التأتأة عند الأطفال وأسبابها

التأتأة والتلعثم عند الأطفال: الأسباب، الأعراض، وكيفية التعامل

مقدمة

التأتأة والتلعثم من المشاكل اللغوية الشائعة التي قد يواجهها العديد من الأطفال في مراحل نموهم. على الرغم من أنها غالباً ما تكون مرحلة عابرة، إلا أن البعض قد يعاني من هذه المشكلة لفترة أطول، مما قد يؤدي إلى تأثيرات نفسية وسلوكية على الطفل. في هذا المقال، سنتناول التأتأة والتلعثم عند الأطفال، ونوضح أسبابها المحتملة، الأعراض المرتبطة بها، وكيفية التعامل معها بطريقة علمية وصحية.

ما هي التأتأة والتلعثم؟

التأتأة أو التلعثم هو اضطراب في الكلام يتسبب في انقطاع أو تكرار غير طبيعي في الصوت أو المقاطع أو الكلمات أثناء التحدث. يتراوح هذا الاضطراب في شدته من حالة بسيطة حيث يواجه الطفل صعوبة في بدء جملة، إلى حالة أكثر تعقيدًا حيث يتكرر الصوت أو الكلمة عدة مرات قبل أن يستطيع الطفل إكمال الجملة.

يحدث التلعثم عادة في مرحلة ما قبل المدرسة، خصوصًا بين سن 2 و 5 سنوات، وهي فترة يتطور فيها الطفل لغويًا بسرعة. وفي الغالب، يختفي التأتأة في حالات كثيرة مع تقدم الطفل في السن، إلا أن هناك حالات تستدعي التدخل الطبي والعلاجي.

أسباب التأتأة والتلعثم عند الأطفال

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى ظهور التأتأة والتلعثم عند الأطفال، وقد تكون ناتجة عن عوامل متعددة قد تتداخل مع بعضها. سنستعرض بعضها في النقاط التالية:

1. العوامل الوراثية:
   يعتبر العامل الوراثي من أكثر الأسباب شيوعًا، حيث لوحظ أن الأطفال الذين ينحدرون من أسر بها تاريخ من التأتأة يكونون أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب. هناك جينات قد تكون مرتبطة بتطور اللغة والكلام، مما يزيد من احتمالية حدوث التلعثم.

2. الاختلافات في تطور الدماغ:
   تشير بعض الدراسات إلى أن التأتأة قد تكون ناتجة عن اختلافات في طريقة معالجة الدماغ للغة. قد يتسبب هذا في صعوبة في تنسيق الكلمات والأصوات بشكل طبيعي، مما يؤدي إلى التلعثم.

3. الضغوط النفسية والتوتر:
   تعرض الطفل لضغوط نفسية أو بيئية قد يسهم في تطور التأتأة. مثلًا، قد يؤثر التوتر أو القلق الناتج عن تغييرات في حياة الطفل مثل الانتقال إلى مدرسة جديدة أو ولادة أخ أو أخته على قدرته في التعبير عن نفسه بطريقة سليمة.

4. التحدث السريع أو المتعدد:
   في بعض الأحيان، يمكن أن يتسبب التحدث السريع أو التحدث في وقت واحد مع عدة أفراد في الضغط على الطفل، مما يؤدي إلى حدوث التلعثم. هذا قد يحدث خصوصًا في العائلات التي تتمتع بثقافة نقاشية حادة أو سريعة.

5. الاختلالات في المهارات الاجتماعية:
   في بعض الحالات، قد يكون الطفل الذي يعاني من مشكلات في التفاعل الاجتماعي أو ثقة بالنفس أكثر عرضة للتلعثم. التحديات التي يواجهها الطفل في التفاعل مع الآخرين قد تؤدي إلى الإحراج أو الخوف من التعبير عن نفسه، مما يساهم في تفاقم التلعثم.

أعراض التأتأة والتلعثم

تختلف أعراض التأتأة والتلعثم بين الأطفال، لكن هناك بعض الأعراض التي قد تكون مشتركة بين معظم الحالات:

1. تكرار الكلمات أو المقاطع:
   يتكرر الطفل أحيانًا بعض الكلمات أو المقاطع الصوتية، مثل: “م-م-م-ماما”، أو قد يعيد الكلمة عدة مرات قبل أن يتمكن من إتمامها.

2. وقفات أو انقطاعات غير طبيعية:
   قد يواجه الطفل صعوبة في إنهاء الجملة، مما يؤدي إلى توقف غير طبيعي في الكلام أو توقف لفترة قصيرة قبل أن يتابع.

3. إطالة بعض الأصوات:
   أحيانًا، قد يمد الطفل الصوت عند نطق بعض الحروف أو المقاطع الصوتية، مثل: “ســـســـســـسلام”.

4. تغيير في تعبيرات الوجه وحركات الجسم:
   قد يصاحب التلعثم بعض الحركات غير الإرادية مثل رمش العين أو حركة اليدين أو شد العضلات، نتيجة التوتر الذي يشعر به الطفل أثناء التلعثم.

5. الخوف أو تجنب الكلام في بعض الأحيان:
   في بعض الحالات الأكثر تطورًا، قد يعاني الطفل من شعور بالخجل أو الخوف من التحدث، مما قد يجعله يتجنب التحدث في المواقف الاجتماعية.

كيفية التعامل مع التأتأة والتلعثم عند الأطفال

التعامل مع التأتأة والتلعثم يتطلب الصبر والمثابرة، بالإضافة إلى توفير بيئة داعمة وآمنة للطفل. فيما يلي بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد في التعامل مع هذه المشكلة:

1. الاستماع بصبر:
   من المهم أن يتم الاستماع للطفل بعناية ودون مقاطعته أو التدخل في كلامه. يجب أن يشعر الطفل بالراحة وأن يكون لديه الوقت الكامل للتعبير عن نفسه.

2. تشجيع الطفل على التحدث في بيئة هادئة:
   يمكن للطفل أن يشعر بالضغط في بيئات مليئة بالأصوات أو النشاطات السريعة. من المفيد خلق بيئة هادئة ومريحة حيث يمكن للطفل أن يتحدث بحرية دون الشعور بالتوتر.

3. التحدث ببطء ووضوح:
   ينبغي على الأهل والمعلمين التحدث بشكل بطيء وواضح عند التفاعل مع الطفل. هذه الطريقة تعزز قدرة الطفل على متابعة الكلام وتساعد في تقليل التوتر المرتبط بالتحدث بسرعة.

4. دعم الطفل عاطفيًا:
   يجب أن يتم تشجيع الطفل على التحدث بحرية ودون الخوف من السخرية أو النقد. بناء الثقة بالنفس لدى الطفل يسهم في تقليل التوتر ويقلل من احتمالية تطور التأتأة.

5. الاستعانة بأخصائي لغة وتخاطب:
   في الحالات التي يستمر فيها التلعثم لفترة طويلة أو تصبح أكثر تعقيدًا، من المهم استشارة أخصائي في علاج اضطرابات النطق واللغة. سيقوم الأخصائي بتقديم استراتيجيات وتقنيات تهدف إلى تحسين قدرة الطفل على التحدث بثقة وبدون صعوبة.

6. التمارين التربوية:
   يمكن لبعض الألعاب والتمارين التربوية أن تساعد في تقوية مهارات النطق لدى الطفل. على سبيل المثال، التحدث عن الصور أو القصص والتفاعل مع الطفل بشكل مستمر يساعد على تطوير قدراته اللغوية.

هل يمكن أن يختفي التلعثم؟

في الغالب، يختفي التلعثم عند العديد من الأطفال عندما يتقدمون في السن. تشير الأبحاث إلى أن حوالي 75٪ من الأطفال الذين يعانون من التأتأة في سن مبكرة يتغلبون عليها مع مرور الوقت دون الحاجة إلى علاج. لكن في بعض الحالات، قد تستمر التأتأة لفترة أطول وقد تتطلب تدخلاً متخصصًا.

الختام

التأتأة والتلعثم عند الأطفال ليست بالضرورة مشكلة دائمة، ولكن من المهم أن يتم التعامل معها بعناية وفهم. من خلال توفير بيئة داعمة، والاستماع الجيد، والتشجيع المستمر، يمكن للطفل التغلب على هذه المشكلة والتقدم في مهاراته اللغوية. في حال استمرت المشكلة أو ازدادت حدتها، ينبغي استشارة أخصائي في اللغة والنطق للحصول على المشورة والعلاج المناسب.