البراكين: الأسباب والفوائد

البراكين: أسباب حدوثها – أنواعها – فوائدها

تعتبر البراكين من الظواهر الطبيعية الأكثر إثارة وتأثيرًا على سطح الأرض، حيث تخرج منها الحمم البركانية والغازات المدمرة، وتغير من خصائص البيئة بشكل جذري. ومع ذلك، رغم خطورتها، تلعب البراكين دورًا كبيرًا في تشكيل سطح الأرض والحفاظ على التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية. في هذا المقال، سنتناول أسباب حدوث البراكين، أنواعها المختلفة، وأهم الفوائد التي تقدمها للبشرية والطبيعة.

أسباب حدوث البراكين

تتكون البراكين نتيجةً لنشاطات جيولوجية تحدث في قشرة الأرض، حيث تنشأ بسبب تصاعد المواد المنصهرة من داخل الأرض إلى سطحها. تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى هذه الظاهرة، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:

1. الأنشطة التكتونية:
   تعد الحركات التكتونية من أهم أسباب حدوث البراكين. تكمن هذه الحركات في تحرك الصفائح التكتونية للأرض، سواء كان ذلك عن طريق التباعد أو التصادم أو الانزلاق.

   • البراكين الناتجة عن التباعد التكتوني: يحدث عندما تنفصل صفائح القشرة الأرضية عن بعضها البعض، مما يؤدي إلى انبعاث الحمم البركانية عبر الشقوق التي تتكون.

   • البراكين الناتجة عن التصادم التكتوني: عندما تلتقي الصفائح التكتونية، يمكن أن يؤدي التصادم إلى انضغاط أحد الصفائح تحت الأخرى، مما يسبب ارتفاع درجات الحرارة داخل الأرض ويؤدي إلى انبعاث الحمم البركانية.

2. الأنشطة الحرارية في الوشاح الأرضي:
   توجد مناطق داخل الوشاح الأرضي تكون درجات الحرارة فيها مرتفعة بشكل كبير، وهذه الحرارة تعمل على ذوبان الصخور وتحويلها إلى صهارة. تتراكم الصهارة في طبقات القشرة الأرضية وتؤدي إلى حدوث البراكين عندما تصعد إلى سطح الأرض عبر الشقوق التكتونية.

3. تراكم الغازات:
   في بعض الحالات، يحدث تراكم غازات مثل ثاني أكسيد الكربون والحمض الكبريتي الذي يكون محبوسًا داخل باطن الأرض. مع تراكم هذه الغازات في الفجوات التكتونية، يؤدي الضغط المتزايد إلى انفجارها نحو سطح الأرض بشكل مفاجئ.

4. البراكين الناتجة عن النشاط البركاني تحت الماء:
   يمكن أن تحدث البراكين تحت المحيطات نتيجة لحركة الصفائح التكتونية في قاع المحيط. هذه البراكين تُنتج حممًا بركانية قد تخلق جزرًا جديدة تحت سطح الماء.

أنواع البراكين

تختلف البراكين بناءً على شكلها، وطريقة انفجارها، والمكان الذي تقع فيه. ويمكن تصنيفها إلى الأنواع التالية:

1. البراكين الدرعية:
   هي براكين تتميز بشكلها المسطح والعريض، حيث تخرج الحمم البركانية ببطء من فوهة البركان، مما يجعلها تتراكم بشكل واسع. تنتج هذه البراكين عادة عن انفجارات خفيفة وتدفقات مستمرة من الحمم السائلة. تُعد هذه البراكين أكثر الأنواع شيوعًا في المناطق المحيطية مثل هاواي.

2. البراكين المخروطية (الطبقية):
   هذه البراكين هي الأكثر شهرة، وتتميز بتراكم الحمم البركانية التي تكون أكثر لزوجة من تلك التي تخرج من البراكين الدرعية. تكون انفجاراتها أكثر عنفًا وعادة ما تخرج مواد صلبة مثل الرماد والصخور البركانية. تتكون من طبقات متتالية من الحمم والرماد والمواد البركانية الأخرى. من أمثلتها بركان جبل فوجي في اليابان.

3. البراكين الشديدة (البركان المركب):
   هي براكين تتميز بالانفجارات العنيفة التي تُنتج كميات كبيرة من الرماد والغازات السامة بالإضافة إلى الحمم البركانية. تكون هذه البراكين أكثر تعقيدًا لأنها تتضمن مزيجًا من الأنشطة البركانية المختلفة، حيث تتراكم طبقات متعددة من الحمم والرماد. ومن أمثلتها بركان كراكاتوا في إندونيسيا.

4. البراكين الحفرية:
   هي براكين صغيرة تتكون عند حدوث انفجارات بسيطة لا تخرج منها الحمم ولكنها تخرج من الفوهات غازات والرماد. غالبًا ما تكون هذه الأنواع من البراكين صغيرة جدًا ويمكن أن تكون على شكل فوهات صغيرة في الأرض.

5. البراكين تحت البحر:
   تُعتبر البراكين التي تحدث في قاع المحيطات جزءًا من أنظمة بركانية رئيسية مثل “حزام النار” حول المحيط الهادئ. قد تخلق هذه البراكين جزرًا جديدة كما حدث مع جزر أيسلندا.

فوائد البراكين

رغم أن البراكين قد تكون مدمرة وخطيرة، إلا أن لها العديد من الفوائد التي تسهم في تحسين الحياة على سطح الأرض بشكل غير مباشر. فيما يلي بعض الفوائد الهامة للبراكين:

1. تشكيل الأرض:
   تساهم البراكين في تشكيل التضاريس الجغرافية للأرض. الحمم البركانية التي تخرج من البراكين تساهم في بناء جزر جديدة وتشكيل مناطق مرتفعة. على سبيل المثال، تعتبر جزر هاواي نموذجًا جيدًا لتأثير البراكين في بناء جزر جديدة.

2. تخصيب التربة:
   الحمم البركانية تحتوي على مواد معدنية غنية بالعناصر التي تساعد على خصوبة التربة. عندما تبرد الحمم وتتفتت، تصبح هذه المواد مغذية للنباتات، مما يزيد من خصوبة الأرض ويجعلها مثالية للزراعة. لذلك، تُعتبر الأراضي البركانية مثالية لزراعة المحاصيل مثل العنب والطماطم.

3. الأنشطة الجيولوجية والبحث العلمي:
   تساعد الأنشطة البركانية العلماء والجيولوجيين في دراسة النشاطات الداخلية للأرض. الفوهات البركانية ومواد الحمم توفر معلومات حيوية حول تكوين الأرض والعمليات التي تحدث داخل باطن الأرض.

4. الطاقة الحرارية الجوفية:
   تُعتبر البراكين مصدرًا هامًا للطاقة الحرارية الجوفية، وهي أحد أشكال الطاقة المتجددة. يمكن استغلال الحرارة الناتجة عن النشاط البركاني لتوليد الطاقة الكهربائية، مما يقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية. تستخدم بعض البلدان، مثل آيسلندا، هذه الطاقة الحرارية في تسخين المياه والطاقة الكهربائية.

5. السياحة:
   تجذب البراكين العديد من السياح، سواء كانوا يرغبون في رؤية الانفجارات البركانية أو استكشاف المناظر الطبيعية الفريدة التي تنتج عن النشاط البركاني. هذه السياحة توفر دخلًا اقتصاديًا للمناطق التي تحتوي على براكين نشطة.

6. مصادر المعادن:
   يمكن أن تكون البراكين مصدرًا هامًا للمعادن الثمينة، مثل الذهب والفضة والنيكل. المواد البركانية تحتوي على معادن يمكن استخراجها واستخدامها في العديد من الصناعات.

خاتمة

إن البراكين هي من الظواهر الطبيعية التي تثير الفضول وتثير الخوف في نفس الوقت، فهي تملك القدرة على تغيير معالم الأرض، ولكنها في الوقت ذاته تسهم في تحسين التربة، وتوفير مصادر للطاقة، وخلق فرص اقتصادية. من خلال فهم أسباب حدوثها وأنواعها وفوائدها، يمكننا تقدير الدور الذي تلعبه في الطبيعة وفي حياة الإنسان بشكل عام.