عدد أيام الحج

يُعتبر الحج من أهم العبادات في الإسلام، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام، الذي فرضه الله تعالى على المسلمين القادرين مرة واحدة في العمر. يمر الحاج في أداء مناسك الحج بمراحل متعددة خلال فترة محددة من الزمن، وفي هذا المقال سنتناول بشكل مفصل عدد أيام الحج، ومراحل أداءه، وأهم الأعمال التي يتم تنفيذها خلال هذه الأيام، مع تسليط الضوء على الجوانب الشرعية والتنظيمية التي تحكم هذه الشعيرة العظيمة.

مفهوم أيام الحج

الحج هو رحلة روحانية تبدأ من تحضير المسلم نفسياً وجسدياً، ثم الدخول في نية الإحرام، ثم أداء مناسك محددة وفق ترتيب دقيق بين الأيام. عدد أيام الحج متفق عليه شرعاً ومادياً، ويبدأ من يوم الثامن من شهر ذي الحجة، ويستمر حتى اليوم الثالث عشر من نفس الشهر. بذلك يكون إجمالي أيام الحج التي تتضمن مناسك الحج الأساسية حوالي خمسة إلى ستة أيام.

يجب التمييز بين مدة الإحرام، والتي تبدأ من وقت نية الدخول في الحج (الإحرام) التي قد تكون قبل وصول الحاج إلى مكة أو بعد دخوله، وبين أيام مناسك الحج الفعلية التي تبدأ من الثامن من ذي الحجة.

تفصيل أيام الحج وعددها

اليوم الأول: يوم التروية (8 ذو الحجة)

يبدأ الحاج يومه في الثامن من ذي الحجة، وهو اليوم المسمى بيوم التروية، حيث يتحرك الحجاج من مكة إلى منى، وهي منطقة تبعد حوالي 7 كيلومترات عن مكة المكرمة، لإقامة وقفة إعدادية قبل الوقوف بعرفة.

يُسمى هذا اليوم بيوم التروية لأن الحجاج يتزودون فيه بالماء والزاد استعداداً ليوم عرفة، وهو من الأيام المهمة في الحج حيث يبدأ الحاج استعداداته الروحية والبدنية للوقوف الأكبر في عرفة.

اليوم الثاني: يوم عرفة (9 ذو الحجة)

يُعد هذا اليوم من أهم وأعظم أيام الحج، حيث يقف الحجاج على جبل عرفة لأداء ركن الحج الأعظم، وهو الوقوف بعرفة. يبدأ الوقوف من بعد زوال الشمس وحتى غروبها، ويُعد هذا اليوم يوم عرفة الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الحج عرفة”.

الوقوف بعرفة هو العمود الفقري للحج، ومن لم يقف فيه فقد بطل حجه، وهو يوم مغفرة ورحمة وأفضل وقت للدعاء والتوبة. بعد انتهاء الوقوف، ينصرف الحجاج إلى مزدلفة لقضاء الليل هناك.

اليوم الثالث: يوم النحر (10 ذو الحجة)

ينصرف الحجاج فجر هذا اليوم إلى منى لأداء مناسك النحر (ذبح الأضاحي)، وهو أحد أركان الحج، حيث يذبح الحاج هدي الأضحية تذكيراً بقصة النبي إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل.

بعد النحر، يقوم الحجاج برمي الجمرات (الجمرة الأولى) في منى، وهي جزء من شعائر الحج التي ترمز إلى رفض الشيطان. كما يبدأ الحاج في التقصير أو الحلق (قص الشعر أو حلق الرأس)، وهو علامة على إتمام جزء من مناسك الحج.

اليوم الرابع: يوم الثالث من منى (11 ذو الحجة)

يقضي الحجاج هذا اليوم في رمي الجمرات الثلاث (الصغرى، الوسطى، والكبرى)، ويُفضل أن يُرمى كل جمرة بسبع حصوات صغيرة. بعد رمي الجمرات، يبقى الحجاج في منى حتى مساء هذا اليوم.

اليوم الخامس: يوم الرابع من منى (12 ذو الحجة)

يتكرر الحاج رمي الجمرات الثلاث في هذا اليوم بنفس الطريقة، وهو اليوم الذي يتم فيه اختتام مناسك الحج الأساسية. يمكن للحاج بعد ذلك أن يخرج من الإحرام ويبدأ في قضاء أيام التشريق المتبقية.

اليوم السادس: يوم الخامس من منى (13 ذو الحجة) – (يوم إضافي اختياري)

يستطيع الحاج أن يبقى في منى ليوم إضافي (يوم الثالث عشر من ذي الحجة) ويرمي الجمرات في الصباح ثم يعود إلى مكة. هذا اليوم ليس فرضاً ولكن السنة تركت الحاج يختار إن أراد البقاء أو المغادرة. الكثير من الحجاج يختارون البقاء في منى للقيام بالعبادات وزيادة الأجر.

جدول تفصيلي لأيام الحج ومناسكها

أهمية الالتزام بعدد أيام الحج

الالتزام بتوقيت أيام الحج وأداء المناسك في وقتها المحدد يعتبر من أركان الحج الشرعية، لأن ترتيب المناسك مرتبط بوقت أدائها. فمثلاً لا يجوز نحر الأضحية قبل يوم النحر، ولا يجوز الوقوف بعرفة في غير يوم عرفة، ولا يتم جواز رمي الجمرات قبل يوم النحر.

أي خلل أو تجاوز في عدد أيام الحج أو توقيت المناسك قد يؤدي إلى فساد الحج أو الحاجة إلى التكرار، كما ورد في أحاديث نبوية صحيحة.

الاعتبارات الصحية والتنظيمية أثناء أيام الحج

نظرًا لضغط الأعداد الكبيرة من الحجاج، وضيق الوقت، فإن الجهات المنظمة للحج تضع جداول دقيقة لأداء المناسك، بهدف الحفاظ على سلامة الحجاج وتيسير أداء الحج بشكل ميسر ومنظم.

خلال هذه الأيام، يتحمل الحاج عناء المشي لمسافات طويلة بين منى وعرفة ومزدلفة، وقد تتعرض صحته لمخاطر الإرهاق أو الحر الشديد. لذلك، ينصح بالتحضير الجيد بدنيًا وصحيًا قبل الدخول في مناسك الحج.

الخلاصة

يتضح من الدراسة التفصيلية لأيام الحج أنها تتوزع بين خمسة إلى ستة أيام رئيسية تبدأ من 8 ذو الحجة وتنتهي غالبًا في 12 أو 13 ذو الحجة، وتتضمن مجموعة من المناسك التي تنسجم مع ترتيبها الزمني والشرعي المحدد. الالتزام بهذه الأيام والمناسك بدقة شرط لصحة الحج، وهي رحلة روحانية تنقل المسلم من حالة الإحرام إلى حالة البراءة والغفران.

الحج رحلة إيمانية عميقة تتطلب الصبر والتنظيم، ويمثل عدد أيام الحج إطاراً زمنياً دقيقاً لتنفيذ شعيرة عظيمة، تستشعر فيها الروح الإنسانية عظمة الخالق، وتنبثق منها معاني التضحية والخشوع والإخلاص لله تعالى.

المراجع

• القرآن الكريم، سورة البقرة، الآيات المتعلقة بالحج وأيامه.

• صحيح البخاري، باب الحج، وأحاديث تتعلق بأيام الحج ومناسكه.