في ظل النظام الدولي المعقد والمتغير باستمرار، يستمر الإتحاد الإفريقي في أن يكون محورًا للتفكير الاستراتيجي وتحقيق التوازن في قارة إفريقيا. يسلط الضوء الكتاب الرائع “الإتحاد الإفريقي في ظل النظام الدولي الجديد”، الذي صاغه الباحث والكاتب البارع سالم محمد الزبيدي، على تحولات القارة الإفريقية بعد نهاية الاستعمار المباشر في الستينات.
بدأت القارة تشهد تغيرات جوهرية في طبيعة الصراعات وأهدافها، إذ استمر الغرب في المنافسة على مقدراتها الاقتصادية والاستراتيجية. لكن ما يميز هذا الكتاب هو تسليط الضوء على التحول الجديد في الديناميات الإقليمية، حيث أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تلعب دورًا محوريًا في تحديد خريطة المنطقة، بدلاً من البلدان الأوروبية التي كانت تلعب هذا الدور في الماضي.
وفي هذا السياق، يقدم الكاتب دراسة مستفيضة وعميقة لتداول السلطة العالمية وتأثيراتها على القارة الإفريقية. يبرز الكتاب كيف أن النظام العالمي الجديد زاد من حدة الأزمات التي تعصف بالقارة، وكيف أن الأفارقة، الذين كانوا شهودًا على تلك الصراعات، قرروا بحكم الخبرة أن يكون الرد هو بناء شخصية فريدة تعكس وحدة “الفضاء الإفريقي”.
تتمحور القضية حسب الزبيدي حول البحث في جيوبوليتيكا “الفضاء الإفريقي”، مظهر جديد للسياسة الدولية يعتمد على تكامل المصالح وتشكيل هوية إفريقية قائمة على التعاون والتضامن. وبفضل دراسته الأنثروبولوجية المتميزة، يلقي الكاتب الضوء على تفاصيل المجتمعات الإفريقية، مع التركيز على لغاتها وثقافاتها، مما يضيف بعمق إلى فهمنا للتحولات الراهنة في القارة.
“الإتحاد الإفريقي في ظل النظام الدولي الجديد”، الذي يمتد على 143 صفحة، يعتبر مساهمة قيمة في مجال الكتب السياسية، وتحديدًا في فئة السياسة الدولية. منشورات اللجنة الشعبية العامة للثقافة تقدم هذا الكتاب القيم بغلافه العادي، ويتيح للقارئ فرصة فريدة لاستكشاف عوالم متعددة من التحليل والتفكير العميق في ظل تحولات النظام الدولي وتأثيرها على الإتحاد الإفريقي ومستقبل القارة الواعد.