“المرأة في جبال الأنديز: الأبوية والتغيير الاجتماعي في بلدتين بيروفيتين” هو عنوان الكتاب الذي ألفته سوزان سي. بورك، والذي يعد من الأعمال البارزة في مجال العلوم الاجتماعية ودراسات المرأة. نُشر هذا الكتاب عام 1981 عن دار نشر جامعة ميشيغان، ويقدم دراسة معمقة عن حياة النساء في سياق اجتماعي واقتصادي صعب بمنطقة جبال الأنديز البيروفية.
الكتاب يركز على قصص أربع نساء من بلدتين مختلفتين في جبال الأنديز، هما شيوتشين ومايوبامبا. شيوتشين، هي مستوطنة صغيرة تقع في المرتفعات البيروفية، حيث تعيش بيلار، التاجرة الماهرة والنشيطة. في نفس البلدة، تواجه جينوفينا، وهي عاملة يومية غير متزوجة، خطر الفقر في شيخوختها بسبب عدم وجود أطفال يعولونها. من ناحية أخرى، تقع مايوبامبا، التي ترتفع عن شيوتشين بأحد عشر ألف قدم في جبال الأنديز، حيث تعيش كارمن، زوجة أحد المزارعين المزدهرين. وفي نفس البلدة، تقيم ماريانا، الأم العزباء التي لا تمتلك زوجًا أو أرضًا مشتركة.
يستكشف الكتاب أحجية تخضع النساء لهاكلياً في الهيكل الاجتماعي عبر تحليل الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لحياة هؤلاء النساء في بيرو. يقوم الكتاب بفحص النظريات المختلفة التي تفسر التسلسلات الهرمية الجنسانية في مقابل خلفيات حياة هذه النساء. نتيجة لهذه الدراسة، يتم تحديد الآليات التي تعزز القمع الجنسي وتتبع تأثير التغيير الاجتماعي والسياسات الوطنية على حياة النساء.
من خلال هذه السرد، يتمكن القارئ من رؤية كيف تُستخدم القوانين والأعراف الثقافية والظروف الاقتصادية للمحافظة على نظام الأبوية، وكيف تكافح هؤلاء النساء في سياقات مختلفة للعثور على مكانة واستقلالية في مجتمع يحكمه بشكل كبير الذكور. تُظهر بورك في دراستها كيف تؤدي الفروق بين الجنسين إلى تجارب متباينة في التعامل مع الفقر والتقليد والحداثة، وكيف تتشكل هذه الديناميكيات بتفاعلات معقدة بين العوامل المحلية والتحولات الواسعة النطاق.
إضافة إلى ذلك، يتيح الكتاب فرصة للتأمل في أهمية الدراسات النسوية والجندرية في فهم الظروف الاجتماعية والاقتصادية في أمريكا الجنوبية، مما يعزز من فهم القوى التي تشكل حياة النساء في هذه الأماكن النائية. يُعد هذا العمل، إذن، مساهمة قيمة في الأدبيات التي تستكشف العلاقات بين الجنس والطبقة والسباق في سياقات تتسم بالتعقيد والتحول المستمر.
بما أن الكتاب يعود للنشر في العام 1981، فإنه يوفر أيضًا لمحة تاريخية حول كيفية تعامل الدراسات النسوية مع قضايا الجندر في تلك الفترة، معبرًا عن التحديات والتغييرات التي شهدتها المنطقة منذ ذلك الحين. يقدم “المرأة في جبال الأنديز” بذلك نظرة شاملة تسهم في فهم أعمق لديناميكيات الجندر في المجتمعات الأنديزية وتأثيرها على سياسات وممارسات المنطقة.