رواية “البورتريه” لإيان بيرس هي عمل أدبي ينتمي إلى فئة الخيال الأدبي، وتدور أحداثها حول ناقد فني مؤثر في أوائل القرن العشرين يسافر من لندن إلى جزيرة هوا النائية، الواقعة قبالة الساحل الشمالي الغربي لفرنسا، ليجلس كنموذج لبورتريه يرسمه صديق قديم، وهو فنان موهوب لكنه يعاني من العذاب النفسي ويعيش في منفى اختياري. تتكشف الرواية من خلال الجلسات التي يقضيها الناقد أمام الرسام، حيث يستعيد الرسام ذكريات سنوات صداقتهما، وهدية الناقد المزدوجة الأطراف في دعمه، والسلطة التي كان يمارسها على الفنانين الطامحين، بالإضافة إلى قسوته أحيانًا التي كانت تتجلى في دعم مسيرة بعض الفنانين وتدمير حياة آخرين.
يتغير ميزان القوى بين الرجلين بشكل دراماتيكي خلال تطور الأحداث، إذ يتحول الناقد إلى موضوع سلبي، بينما يكافح الرسام ليس فقط لرسم صورة الرجل، ولكن أيضًا لاستخلاص جوهر شخصيته على القماش. يتذكر الرسام بسهولة وألفة في بعض الأحيان، وبغضب وتهديد في أوقات أخرى، ويكشف في النهاية عن الأسباب التي دفعته لقبول هذه المهمة، ولماذا غادر لندن فجأة وبشكل غامض عند ذروة نجاحه، ولماذا يشعر الآن بالعزم القوي على العودة.
تتميز الرواية بأجوائها الغنية والمشحونة بالتلميحات والتعقيدات النفسية، فضلاً عن التفاصيل الرائعة التي تشكل خلفية مسرحية لأحداث الرواية. تقع الأحداث في بريتاني، المنطقة البرية وغير المروضة خلال واحدة من أكثر الفترات انفجارًا في تاريخ الفن. تُظهر الرواية ببراعة كيف أن البيئة المحيطة يمكن أن تؤثر بعمق على الإبداع الفني، مستعرضةً بذلك التأثير المتبادل بين الشخصية والمكان.
نُشرت هذه الرواية لأول مرة في أبريل من عام 2005، وقد حظيت بالإشادة بفضل تصويرها الدقيق والمتقن للتوترات النفسية بين الشخصيات، وقدرتها على إعادة القارئ إلى قراءة الرواية مرة أخرى بعد الانتهاء من الصفحة الأخيرة المثيرة، للتقاط الإشارات والدلالات التي قد تكون فاتته في القراءة الأولى.
“البورتريه” هي أكثر من مجرد رواية عن الفن أو عن العلاقات الشخصية؛ إنها استكشاف عميق للديناميكيات البشرية والقوى التي تشكل حياتنا ومصائرنا. يُعد هذا العمل شهادة على قدرة الأدب على تحدي الزمن والتأثير في النفس البشرية بطرق غير متوقعة وأحيانًا مزعجة، مما يجعله مثالًا بارزًا في مجال الروايات الأدبية العصرية.