الأطفال الخدج والأطفال ناقصي النمو: تعريف، أسباب، تأثيرات، ورعاية متخصصة

يشكل موضوع الأطفال الخدج والأطفال ناقصي النمو محور اهتمام كبير في مجال طب الأطفال ورعاية الصحة العامة، لما له من أهمية بالغة في تحديد طرق التعامل والرعاية الصحية التي تضمن نموًا سليمًا لهؤلاء الأطفال الذين يواجهون تحديات صحية ونمائية مختلفة عن الأطفال المولودين في أوقاتهم الطبيعية وبوزن مناسب. يستعرض هذا المقال بشكل موسع ومفصل تعريف الأطفال الخدج والأطفال ناقصي النمو، الأسباب التي تؤدي إلى حدوثهما، التأثيرات الصحية والنمائية الناتجة عن الولادة المبكرة ونقص النمو، بالإضافة إلى الأساليب الحديثة والرعاية الطبية الموجهة لهذه الفئات الهشة.

تعريف الأطفال الخدج والأطفال ناقصي النمو

الأطفال الخدج (Premature Infants)

الأطفال الخدج هم الذين يولدون قبل الأسبوع السابع والثلاثين من الحمل، بينما يعتبر الحمل الطبيعي مكتملًا عند حوالي 40 أسبوعًا. يُقسم الأطفال الخدج حسب مدة الحمل إلى:

• خدج شديد الولادة المبكرة: أقل من 28 أسبوعًا.

• خدج متوسط الولادة المبكرة: بين 28 و 32 أسبوعًا.

• خدج متأخر الولادة المبكرة: بين 32 و 36 أسبوعًا.

يتميز هؤلاء الأطفال بقلة الوزن وصغر الحجم وعدم اكتمال تطور الأجهزة الحيوية لديهم، مما يعرضهم لمخاطر صحية متعددة.

الأطفال ناقصي النمو (Small for Gestational Age – SGA)

الأطفال ناقصي النمو هم الذين يولدون بوزن أقل من الوزن الطبيعي المتوقع بالنسبة لعمر الحمل الذي ولِدوا فيه. هذا يعني أن الطفل قد يكون مولودًا في الوقت الطبيعي لكنه يعاني من ضعف في النمو داخل الرحم، وقد يحدث هذا بسبب عوامل مختلفة تؤثر على نمو الجنين خلال فترة الحمل.

يمكن أن يكون نقص النمو شاملًا (لجسم الطفل بالكامل) أو موضعيًا (جزء معين من الجسم مثل الرأس أو الأطراف). يختلف نقص النمو عن الولادة المبكرة، ولكنهما قد يتشاركان في بعض الأسباب والمضاعفات.

الأسباب والعوامل المؤدية للأطفال الخدج والأطفال ناقصي النمو

أسباب الولادة المبكرة

تعددت الأسباب التي قد تؤدي إلى ولادة مبكرة تشمل عوامل طبية وبيئية واجتماعية، ومن أبرزها:

• الإصابة بالتهابات أو التهابات الحوض مثل التهاب المشيمة أو التهاب السلى.

• المضاعفات الصحية لدى الأم مثل ارتفاع ضغط الدم (تسمم الحمل)، السكري، وأمراض القلب.

• تشوهات الرحم أو عنق الرحم مثل ضعف عنق الرحم أو التشوهات التشريحية التي تؤدي إلى الولادة المبكرة.

• الحمل المتعدد (توأم، ثلاثة توائم أو أكثر) مما يزيد من احتمالية الولادة المبكرة.

• الإجهاد النفسي والبدني والتدخين وتعاطي المخدرات أثناء الحمل.

• حالات نزف مبكر أو انفصال المشيمة التي تستدعي الولادة المبكرة.

• تاريخ سابق للولادة المبكرة يزيد من خطر تكرارها.

أسباب نقص النمو داخل الرحم

تؤدي مجموعة متنوعة من العوامل إلى ضعف نمو الجنين داخل الرحم، ومنها:

• مشاكل في المشيمة مثل انسداد الأوعية الدموية أو ضعف تدفق الدم مما يحد من إمداد الجنين بالأكسجين والمواد الغذائية.

• أمراض مزمنة لدى الأم كارتفاع ضغط الدم والسكري.

• التدخين وتعاطي المخدرات والكحول أثناء الحمل.

• الإصابة بعدوى فيروسية أو بكتيرية خلال فترة الحمل.

• تشوهات خلقية في الجنين تؤثر على نموه.

• سوء تغذية الأم أو نقص الوزن قبل وأثناء الحمل.

• الحمل المتعدد الذي يقلل من الموارد المتاحة لكل جنين.

التأثيرات الصحية والنمائية على الأطفال الخدج وناقصي النمو

التأثيرات الصحية للأطفال الخدج

كون الولادة تمت قبل اكتمال نمو الأعضاء الحيوية، يواجه الأطفال الخدج مجموعة من المشاكل الصحية الناتجة عن ضعف وظائف الأجهزة المختلفة، منها:

• مشاكل التنفس بسبب عدم اكتمال الرئتين، كمتلازمة ضيق التنفس (Respiratory Distress Syndrome).

• مخاطر النزف الدماغي التي قد تؤدي إلى مضاعفات عصبية.

• مشاكل في تنظيم درجة حرارة الجسم نتيجة قلة الدهون تحت الجلد.

• اضطرابات في التمثيل الغذائي، بما في ذلك مشاكل في تنظيم مستوى السكر والكهارل.

• مشاكل التغذية نتيجة ضعف القدرة على المص والبلع.

• زيادة خطر العدوى بسبب ضعف الجهاز المناعي.

• مشاكل في القلب مثل بقاء القناة الشريانية المفتوحة.

• اضطرابات في نمو الدماغ وتأخر في النمو العقلي والجسدي.

التأثيرات الصحية للأطفال ناقصي النمو

الأطفال ناقصي النمو يعانون من مشاكل صحية تختلف باختلاف شدة النقص وأسبابه، من بينها:

• انخفاض مقاومة العدوى.

• مشاكل في تنظيم درجة حرارة الجسم.

• زيادة خطر انخفاض سكر الدم (Hypoglycemia).

• تأخر النمو الحركي والعقلي.

• مخاطر ارتفاع ضغط الدم ومشاكل في القلب في الكبر.

• زيادة احتمال الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري والسمنة في المستقبل.

الرعاية الطبية المتخصصة للأطفال الخدج وناقصي النمو

رعاية الأطفال الخدج

تتطلب حالة الأطفال الخدج عناية طبية متخصصة داخل وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة (NICU)، وتتمثل هذه الرعاية في:

• دعم التنفس: استخدام أجهزة التنفس الصناعي أو العلاج بالأكسجين.

• تنظيم الحرارة: عبر حضانات خاصة تحافظ على درجة حرارة ثابتة.

• التغذية الوريدية أو التغذية الخاصة حتى يستطيع الطفل التكيف مع الرضاعة الطبيعية أو الصناعية.

• المراقبة المستمرة لوظائف القلب والتنفس والضغط والدم.

• إدارة العدوى من خلال التدابير الوقائية واستخدام المضادات الحيوية عند الحاجة.

• العلاج الطبيعي والتأهيل لتحفيز النمو الحركي والعقلي.

رعاية الأطفال ناقصي النمو

يركز علاج الأطفال ناقصي النمو على:

• المتابعة المستمرة للنمو والتطور لضمان تحسن الوزن والطول والمهارات الحركية والعقلية.

• تقديم تغذية مناسبة غنية بالسعرات الحرارية والبروتينات لتعويض النقص في النمو.

• علاج المشاكل الصحية المصاحبة مثل فقر الدم أو اضطرابات التمثيل الغذائي.

• الدعم النفسي والاجتماعي للأهل لأن لهم دوراً محورياً في تحفيز نمو الطفل وتعليمه.

• الفحوصات الدورية للكشف المبكر عن أي مضاعفات أو تأخر في النمو.

المتابعة والتدخل المبكر

التدخل المبكر والمتابعة الدقيقة يعدان العامل الأهم في تقليل المضاعفات وتحسين النتائج الصحية والتنموية للأطفال الخدج وناقصي النمو. تشمل استراتيجيات التدخل المبكر:

• برامج الدعم التغذوي المكثف.

• برامج التأهيل الحركي واللغوي.

• التقييم النفسي والعصبي المنتظم.

• تهيئة بيئة منزلية داعمة ومحفزة للنمو.

إحصائيات عالمية وأهمية التوعية

تشير التقارير العالمية إلى أن نسبة الأطفال الخدج تبلغ حوالي 10% من المواليد الجدد في العالم، فيما يعاني عدد كبير من الأطفال من نقص النمو داخل الرحم، مما يسلط الضوء على الحاجة المستمرة لتحسين خدمات الرعاية الصحية للأمهات والحوامل، ورفع مستوى التوعية حول عوامل الخطورة والوقاية.

جدول مقارنة بين الأطفال الخدج والأطفال ناقصي النمو

الخاتمة

يمثل الأطفال الخدج وناقصي النمو فئة خاصة من حديثي الولادة الذين يحتاجون إلى رعاية طبية دقيقة ومتابعة مستمرة لما لهم من تحديات صحية ونمائية. إن فهم أسباب الولادة المبكرة ونقص النمو داخل الرحم، بالإضافة إلى تطوير برامج رعاية متخصصة وتأهيلية، يشكل حجر الزاوية في تحسين جودة حياة هؤلاء الأطفال وضمان نموهم الطبيعي، مما ينعكس إيجابًا على صحة المجتمعات بأسرها.

المصادر

• منظمة الصحة العالمية (WHO). Preterm birth. https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/preterm-birth

• مجلة الجمعية الأمريكية لطب الأطفال (Pediatrics). “Management and Outcomes of Small for Gestational Age Infants,” 2020.