الأم المُضحية: الهروب من فخ إنكار الذات
في عالم يتطلب من الأمهات تقديم تضحيات مستمرة، يمكن أن يتسبب الانغماس في “متلازمة التضحية” في تآكل الصحة النفسية والإجهاد العاطفي. كتاب “الأم المُضحية: الهروب من فخ إنكار الذات” للدكتورة كارين روبنشتاين، يقدم دراسة متعمقة حول تأثيرات هذا النمط من التضحيات ويعرض حلولاً ملموسة لكيفية تجاوزه.
يعتمد الكتاب على بحث شامل في حياة ومشاعر آلاف النساء، حيث تبرز روبنشتاين من خلاله مخاطر متلازمة التضحية وكيف تؤدي إلى عواقب وخيمة ليس فقط على الأمهات بل على عائلاتهن أيضاً. تتناول المؤلفة من خلال أمثلة درامية من حياة العديد من النساء الطريقة التي تتآكل بها الذات عندما يعتقدن أن التضحيات ستجعلهن أمهات أفضل.
يبدأ الكتاب بسرد قصص حقيقية توضح آثار التضحية المفرطة على حياة الأمهات. على سبيل المثال، تروي روبنشتاين قصة امرأة كانت تعمل في وظيفة بدوام كامل خلال الليل، ومع ذلك كانت ترفض النوم حتى تتمكن من العناية بأطفالها خلال النهار. هذه القصة تعكس مدى استنفاد الجهد الذي يمكن أن يتعرض له الأفراد عند محاولة تحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية بطريقة غير صحية. هناك أيضاً مثال آخر لامرأة استيقظت باكرًا في عيد الشكر لتحضير الديك الرومي بناءً على رغبة زوجها، حتى وإن كان من المقرر أن يتناولوا العشاء خارج المنزل. مثل هذه الممارسات اليومية، رغم أنها تبدو صغيرة، تعكس نمطًا مستمرًا من التضحية التي يمكن أن تكون مدمرة بمرور الوقت.
في هذا الكتاب، تقدم روبنشتاين تحليلًا عميقًا لكيفية تأثير عادة التضحية على تقدير الذات والرفاهية العامة. تشرح الكاتبة كيف يمكن أن يؤدي الانغماس في تضحيات غير مبررة إلى تآكل الثقة بالنفس والإرهاق العاطفي، مما ينعكس سلبًا على الصحة النفسية والعلاقات الأسرية. تقدم المؤلفة مشورة قيمة حول كيفية إدخال بعض الوقت والرعاية الذاتية في حياة الأمهات، مشيرة إلى أن الاعتناء بالنفس لا يعني التقصير في واجبات الأمومة، بل يعزز القدرة على تقديم الحب والرعاية بشكل أفضل.
تسلط روبنشتاين الضوء على الفوائد الكبيرة التي يمكن أن تتحقق من خلال تقليص مستوى التضحية المفرطة، حيث يشير البحث إلى أن الأمهات اللواتي يعتنين بأنفسهن يكون لديهن علاقات أكثر صحة وسعادة مع الأزواج والأطفال. من خلال تقليل تضحيات الذات والتركيز على الاحتياجات الشخصية، يمكن للأمهات تعزيز رفاههن الشخصي وبناء علاقات أسرية أكثر توازنًا وسعادة.
يستعرض الكتاب أيضًا الطرق العملية التي يمكن من خلالها تحقيق التوازن بين احتياجات الفرد واحتياجات الأسرة، مما يوفر للقراء استراتيجيات عملية لتحسين نوعية حياتهم. تسعى روبنشتاين من خلال هذا الكتاب إلى تغيير النظرة التقليدية التي تشجع على التضحية المفرطة، وتحفيز الأمهات على تبني نهج أكثر توازنًا لتحقيق السعادة والنجاح في حياتهن الأسرية والشخصية.
نُشر الكتاب في مايو 1998 من قبل دار نشر هايبرين، ويعتبر مرجعًا مهمًا في مجال العلاقات الأسرية والأمومة، موجهًا للأمهات اللواتي يسعين لتحسين نوعية حياتهن الشخصية والعائلية. من خلال تحليل دقيق وتجارب واقعية، يقدم “الأم المُضحية” رؤى جديدة حول كيفية تجاوز فخ إنكار الذات وتحقيق حياة أكثر توازنًا وسعادة.