشتركين غير النشطين يمكن أن يكون خطوة مفيدة، إلا أن هناك بعض التأثيرات السلبية التي يجب أخذها بعين الاعتبار:

أ. إهدار الفرص المحتملة

قد يكون بعض المشتركين غير النشطين قد مروا بمرحلة غير نشطة بسبب أسباب مؤقتة مثل الانشغال بالعمل أو الدراسة أو حتى تغيير البريد الإلكتروني. من الممكن أن يكون لديهم اهتمامات حقيقية في وقت لاحق، وعليه فإن التخلص منهم قد يحرمك من فرصة إعادة تفاعلهم في المستقبل.

ب. تقليص حجم قاعدة البيانات

إذا كانت قاعدة بياناتك كبيرة جدًا، فإن التخلص من المشتركين غير النشطين قد يؤدي إلى تقليص كبير في حجم جمهورك. رغم أن حجم القائمة ليس العامل الوحيد المؤثر، إلا أن تقليص القاعدة قد يثير القلق لدى البعض، خاصة إذا كان لديك خطط للتوسع أو توسيع نطاق الوصول.

ج. تأثير على الإحصائيات والبيانات التحليلية

إزالة المشتركين غير النشطين قد تُغير من إحصائيات حملاتك البريدية. قد يُنظر إلى ذلك على أنه تغيير في حجم العينة التي تستخدمها لتحليل نتائج حملاتك. هذا التغيير في البيانات قد يؤثر على تفسيرك للنتائج بشكل غير دقيق، حيث ستعتمد تحليلاتك على بيانات أقل من حيث الحجم، مما قد يؤثر على دقة قراراتك المستقبلية.

4. كيفية إدارة المشتركين غير النّشطين بشكل أفضل

بدلاً من حذف المشتركين غير النشطين مباشرة، يمكن تبني عدة استراتيجيات لإدارة هذه الفئة من المشتركين بشكل أكثر فاعلية:

أ. إرسال حملات تذكير وتحفيز

من الممكن إرسال رسائل تذكير أو عروض تحفيزية للمشتركين غير النشطين. قد تكون العروض مثل الخصومات الخاصة أو محتوى حصري بمثابة دافع لإعادة جذبهم إلى القائمة. هذا النهج يساعد في استعادة التفاعل من أولئك الذين قد يكونون مهتمين ولكنهم بحاجة إلى دفع للمشاركة مجددًا.

ب. تقسيم قائمة المشتركين

بدلاً من حذف المشتركين غير النشطين بشكل كامل، يمكن تقسيمهم إلى فئات مختلفة بناءً على مستوى التفاعل. قد تحتوي هذه الفئات على مشتركين لم يتفاعلوا لفترة قصيرة، مشتركين في فترة طويلة من الركود، وآخرين قد تكون لديهم تفضيلات مختلفة. يساعد هذا التقسيم في تنفيذ استراتيجيات تسويقية مخصصة لكل فئة على حدة، مما يزيد من فرص التفاعل.

ج. استخدام أداة “إعادة التفاعل”

يمكن استخدام أدوات إعادة التفاعل (Re-engagement) التي يتم إرسالها فقط للمشتركين غير النشطين. تهدف هذه الأدوات إلى محاولة استعادة تفاعل هؤلاء الأفراد من خلال تقديم محتوى مخصص يعكس اهتماماتهم السابقة أو يوفر لهم مزايا إضافية.

5. خلاصة القول

إن التخلّص من المشتركين غير النشطين في قائمتك البريدية هو قرار يعتمد على العديد من العوامل المرتبطة بنشاطك التجاري، أهدافك التسويقية، ومعاييرك الخاصة. بينما يمكن أن يوفر التخلص منهم فوائد تتعلق بتحسين معدل التفاعل وتقليل التكاليف، فإن هذا القرار قد يأتي مع بعض التحديات، مثل فقدان الفرص المستقبلية وإعادة بناء قاعدة البيانات. لذلك، يجب أن تكون هذه الخطوة مدروسة بعناية، مع الأخذ في الاعتبار استراتيجيات بديلة لإعادة التفاعل مع المشتركين غير النشطين قبل اتخاذ القرار النهائي.