تُعد زهرة البابونج من أقدم النباتات الطبية المعروفة للإنسان، وقد استُخدمت منذ آلاف السنين في الحضارات المختلفة بفضل خصائصها العلاجية والتهدئة الفريدة. تنتمي هذه الزهرة إلى فصيلة النجمية (Asteraceae)، وتُعرف علمياً باسم Matricaria chamomilla أو Chamaemelum nobile، وتُزرع في مناطق عدة حول العالم، خاصة في أوروبا، آسيا، وشمال إفريقيا. يتم استخدام الأزهار المجففة منها في تحضير الشاي والزيوت والمستحضرات التجميلية والعلاجية، نظرًا لتركيبتها الكيميائية الغنية بالمركبات الفعالة مثل الأبيجينين، والبيسابولول، والكامازولين.
التركيب الكيميائي لزهرة البابونج
تتميز أزهار البابونج باحتوائها على مجموعة واسعة من المركبات النباتية النشطة بيولوجيًا. وأهم هذه المركبات:
| المركب | الوظيفة الحيوية الرئيسية |
|---|---|
| الأبيجينين Apigenin | مضاد للأكسدة، مضاد للقلق، ومهدئ للجهاز العصبي |
| البيسابولول Bisabolol | مضاد للالتهابات والبكتيريا، يُستخدم في منتجات العناية بالبشرة |
| الكامازولين Chamazulene | مضاد للأكسدة ومضاد للالتهابات |
| الفلافونويدات | تحمي الخلايا من الأكسدة وتعزز مناعة الجسم |
الفوائد الصحية لزهرة البابونج
1. تهدئة الأعصاب وتحسين جودة النوم
من أشهر فوائد البابونج هو تأثيره المهدئ، وقد أظهرت دراسات عدة أن استهلاك شاي البابونج يمكن أن يساعد على تقليل القلق، التوتر، والأرق. مادة الأبيجينين ترتبط بمستقبلات معينة في الدماغ تنتج تأثيرًا يشبه المهدئات، مما يجعلها مثالية لتحسين نوعية النوم.
2. تعزيز صحة الجهاز الهضمي
يُستخدم البابونج تقليديًا في معالجة اضطرابات الجهاز الهضمي مثل التقلصات، عسر الهضم، الغازات، ومتلازمة القولون العصبي. يعمل كمضاد للتشنجات ويساعد على استرخاء عضلات القناة الهضمية، ما يقلل من الألم والانزعاج.
3. مضاد للالتهابات
المركبات الفعالة في زهرة البابونج، وخاصة الكامازولين والبيسابولول، تملك خصائص قوية في تقليل الالتهاب. وقد أظهرت بعض الأبحاث أن استخدام زيت البابونج موضعيًا يخفف من التهابات الجلد مثل الإكزيما والطفح الجلدي وحروق الشمس.
4. دعم الجهاز المناعي
يحتوي البابونج على مضادات أكسدة قوية تساعد الجسم على مقاومة العدوى والأمراض. كما تشير دراسات أولية إلى أنه قد يعزز من إنتاج الخلايا المناعية، مما يجعله فعالًا في الوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا.
5. تخفيف آلام الدورة الشهرية
تشير الأدلة إلى أن شرب شاي البابونج بانتظام قبل وأثناء الدورة الشهرية يمكن أن يخفف من آلام التقلصات بفضل تأثيراته المرخية للعضلات والمهدئة للجهاز العصبي.
الاستخدامات التجميلية للبابونج
– العناية بالبشرة
يدخل مستخلص البابونج في تركيب العديد من كريمات البشرة والمراهم المخصصة لعلاج التهابات الجلد، البثور، وحروق الشمس. كما أنه يُستخدم لتفتيح لون البشرة وتوحيد لونها بطريقة طبيعية وآمنة.
– العناية بالشعر
يُستخدم شاي البابونج أو زيته كغسول للشعر لتفتيحه بشكل طبيعي، كما يعزز من لمعان الشعر وصحته ويقلل من التهيج والقشرة في فروة الرأس.
الاستخدامات التقليدية والعلاجية
في الطب الشعبي، استخدم البابونج لعلاج العديد من الحالات مثل:
-
القلق والاكتئاب الخفيف
-
التهابات الفم واللثة
-
الجروح والقروح الجلدية
-
احتقان الحلق
-
التهابات العين (كمادات شاي البابونج)
الأشكال الصيدلانية للبابونج
تتوفر زهرة البابونج في عدة أشكال دوائية تشمل:
-
شاي الأعشاب المجففة
-
كبسولات ومستخلصات سائلة
-
زيوت عطرية
-
مراهم وكريمات موضعية
-
بخاخات فموية أو أنفية
الجرعة الآمنة وطريقة الاستخدام
عند استخدام البابونج كشاي عشبي، تُوصى الجرعة النموذجية بنقع 1-2 جرام من الزهور المجففة في ماء مغلي لمدة 5-10 دقائق. أما في حال الاستخدام الموضعي، فيجب اختبار الحساسية أولًا على جزء صغير من الجلد لتجنب التهيج.
التحذيرات والتفاعلات الدوائية
رغم أن البابونج آمن نسبيًا، إلا أنه يمكن أن يسبب ردود فعل تحسسية، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من حساسية تجاه نباتات الفصيلة النجمية مثل الأقحوان وعباد الشمس. كما يجب الحذر عند استخدامه بالتزامن مع الأدوية المضادة للتخثر مثل الوارفارين، لأنه قد يزيد من تأثيرها.
زراعة البابونج
يُعد البابونج من النباتات السهلة في الزراعة ويُفضل البيئات المشمسة والتربة جيدة التصريف. يمكن زراعته من البذور أو الشتلات، ويتم جمع الأزهار عندما تبدأ بالتفتح الكامل، ثم تُجفف في أماكن مظللة وجيدة التهوية للاستخدام لاحقًا.
البابونج في الطب الحديث
أظهرت التجارب السريرية أن البابونج يمتلك خصائص مهدئة ومضادة للبكتيريا ومضادة للالتهابات. وفي دراسة نُشرت في Journal of Clinical Psychopharmacology، أظهر مستخلص البابونج نتائج واعدة في تخفيف أعراض القلق المعتدل إلى المتوسط، دون التسبب في آثار جانبية خطيرة كما تفعل الأدوية التقليدية.
الخلاصة العلمية
البابونج ليس مجرد عشبة شائعة، بل يُعد مكونًا علاجيًا فعّالًا مدعومًا بالأبحاث العلمية الحديثة والتجربة الشعبية القديمة. فوائده المتعددة في المجالات الصحية والنفسية والجمالية تجعله أحد الأعشاب التي تستحق الاهتمام والدمج في أسلوب الحياة الصحي، بشرط مراعاة الاستخدام الآمن واستشارة المختصين عند الحاجة.
المراجع العلمية:
-
Srivastava JK, Shankar E, Gupta S. Chamomile: A herbal medicine of the past with a bright future. Mol Med Report. 2010.
-
Amsterdam JD et al. A randomized, double-blind, placebo-controlled trial of oral Matricaria recutita (chamomile) extract therapy for generalized anxiety disorder. J Clin Psychopharmacol. 2009.
-
McKay DL, Blumberg JB. A review of the bioactivity and potential health benefits of chamomile tea. Phytother Res. 2006.
-
European Medicines Agency: Assessment report on Matricaria recutita L., flos.
-
WHO Monographs on Selected Medicinal Plants, Volume 1. World Health Organization.

