مقال حول “الإيمبلانون” (Implanon) كوسيلة لمنع الحمل: الفعالية، التجارب المرضية، والآثار الجانبية
تُعتبر وسائل منع الحمل من بين أهم الخيارات التي تقدمها الرعاية الصحية للنساء من أجل تنظيم الإنجاب، ومن بين هذه الوسائل التي حازت على شهرة واسعة هو “الإيمبلانون” (Implanon)، وهو جهاز تحت الجلد يُستخدم لمنع الحمل بشكل فعال وطويل الأمد. وفي هذا المقال، سنتناول دواعي استخدامه، فعاليته، وتقييمه بناءً على تجارب المرضى، بالإضافة إلى بعض الآثار الجانبية التي قد يعاني منها البعض، وفقاً لما أوردته الدراسات والتجارب السريرية.
ما هو الإيمبلانون؟
الإيمبلانون هو جهاز صغير يتم زراعته تحت الجلد في الجزء العلوي من الذراع، ويحتوي على هرمون “إيتونوجستريل” الذي يطلقه الجهاز بشكل تدريجي خلال فترة تصل إلى ثلاث سنوات. يعمل هذا الجهاز على منع الحمل من خلال عدة آليات رئيسية، أولها: تثبيط الإباضة (عدم إطلاق البويضة من المبيض)، ثانيها: زيادة كثافة المخاط في عنق الرحم مما يعيق حركة الحيوانات المنوية، وثالثها: التأثير على بطانة الرحم بحيث تصبح غير ملائمة لزرع الجنين في حال حدوث التلقيح.
فعالية الإيمبلانون في منع الحمل
يُعتبر الإيمبلانون من أكثر وسائل منع الحمل فعالية، حيث تشير الدراسات إلى أن نسبة فشله لا تتجاوز 0.05%، أي أن احتمال حدوث الحمل أثناء استخدامه شبه معدوم. هذه الفعالية العالية تأتي نتيجة القدرة المتميزة للجهاز في إطلاق الهرمون بشكل مستمر ودقيق.
من الجدير بالذكر أن الإيمبلانون لا يتطلب تذكر تناوله يومياً أو شهرياً كما هو الحال مع حبوب منع الحمل، مما يجعله خياراً مناسباً للنساء اللواتي قد يواجهن صعوبة في الحفاظ على التزام صارم بمواعيد تناول الدواء.
التجارب المرضية مع الإيمبلانون
تشير بعض التجارب المرضية إلى أن الإيمبلانون يمكن أن يكون خياراً مريحاً وفعالاً بالنسبة للعديد من النساء. ومع ذلك، تتفاوت التجارب الشخصية من امرأة لأخرى، حيث تطرأ بعض الآثار الجانبية التي قد تؤثر على جودة الحياة لدى بعض المستخدمين.
أحد أبرز المراجعات التي تم نشرها من قبل أحد المرضى تقول:
“لقد قمت بزراعة الإيمبلانون في عام 2014، وكان خياراً جيداً بالنسبة لي في البداية. لم أعد أواجه دورات شهرية منذ ذلك الحين، ولم أتعرض إلا لعدد قليل من التشنجات. لكن عندما أنظر الآن إلى الوراء، ألاحظ أن مستويات القلق والاكتئاب لديّ قد تزايدت، بالإضافة إلى أنني بدأت أكتسب وزناً بشكل ملحوظ (30 كغم) رغم أنني أمارس الرياضة بانتظام 3-5 مرات في الأسبوع وأتناول طعاماً صحياً. كما أن شعري بدأ يضعف، وأصبحت أشعر بالتعب المستمر، وكأنني مريضة طوال الوقت. في البداية ظننت أن ذلك يعود إلى فرط نشاط الغدة الدرقية، لكن الطبيب أكد لي أن الغدة تحت السيطرة ولا تسبّب هذه المشكلات. الطبيب أشار إلى أن الإيمبلانون قد يكون السبب الرئيسي لتلك المشكلات، ولذلك قررت أن أزيله هذا الأسبوع وأتمنى أن تتحسن حالتي الصحية.”
تعكس هذه المراجعة بعض الآثار الجانبية التي قد يواجهها البعض عند استخدام الإيمبلانون، مثل زيادة الوزن، تساقط الشعر، والتغيرات النفسية مثل الاكتئاب والقلق. هذه الآثار ليست شائعة بالنسبة للجميع، ولكنها تظل واحدة من أبرز المخاوف التي قد تجعل بعض النساء يُفضلن إزالته بعد فترة من استخدامه.
الآثار الجانبية للإيمبلانون
على الرغم من فعاليته العالية، فإن الإيمبلانون قد يتسبب في بعض الآثار الجانبية التي يمكن أن تؤثر على بعض النساء بشكل غير مريح. تشمل هذه الآثار:
- عدم انتظام الدورة الشهرية: قد تواجه بعض النساء تغييرات في فترات الدورة الشهرية مثل انقطاع الدورة تماماً أو حدوث نزيف غير منتظم.
- التغيرات الهرمونية: بما أن الإيمبلانون يعمل عن طريق إفراز هرمون “إيتونوجستريل”، قد تواجه بعض النساء زيادة في الوزن، أو تقلبات مزاجية مثل الاكتئاب أو القلق.
- مشاكل جلدية: قد يحدث بعض التغيرات الجلدية مثل حب الشباب أو تساقط الشعر.
- زيادة الوزن: يمكن أن يؤدي تأثير الهرمونات على الشهية إلى زيادة الوزن في بعض الحالات.
- ألم في مكان الزرع: في بعض الحالات، قد يشعر المريض بألم أو عدم راحة في منطقة الزرع، وقد يستمر هذا لفترة قصيرة بعد العملية.
من المهم أن تتشاور المرأة مع طبيبها المختص قبل اتخاذ قرار باستخدام الإيمبلانون، للتأكد من أنه الخيار الأنسب لها بناءً على تاريخها الطبي والحالة الصحية العامة.
الموافقة والتنظيم
تمت الموافقة على الإيمبلانون من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) في عام 2006، وذلك بعد إجراء العديد من الدراسات السريرية التي أكدت فعاليته وسلامته بشكل عام. في السعودية وبعض الدول الأخرى، تم اعتماد الإيمبلانون كوسيلة من وسائل تنظيم الأسرة منذ عام 2016.
عدد مرات وصف الإيمبلانون
يتم وصف الإيمبلانون بشكل شائع في مراكز تنظيم الأسرة والعيادات الخاصة، ووفقاً للإحصاءات، فإن عدد مرات وصفه لا يزال مرتفعاً، حيث يتم وصفه لحوالي 3 حالات لكل 1000 امرأة سنوياً. هذا يعكس مدى الاعتماد عليه كخيار موثوق لمنع الحمل.
خلاصة
إن الإيمبلانون يعد من الوسائل الفعالة جداً في منع الحمل، ويتميز بكونه طويل الأمد وسهل الاستخدام. ومع ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن آثاره الجانبية قد تؤثر بشكل غير متساوٍ بين النساء. يجب على كل امرأة أن تأخذ في اعتبارها أن ردود فعلها تجاه الإيمبلانون قد تختلف، وأنه من المهم استشارة الطبيب المختص للتأكد من ملاءمته لحالتها الصحية الخاصة.
لذا، إذا كنتِ تفكرين في استخدام الإيمبلانون كوسيلة لمنع الحمل، تأكدي من إجراء فحص شامل ومناقشة المخاطر والفوائد مع طبيبك لضمان اختيار الوسيلة الأكثر تناسباً مع احتياجاتك الصحية.