البحة المستمرة: أسباب وعلاج

البحة مؤشر سيء: إذا طالت، ماذا يحدث؟

تُعدُّ البحة من بين الأعراض الشائعة التي قد يشعر بها العديد من الأشخاص في فترة من فترات حياتهم، وقد تكون مجرد حالة مؤقتة ناتجة عن الزكام أو الإجهاد الصوتي. ولكن في بعض الحالات، قد تكون البحة مؤشرًا على مشكلة صحية أكثر تعقيدًا، خاصة إذا طالت لأيام أو أسابيع. قد تحمل البحة وراءها رسائل من الجسم تشير إلى وجود خلل في الجهاز التنفسي أو الصوتي، وقد تتراوح الأسباب بين العدوى البسيطة إلى الحالات المرضية الأكثر خطورة.

ما هي البحة؟

البحة هي تغير غير طبيعي في الصوت يتمثل عادة في خشونة أو تقطع الصوت. قد يصاحبها شعور بصعوبة في التحدث أو فقدان القدرة على إخراج الصوت بشكل طبيعي. يحدث هذا التغيير بسبب تأثر الحبال الصوتية، التي تقع في الحنجرة. تتسبب العديد من العوامل في ظهور هذه الحالة، بما في ذلك التهاب الحنجرة، الإجهاد الصوتي، التلوث البيئي، أو بعض الحالات المرضية المزمنة.

الأسباب المحتملة للبحة

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى حدوث البحة، وتختلف وفقًا لشدة الحالة ومدتها. يمكن تلخيص الأسباب الرئيسية للبحة فيما يلي:

1. التهابات الجهاز التنفسي العلوي

تعتبر العدوى الفيروسية مثل الزكام أو الإنفلونزا من أكثر الأسباب شيوعًا للبحة. خلال هذه الفترة، قد يحدث التهاب في الحنجرة يؤدي إلى اضطراب في وظائف الحبال الصوتية، مما يسبب خشونة الصوت أو فقدانه في بعض الأحيان.

2. الإجهاد الصوتي

إفراط الشخص في استخدام صوته، مثل التحدث لفترات طويلة بصوت مرتفع أو الصراخ، قد يؤدي إلى التهاب الحبال الصوتية. يتعرض هذا النوع من البحة بشكل أكبر الأشخاص الذين يستخدمون أصواتهم بشكل متكرر، مثل المعلمين والمغنيين والمتحدثين العامين.

3. الحساسية والتلوث البيئي

التعرض المستمر للملوثات الجوية أو المواد الكيميائية قد يؤدي إلى تهيج الحنجرة، مما يسبب البحة. يمكن أن تكون المواد المثيرة للحساسية مثل الغبار وحبوب اللقاح والروائح العطرية سببًا رئيسيًا للبحة.

4. الارتجاع المعدي المريئي (GERD)

الارتجاع الحمضي يمكن أن يؤدي إلى تهيج الحبال الصوتية وتسبب التهاب الحنجرة، مما ينتج عنه بحة في الصوت. في حالة الإصابة بهذا المرض، يتسرب الحمض من المعدة إلى المريء، مما قد يصل إلى الحنجرة ويسبب تهيجًا في المنطقة.

5. الأمراض العصبية

بعض الأمراض العصبية قد تؤثر على الأعصاب المسؤولة عن تحريك الحبال الصوتية، مما يؤدي إلى بحة في الصوت. مثل هذه الأمراض تشمل السكتات الدماغية أو التصلب المتعدد.

6. الأورام في الحنجرة

من الأسباب الأكثر خطورة للبحة، يمكن أن تكون الأورام الحميدة أو الخبيثة في الحنجرة هي السبب. هذه الأورام قد تؤثر على الحبال الصوتية بشكل يؤدي إلى تغيير في الصوت بشكل تدريجي أو مفاجئ.

7. التدخين

التدخين من الأسباب الرئيسية للبحة المزمنة، حيث يؤثر الدخان على الأنسجة المخاطية في الحنجرة ويؤدي إلى تلف دائم في الحبال الصوتية. يعتبر التدخين أحد الأسباب التي تزيد من احتمالية الإصابة بسرطان الحنجرة، وهو سبب خطير للبحة المستمرة.

8. التغيرات الهرمونية

التغيرات الهرمونية التي تحدث خلال فترات معينة مثل الحمل أو انقطاع الطمث قد تؤدي إلى تغيير في نغمة الصوت. بالإضافة إلى ذلك، قد يعاني الأشخاص المصابون بمشاكل في الغدة الدرقية من بحة مزمنة بسبب تأثيرها على الحنجرة.

متى تصبح البحة خطيرة؟

في معظم الأحيان، تكون البحة نتيجة لعدوى خفيفة أو إجهاد صوتي عابر، ولكن إذا استمرت البحة لأكثر من أسبوعين دون تحسن، فقد تكون هذه علامة على وجود مشكلة صحية جدية. يتطلب الأمر متابعة طبية فورية إذا كانت البحة مصحوبة بأعراض أخرى مثل:

• صعوبة في البلع أو التنفس

• فقدان الصوت بشكل كامل

• ألم في الحنجرة أو الأذن

• سعال مصحوب بدم

• تورم في العنق أو الحنجرة

هذه الأعراض قد تشير إلى وجود التهاب مزمن أو مشكلة أكثر تعقيدًا في الجهاز التنفسي أو الحنجرة.

تشخيص أسباب البحة

يعتمد التشخيص على التاريخ الطبي للمريض والأعراض المصاحبة. قد يقوم الطبيب بإجراء الفحوصات التالية:

• فحص حنجرة بالأشعة السينية أو التنظير

• اختبارات قياس الصوت

• اختبارات الدم لتحديد وجود عدوى

• مراجعة النظام الغذائي والتاريخ التدخيني

في حالة الاشتباه في وجود أورام أو اضطرابات عصبية، قد يطلب الطبيب اختبارات إضافية مثل فحص بالأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي.

الوقاية والعلاج

الوقاية من البحة تتضمن الحفاظ على صحة الجهاز التنفسي واتباع بعض الإرشادات المهمة التي تشمل:

• تجنب الإفراط في استخدام الصوت: تقليل التحدث بصوت مرتفع أو الصراخ.

• التوقف عن التدخين: وذلك لأن التدخين يؤثر بشكل كبير على صحة الحنجرة.

• شرب السوائل بانتظام: يساعد ذلك في الحفاظ على رطوبة الحنجرة وتخفيف التهيج.

• تجنب الملوثات البيئية: مثل المواد الكيميائية والغبار.

• استخدام المرطبات: إذا كان الهواء جافًا، يمكن استخدام جهاز الترطيب للحفاظ على رطوبة الهواء المحيط.

أما بالنسبة للعلاج، فإنه يعتمد على السبب الكامن وراء البحة. ففي حالة العدوى الفيروسية، قد يوصي الطبيب بالعلاج الداعم مثل الراحة الصوتية وشرب السوائل الدافئة. في الحالات الأكثر خطورة مثل الأورام أو أمراض الأعصاب، قد يتطلب الأمر التدخل الطبي الجراحي أو العلاج الإشعاعي.

الخلاصة

البحة هي عرض قد يكون عابرًا في بعض الأحيان، لكنه يمكن أن يكون أيضًا مؤشرًا على مشكلة صحية خطيرة إذا طالت لفترة طويلة. من الضروري عدم تجاهل البحة المستمرة، خاصة إذا كانت مصحوبة بأعراض أخرى قد تشير إلى مشاكل صحية أكثر تعقيدًا. استشارة الطبيب في هذه الحالة تكون خطوة مهمة لتشخيص الحالة وعلاجها بشكل مناسب، بما في ذلك تجنب العوامل المسببة لها والالتزام بالعلاج المناسب لضمان عودة الصوت إلى حالته الطبيعية.