كيف تتخلص من العادات التي تدمر النجاح باستخدام الإنياجرام (Enneagram)
إن العادات السلبية التي قد تدمّر النجاح تُمثل أحد التحديات التي يواجهها العديد من الأفراد في مسيرتهم نحو تحقيق أهدافهم. هذه العادات، سواء كانت مرتبطة بالخوف، التسويف، الشكوك الذاتية، أو حتى تكرار الأنماط السلبية من التفكير والسلوك، تؤثر بشكل كبير على قدرة الفرد على التقدم في حياته المهنية والشخصية. في هذا السياق، يقدم نظام “الإنياجرام” (Enneagram) أداة قوية لفهم الذات وتحليل الأنماط النفسية التي يمكن أن تؤثر على النجاح. من خلال معرفة نقاط القوة والضعف النفسية التي تحددها هذه الأنماط، يمكن للمرء أن يبدأ في إزالة العادات التي تحد من إمكانياته وتحقيق النجاح المستدام.
ما هو الإنياجرام؟
الإنياجرام هو نموذج نفسي يحدد تسعة أنواع من الشخصيات بناءً على الأنماط العميقة للسلوك والتفكير. كل نوع من هذه الأنواع له سمات معينة تميز شخصيته، وكذلك طرقه الفريدة في التعامل مع الضغوط والتحديات. تختلف هذه الأنماط النفسية في كيفية تعامل الأفراد مع العالم المحيط بهم وكيفية استجابتهم للضغوط والمشاعر. من خلال الفهم العميق لهذه الأنماط، يمكن للمرء تحديد السلوكيات التي تعوق تطوره الشخصي والمهني والعمل على تغييرها.
أنواع الإنياجرام وتأثيراتها على العادات السلبية
1. النوع الأول: المثالي أو المصلح
الأشخاص من النوع الأول يسعون دائمًا إلى الكمال والمثالية في كل شيء. هذه الرغبة في التميز يمكن أن تتحول إلى عائق إذا أدت إلى التفكير الزائد في التفاصيل أو الخوف من اتخاذ القرارات خوفًا من ارتكاب الأخطاء. هذه العادة قد تدمر النجاح من خلال إضاعة الوقت في السعي وراء الكمال الذي قد يكون غير واقعي. للتخلص من هذه العادة السلبية، يجب على الشخص أن يتعلم قبول الأخطاء كجزء طبيعي من الحياة.
2. النوع الثاني: المعاون أو المنقذ
الأفراد من النوع الثاني يتمتعون برغبة قوية في مساعدة الآخرين، وقد يضحون بأنفسهم لتحقيق ذلك. في بعض الأحيان، قد يتجاهلون احتياجاتهم الخاصة من أجل إرضاء الآخرين، مما يؤدي إلى شعور بالتعب والضغط النفسي. هذه العادة قد تساهم في الشعور بالعجز عن تحقيق الأهداف الشخصية. للتخلص من هذه العادة، يجب على الشخص أن يتعلم كيفية وضع حدود صحية والتركيز على تحقيق أهدافه الشخصية.
3. النوع الثالث: المتفوق أو المحقق
يسعى الأشخاص من النوع الثالث إلى النجاح والتفوق في مجالات الحياة المختلفة. لكن هذا السعي المستمر لتحقيق النجاح يمكن أن يؤدي إلى حالة من الضغط المفرط أو الشعور بالإنهاك إذا تم التغاضي عن الأبعاد الشخصية والروحية للحياة. الأشخاص من هذا النوع قد يطورون عادة قيّمة تتعلق بالمظاهر الخارجية ولكنهم يفتقرون إلى توازن داخلي. التخلص من هذه العادة يستدعي ضرورة إيجاد توازن بين النجاح الداخلي والخارجي.
4. النوع الرابع: الفردي أو الرومانسي
الأفراد من النوع الرابع يركزون على التفرد والتميز. قد يشعرون بالحزن أو الوحدة لأنهم يعتقدون أن لديهم شيئًا مفقودًا مقارنة بالآخرين. العادة السلبية التي قد ترافق هذا النوع هي الميل إلى التركيز على مشاعر الحزن وعدم الرضا، مما يعوق التقدم. للتغلب على هذه العادة، يجب أن يتعلم الشخص أن يقدر نفسه ويعترف بما يمتلكه من قدرات.
5. النوع الخامس: المفكر أو الباحث
يتمتع الأشخاص من النوع الخامس بقدرة تحليلية مميزة، لكنهم قد يميلون إلى الانعزال والتركيز المفرط على المعرفة. هذا الانفصال الاجتماعي قد يؤدي إلى صعوبة في بناء العلاقات الفعّالة أو التواصل مع الآخرين، ما يعوق النجاح في العمل الجماعي. للحد من هذا السلوك، يجب على الشخص أن يتعلم كيفية الانخراط في علاقات اجتماعية وتوسيع دائرة تأثيره.
6. النوع السادس: المخلص أو المثير للشك
الأشخاص من النوع السادس يعانون من القلق المستمر وعدم اليقين. هذه العادة السلبية في التفكير قد تؤدي إلى تردد وعدم القدرة على اتخاذ القرارات بسرعة، مما يؤثر سلبًا على الإنجاز الشخصي والمهني. للتخلص من هذه العادة، يجب أن يتعلم الشخص التوقف عن الانشغال المفرط بالمخاوف والقلق، وأن يثق في قدراته في اتخاذ القرارات.
7. النوع السابع: المتحمس أو الباحث عن المتعة
يبحث الأشخاص من النوع السابع عن المتعة والتجارب الجديدة. رغم أن هذه الصفات يمكن أن تكون مفيدة في الابتكار والإبداع، إلا أن ميلهم لتجنب الألم أو الصعوبات قد يؤدي إلى الانشغال الدائم بالأنشطة التي لا تؤدي إلى نتائج ملموسة. للتغلب على هذه العادة، يجب أن يتعلم الشخص تحمل التحديات والصعوبات التي تأتي مع النجاح، والتركيز على الجوانب الأكثر أهمية في حياته.
8. النوع الثامن: القوي أو المدافع
الأشخاص من النوع الثامن يتسمون بالقوة والقدرة على القيادة، لكنهم قد يتعاملون مع العالم بشكل شديد القسوة أو عنيف في بعض الأحيان. هذه العادة قد تؤدي إلى علاقات معقدة ومتوترة مع الآخرين، مما يعيق التعاون الذي يعد أساسًا لتحقيق النجاح. للتخلص من هذه العادة، يجب أن يتعلم الشخص ممارسة اللين والمرونة في التعامل مع الآخرين، مع الحفاظ على قوته الداخلية.
9. النوع التاسع: السلامي أو الوسيط
الأفراد من النوع التاسع يسعون إلى تجنب الصراع والحفاظ على السلام الداخلي والخارجي. هذه السمة قد تؤدي إلى تجنب اتخاذ القرارات الصعبة أو التعامل مع القضايا التي تتطلب اتخاذ موقف حازم. للتغلب على هذه العادة، يجب أن يتعلم الشخص أن يواجه التحديات والأمور الصعبة بشجاعة وأن يتحمل مسؤولياته بشكل فعال.
كيف يمكن للإنياجرام أن يساعد في التخلص من العادات السلبية؟
-
الوعي الذاتي والتفكير العميق: يوفر الإنياجرام أداة قوية لفهم الأنماط السلوكية العميقة. من خلال معرفة النوع النفسي الخاص بك، يمكنك تحديد العادات السلبية التي تؤثر على تقدمك وتدمير نجاحك.
-
تطوير الذكاء العاطفي: معرفة ردود أفعالك العاطفية في المواقف المختلفة يساعد على التعامل مع المشاعر بشكل أكثر نضجًا. هذا يمنحك القدرة على اتخاذ قرارات أفضل وأكثر هدوءًا.
-
التوجيه والتطوير الشخصي: من خلال استكشاف الإنياجرام، يمكنك وضع خطة شخصية لتطوير الذات. يساعدك هذا في تحديد مجالات الضعف التي تحتاج إلى تحسينها والعمل على تطوير عادات جديدة تساهم في تحقيق النجاح.
-
تحقيق التوازن الداخلي والخارجي: تساعد معرفة أنماط الإنياجرام على التوازن بين العمل والراحة، وبين تحقيق الطموحات الشخصية والروحية، مما يعزز من فعالية النجاح على المدى الطويل.
الخلاصة
إن استخدام الإنياجرام يعد أداة فعالة لفهم وتحليل العادات السلبية التي قد تعوق النجاح. من خلال التعرف على نوع الشخصية وتحليل الأنماط السلوكية، يمكن للفرد أن يبدأ في التخلص من هذه العادات وتطوير سلوكيات جديدة تعزز من فرصه في تحقيق أهدافه. العملية تتطلب وعيًا عميقًا، وانضباطًا، ورغبة في التغيير، مما يجعل الإنياجرام أداة قوية على طريق النجاح الشخصي والمهني.
