الأمراض المهنية للمرأة العاملة

الأمراض المهنية التي تعاني منها المرأة العاملة

تواجه المرأة العاملة تحديات متعددة في الحياة اليومية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالتحمل الجسدي والنفسي الذي يرافق العمل في بيئات مهنية مختلفة. تتأثر صحة المرأة العاملة بعدد من الأمراض المهنية التي تتراوح بين المشاكل الجسدية والنفسية، والتي قد تنشأ نتيجة للضغوط المستمرة، بيئة العمل غير الصحية، وعدم توفر مرافق داعمة. لا تقتصر هذه الأمراض على نوع معين من المهن أو بيئات العمل، بل تشمل العديد من المجالات التي تعمل فيها المرأة، بدءًا من الأعمال المكتبية وصولاً إلى المهن التي تتطلب مجهودًا بدنيًا.

1. الأمراض الجسدية الناتجة عن بيئة العمل:

تتعرض المرأة العاملة للكثير من المخاطر الصحية المرتبطة بطبيعة وظروف عملها. يمكن تصنيف الأمراض الجسدية الناتجة عن بيئة العمل إلى عدة فئات رئيسية تشمل:

• أمراض العظام والمفاصل:
  تعد الأمراض المرتبطة بالهيكل العظمي مثل آلام الظهر والرقبة، وآلام المفاصل من أكثر الأمراض شيوعًا بين النساء العاملات. تشير الدراسات إلى أن الجلوس لفترات طويلة أمام الكمبيوتر أو الوقوف لفترات طويلة في مهن أخرى مثل التدريس أو المبيعات قد يؤدي إلى إجهاد عضلي وعظمي طويل الأمد. بالإضافة إلى ذلك، تمثل الحركات المتكررة أو حمل الأوزان الثقيلة في بعض المهن مصدرًا رئيسيًا لمشاكل العمود الفقري والمفاصل.

• أمراض الجهاز التنفسي:
  النساء العاملات في مجالات مثل التنظيف، الطب، أو حتى في المصانع حيث تكون هنالك مواد كيميائية ضارة، أكثر عرضة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي مثل الربو أو التهاب الشعب الهوائية. هذه الأمراض تكون عادة نتيجة استنشاق الغبار أو الدخان أو المواد الكيميائية السامة، مما يؤدي إلى التهيج المزمن للرئتين.

• الأمراض الجلدية:
  النساء العاملات في مهن تتطلب ملامسة مستمرة للماء أو المواد الكيميائية (مثل التجميل، التنظيف، أو الطب) قد يعانين من أمراض جلدية مثل الأكزيما أو التهيجات الجلدية المزمنة. هذه الأمراض تتسبب في تآكل الجلد وجفافه، مما يؤدي إلى الحكة والاحمرار والتورم.

2. الأمراض المتعلقة بالضغوط النفسية:

تشكل الضغوط النفسية والعاطفية جزءًا كبيرًا من الحياة اليومية للمرأة العاملة، خاصة في بيئات العمل التي تتسم بالمنافسة أو التي تكون فيها المتطلبات عالية. يشمل هذا الجانب عدة أمراض ومشاكل صحية تؤثر على الصحة النفسية والجسدية، بما في ذلك:

• الضغط النفسي والإرهاق:
  يعد الضغط النفسي من أبرز المشاكل التي تواجه المرأة العاملة. سواء كانت تعمل في وظيفة مكتبية أو مهنية تتطلب مجهودًا بدنيًا، فإن تلبية التوقعات العالية وتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية يمكن أن يؤدي إلى الإرهاق المزمن. يظهر هذا الإرهاق في صورة توتر عصبي، صعوبة في التركيز، وزيادة مستويات القلق والاكتئاب.

• الاكتئاب:
  على الرغم من أن الاكتئاب هو مرض نفسي يمكن أن يصيب الجميع بغض النظر عن الجنس أو السن، إلا أن المرأة العاملة قد تكون أكثر عرضة لهذا المرض بسبب ضغوط العمل، والإحساس بالعجز في التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية. قد يؤدي العمل لفترات طويلة في بيئات غير داعمة أو التي تفتقر إلى الاهتمام بالرفاهية النفسية إلى شعور المرأة بالعزلة والضغط النفسي، مما يعزز من تطور الاكتئاب.

• اضطرابات النوم:
  تعد اضطرابات النوم من المشاكل الشائعة بين النساء العاملات، حيث أن قلة النوم تؤدي إلى تدهور الأداء العقلي والجسدي، وقد تزيد من المخاطر الصحية الأخرى مثل السمنة وارتفاع ضغط الدم. قد تكون الأسباب متنوعة، بدءًا من العمل ليلًا، والضغوط المتعلقة بالعمل، وصولاً إلى القلق المستمر بشأن مهام الحياة اليومية.

3. الأمراض المرتبطة بالتوازن بين الحياة الشخصية والعمل:

غالبًا ما تواجه المرأة العاملة صعوبة في تحقيق التوازن بين التزاماتها المهنية والحياة الأسرية. هذا التوتر قد يكون سببًا رئيسيًا في تطور العديد من الأمراض، سواء كانت جسدية أو نفسية.

• متلازمة الإرهاق التام:
  يعاني العديد من النساء العاملات من متلازمة الإرهاق التام، والتي تظهر نتيجة للإجهاد المستمر بين العمل والمنزل. هذه الحالة تسبب شعورًا دائمًا بالإرهاق، وقد يصاحبها انخفاض في الأداء العقلي والجسدي.

• السمنة:
  بسبب ضغوط العمل وضيق الوقت، قد تتجاهل المرأة العاملة صحتها الجسدية، مما يؤدي إلى إهمال ممارسة الرياضة أو تناول الطعام الصحي. هذه العوامل قد تساهم في زيادة الوزن وتفاقم مشكلة السمنة، التي يمكن أن تؤدي إلى عدد من الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب.

4. الأمراض المرتبطة بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية:

تعاني العديد من النساء العاملات من أمراض مهنية ناجمة عن العوامل الاجتماعية والاقتصادية. قد تكون هذه الأمراض نتيجة لوجود فجوات في الأجور، أو العمل في بيئات لا توفر الحماية الكافية. على سبيل المثال:

• التمييز الجندري في مكان العمل:
  تواجه بعض النساء في بيئات العمل التمييز الجندري، سواء في الأجور أو الفرص المهنية. قد يؤدي هذا التمييز إلى شعور المرأة بعدم الأمان في مكان العمل، مما يسبب توترًا نفسيًا طويل الأمد.

• العمل في بيئات غير آمنة:
  قد تعمل بعض النساء في بيئات لا توفر وسائل الأمان الكافية، مثل المصانع أو مواقع البناء. غياب أدوات الحماية مثل القفازات أو الأحذية الواقية يمكن أن يعرض المرأة العاملة للإصابة بالأمراض أو الحوادث.

5. الأمراض الصحية المتعلقة بالموارد البشرية والتدريب:

عدم وجود تدريب كافٍ أو دعم من الموارد البشرية يمكن أن يساهم في زيادة فرص إصابة المرأة العاملة بأمراض مهنية. التدريب السليم في استخدام المعدات، والعمل على توفير بيئة عمل صحية، والاهتمام بتقديم الدعم النفسي يمكن أن يقلل من حدة الأمراض المهنية. لذا، يجب أن تتبنى الشركات والمؤسسات سياسات تشجع على الوقاية وتوفير بيئة عمل داعمة للمرأة.

الخاتمة:

تشكل الأمراض المهنية التي تعاني منها المرأة العاملة مشكلة صحية واجتماعية هامة، ويتطلب التعامل معها التوعية المستمرة من جميع الأطراف المعنية. من المهم أن يتم توفير بيئة عمل صحية تدعم المرأة في مواجهة التحديات الصحية والنفسية التي قد تواجهها. يجب أن يتم توفير برامج تدريبية، ورعاية صحية متكاملة، مع التأكيد على أهمية التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، لضمان صحة المرأة ورفاهها في مكان العمل.