البروفين: دواعي الاستعمال والآثار

البروفين: الدواء المضاد للالتهابات ومسكن الألم – دراسة شاملة

يُعد البروفين (Brufen) من أشهر الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية (NSAIDs)، ويُستخدم على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم لعلاج مجموعة واسعة من الحالات المرتبطة بالألم والالتهاب والحمى. ينتمي البروفين إلى فئة من العقاقير تُعرف باسم مشتقات حمض البروبيونيك، ومادته الفعالة هي إيبوبروفين (Ibuprofen)، والتي تم اكتشافها وتطويرها لأول مرة في ستينيات القرن العشرين من قبل الصيدلي البريطاني د. ستيوارت آدامز.

يمثل البروفين حجر الزاوية في علاج الألم والالتهاب في ممارسات الرعاية الأولية والسريرية، ويُصرف غالباً دون وصفة طبية في تركيزات منخفضة، بينما يُستخدم تحت إشراف طبي في حالات معينة بجرعات علاجية أعلى.

التركيب الدوائي للبروفين

المادة الفعالة الرئيسية في البروفين هي إيبوبروفين، والتي تعمل عن طريق تثبيط إنزيم السيكلوأوكسيجيناز (COX)، وهو إنزيم مسؤول عن تصنيع البروستاجلاندينات التي تلعب دوراً محورياً في التسبب في الالتهاب والشعور بالألم والحمى. يحتوي البروفين أيضاً على سواغات مختلفة تختلف حسب الشركة المصنعة والشكل الصيدلاني (أقراص، شراب، كبسولات جيلاتينية، تحاميل، إلخ).

آلية عمل البروفين

يعمل البروفين من خلال تثبيط نشاط الإنزيمات COX-1 وCOX-2، والتي تدخل في سلسلة التفاعلات التي تؤدي إلى إنتاج البروستاجلاندينات من حمض الأراكيدونيك. تلعب هذه البروستاجلاندينات دوراً رئيسياً في تحفيز الالتهاب وزيادة الإحساس بالألم ورفع درجة حرارة الجسم.

تثبيط هذا المسار يقلل من الالتهاب والورم وحرارة الجسم، مما يجعل البروفين فعالاً في حالات الالتهابات الروماتيزمية، وألم العضلات، والصداع، وآلام الأسنان، وآلام الدورة الشهرية، وغيرها من الحالات.

دواعي استخدام البروفين

يُستخدم البروفين لعلاج مجموعة واسعة من الحالات، منها:

1. تسكين الألم الحاد والمزمن

• الصداع النصفي والصداع العادي.

• ألم الظهر.

• آلام المفاصل.

• الألم الناتج عن الجروح أو بعد العمليات الجراحية.

• ألم الأسنان.

2. الحمى

• خفض درجة الحرارة في حالات العدوى الفيروسية أو البكتيرية.

• يُستخدم للأطفال والبالغين كمخفض للحرارة عند ارتفاعها عن المعدل الطبيعي.

3. الاضطرابات الروماتيزمية

• التهاب المفاصل الروماتويدي.

• الفُصال العظمي.

• التهاب الفقار اللاصق.

4. الآلام النسائية

• عسر الطمث الأولي (ألم الدورة الشهرية).

• التهاب بطانة الرحم.

• الألم الناتج عن تكيسات المبيض أو الأورام الليفية.

5. الالتهابات الخفيفة إلى المتوسطة

• التهاب الأذن الوسطى.

• التهاب الحلق.

• التهاب الجيوب الأنفية.

الجرعات المتوفرة وأشكال الاستخدام

يُتاح البروفين في عدة أشكال صيدلانية، لتلبية احتياجات الفئات العمرية والحالات المختلفة:

تختلف الجرعة حسب العمر، الوزن، وشدة الحالة. ولا ينبغي تجاوز الجرعة اليومية القصوى التي غالبًا ما تكون 2400 ملغ للبالغين إلا تحت إشراف طبي.

التحذيرات والاحتياطات

بالرغم من فعالية البروفين، إلا أن استخدامه يجب أن يكون بحذر في بعض الحالات لتجنب المضاعفات المحتملة، خصوصاً عند الاستخدام المزمن أو بجرعات عالية.

1. الجهاز الهضمي

• قد يسبب البروفين قرحة في المعدة أو الإثني عشر.

• يمكن أن يؤدي إلى نزيف هضمي داخلي، خاصةً عند كبار السن أو مع الاستخدام الطويل.

• يُنصح بتناوله بعد الطعام أو مع الحليب لتقليل تهيج المعدة.

2. الجهاز القلبي الوعائي

• زيادة خطر حدوث النوبات القلبية أو السكتات الدماغية مع الاستخدام المطول.

• يُمنع استخدامه في المرضى الذين يعانون من أمراض قلبية مزمنة دون إشراف طبي.

3. الكلى

• يمكن أن يؤثر البروفين سلباً على وظائف الكلى، خصوصاً في حالات الجفاف أو عند استخدامه مع أدوية مدرة للبول.

4. الحمل والرضاعة

• يُفضل تجنبه في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل لأنه قد يسبب إغلاق القناة الشريانية في الجنين.

• يُستخدم بحذر أثناء الرضاعة، ويُفضل استشارة الطبيب.

5. التحسس المفرط

• في بعض الحالات النادرة، قد يسبب البروفين تفاعلات تحسسية مثل الطفح الجلدي، صعوبة التنفس، أو وذمة وعائية.

التداخلات الدوائية

يتداخل البروفين مع العديد من الأدوية، ومن أبرز التفاعلات ما يلي:

• مضادات التجلط (مثل الوارفارين): قد يزيد من خطر النزيف.

• الأسبرين: قد يقلل من تأثيره الوقائي القلبي.

• مدرات البول (مثل فوروسيميد): قد يقلل من فعاليتها ويزيد من خطر سمية الكلى.

• مثبطات ACE ومضادات مستقبلات الأنجيوتنسين: قد تؤثر على وظائف الكلى عند الاستخدام المشترك.

• الميثوتركسيت: يمكن أن يزيد من تركيزه في الدم وبالتالي من سميته.

الآثار الجانبية الشائعة

تظهر بعض الآثار الجانبية عند استخدام البروفين، وتكون في معظم الأحيان خفيفة ومؤقتة، لكنها قد تتطور إلى أعراض أكثر خطورة في حالات نادرة.

الآثار الجانبية الشائعة:

• حرقة المعدة.

• غثيان وقيء.

• دوار وصداع.

• إسهال أو إمساك.

• طنين في الأذنين (عند الجرعات العالية).

الآثار الجانبية الأقل شيوعاً ولكن خطيرة:

• قرحة معدية أو نزيف داخلي.

• فشل كلوي حاد.

• ارتفاع ضغط الدم.

• طفح جلدي خطير مثل متلازمة ستيفن-جونسون.

• اختلال وظائف الكبد.

مقارنة بين البروفين ومسكنات أخرى

الاستخدامات في طب الأطفال

يُعد البروفين أحد أهم الأدوية المستخدمة لتخفيض الحرارة لدى الأطفال، ويتميز بفعاليته العالية في حالات الحمى الناتجة عن الالتهابات الفيروسية والبكتيرية. يُستخدم غالباً عندما لا تستجيب الحرارة للباراسيتامول أو عند الحاجة إلى تأثير مضاد للالتهاب أيضاً، كما في حالات التهاب الأذن أو اللوزتين.

يُراعى عدم إعطاء البروفين للأطفال دون سن 6 أشهر إلا تحت إشراف طبي، وتُحسب الجرعة بناءً على وزن الطفل (عادةً 10 ملغ لكل كيلوغرام من الوزن كل 6 إلى 8 ساعات).

الاستخدامات في الطب الرياضي

يحظى البروفين بمكانة بارزة في الطب الرياضي، ويُستخدم لعلاج:

• الالتواءات.

• التمزقات العضلية.

• الكدمات.

• آلام ما بعد التدريب المكثف.

يُستخدم أحياناً في شكل جل موضعي لتقليل الالتهاب الموضعي والألم دون التسبب في آثار جانبية جهازية.

التوصيات السريرية الحديثة

تشير التوصيات السريرية الحديثة إلى ضرورة تقنين استخدام البروفين ضمن أقل جرعة فعالة ولأقصر فترة ممكنة. ويُنصح دائماً بتقييم مخاطر القلب، الكلى، والجهاز الهضمي لدى المريض قبل وصفه لفترات طويلة.

كما توصي الجمعية الأوروبية لأمراض القلب بعدم استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية بما فيها البروفين لفترات طويلة لدى مرضى القلب ما لم يكن هناك ضرورة واضحة وتحت إشراف دقيق.

الاستعمال في حالات العدوى الفيروسية مثل كوفيد-19

في بداية جائحة كوفيد-19، ظهرت بعض الشكوك حول تأثير البروفين على تطور المرض، لكن الدراسات اللاحقة لم تثبت وجود خطر مباشر لاستخدام الإيبوبروفين في هذا السياق. أصدرت منظمة الصحة العالمية ومنظمات طبية أخرى توجيهات تنص على أنه لا يوجد دليل قوي على أن البروفين يفاقم الأعراض، ولكن يُنصح بعدم المبالغة في استخدامه.

الخلاصة العلاجية والدوائية

البروفين دواء فعال للغاية عند استخدامه بشكل صحيح، وهو خيار ممتاز لتسكين الألم وعلاج الالتهابات في طيف واسع من الأمراض. لكن فعاليته يجب أن توازن مع احتياطات السلامة، خاصة لدى المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل أمراض القلب، الكلى، أو المعدة.

الالتزام بالجرعة الصحيحة ومراقبة التداخلات الدوائية وتحديد مدة الاستخدام تُعد من أساسيات الاستخدام الآمن للبروفين، سواء في الاستخدام المنزلي أو السريري.

المراجع:

1. Sweetman, S.C. (Editor), Martindale: The Complete Drug Reference, Pharmaceutical Press, 2023.

2. World Health Organization (WHO). “The use of non-steroidal anti-inflammatory drugs (NSAIDs) in patients with COVID-19”, 2020.