في سبتمبر من عام 1992، أصدرت دار نشر “سايمون وشوستر” رواية “الأخلاد” للكاتب مايكل كوردا، التي تروي قصة إحدى أشهر العلاقات الرومانسية في تاريخ الولايات المتحدة. تدور الرواية حول علاقة غرامية غير مشروعة بين الرئيس الأمريكي الشاب جون كينيدي والممثلة اللامعة مارلين مونرو، وهي علاقة لطالما كانت محط أنظار وسجلات أسرار الصحافة والشعب. يقدم كوردا في هذه الرواية سردًا أدبيًا يجمع بين الخيال والإثارة والتاريخ، مستعرضًا الأحداث والشخصيات التي ساهمت في صياغة واحدة من أكثر القصص إثارة في القرن العشرين.
تبدأ الرواية بعرض تفاصيل لقاء مارلين مونرو وجون كينيدي، حيث يلتقيان في إحدى حفلات بيفرلي هيلز. وعلى الرغم من الفجوة الكبيرة بين عالم الممثلة الشهيرة وعالم السياسي الطموح، فإن الشرارة بينهما تشتعل منذ اللحظة الأولى، لتبدأ علاقة عاطفية تتسم بالقوة والتعقيد. يتناول كوردا هذه العلاقة من منظور لا يكتفي بالوقوف عند سطحياتها، بل يغوص في أعماقها ليتناول الجانب الأكثر إنسانية وتعقيدًا في شخصياتها.
مارلين مونرو، في رواية كوردا، لا تظهر كـ “الشقراء الغبية” التي كانت تُعرف بها في هوليوود، بل تُبرز كأمرأة مليئة بالقوة والعاطفة. تُصور الرواية مونرو على أنها شخصية تتمتع بقدرة هائلة على الحب والضحك والتمتع بالحياة، لكنها تعاني أيضًا من عجز قاتل في الحفاظ على السعادة حتى وإن كانت في متناول اليد. يتناول كوردا بعمق التأثيرات النفسية والاجتماعية التي أثرت على حياة مونرو، ويعرض كيف أن حبها لكينيدي كان له تأثير كبير على حياتها.
من ناحية أخرى، يُظهر كوردا كينيدي كشخصية معقدة تتراوح بين الجاذبية الشخصية والطموح السياسي القاتل. يُسبر غور جوانب من شخصيته تُبرز كيف أن شغفه القوي يمكن أن يتداخل مع حساباته السياسية، مما يخلق توترًا دائمًا بين حياته الشخصية والعامة. كما يقدم الرواية تصورات درامية للعلاقة بين كينيدي وأخيه روبرت كينيدي، الذي يظهر في الرواية كمن يحل محل شقيقه في حياة مونرو بعد فترة، مما يضيف عنصرًا من التوتر والغموض إلى القصة.
الرواية تتناول أيضًا دور عدد من الشخصيات التاريخية الأخرى، مثل جي. إدغار هوفر، الذي يستخدم معرفته بالفضيحة لأغراضه الخاصة، وجيمي هوفا، زعيم النقابات الذي يلعب دورًا في تسريب التفاصيل الأكثر حميمية عن العلاقة، مما يؤدي إلى سلسلة من الأحداث التي تنتهي بوفاة مونرو واغتيال كينيدي. كما تضمن الرواية إشارات إلى عدد من رؤساء العصابات مثل سانتو ترافكانتي وكارلوس مارسيليو وسام جيانكانا، الذين يُصوّرون كأطراف في السر الذي يدور حول هذه العلاقة.
يتمتع “الأخلاد” بميزة رئيسية في قدرته على الجمع بين الحقائق التاريخية والخيال الروائي، مما يوفر للقارئ تجربة قراءة غنية ومتعددة الأبعاد. يُظهر كوردا براعة في تصوير شخصيات أكبر من الحياة وتقديم قصة أكثر تعقيدًا وواقعية من الشائعات والخيالات التي أحاطت بالعلاقة بين كينيدي ومونرو. الكتاب لا يكتفي بالكشف عن خلفيات هذه العلاقة بل يضيف بعدًا دراميًا يؤكد أن هذه القصة لم تكن مجرد حكاية حب، بل كانت تتشابك مع قوى سياسية واجتماعية قد تكون السبب في نهايتها المأساوية.
باختصار، “الأخلاد” هو عمل أدبي يستحق القراءة لكل من يهتم بتاريخ الولايات المتحدة، وحياة المشاهير، والأسرار التي قد تكون قد غيرت مجرى التاريخ. إنه يقدم نظرة مفصلة وعميقة لواحدة من أكثر القصص إثارة للجدل والغموض في القرن العشرين.