“الآن الأخبار” هو عنوان النص الكلاسيكي الذي كتبه إدوارد بليس، وهو مؤلف كان له باع طويل في مجال الصحافة الإذاعية والتلفزيونية في الولايات المتحدة. بصفته كاتبًا ومنتجًا سابقًا في شبكة CBS News، يسرد بليس في هذا الكتاب تاريخ الصحافة الإذاعية والتلفزيونية منذ بداياتها في الراديو وحتى صعودها لتصبح الوسيلة الإخبارية الأكثر شيوعًا وتأثيرًا في الولايات المتحدة.
صدر هذا الكتاب في أبريل من عام 1991 عن دار نشر جامعة كولومبيا، ويندرج ضمن فئة العلوم الاجتماعية ودراسات الإعلام. يقدم الكتاب نظرة شاملة ومتعمقة على تطور وسائل الإعلام الإخبارية، مستعرضًا أهم الأحداث والتحولات التي شكلت هذا المجال على مر العقود.
في الفصول الأولى من الكتاب، يتناول بليس فترة البدايات، حيث كان الراديو الوسيلة الرئيسية لنقل الأخبار إلى الجمهور. يناقش كيف أن الراديو، بفضل قدرته على الوصول الفوري والواسع، أصبح أداة رئيسية لنقل المعلومات في أوقات الأزمات والحروب. ويعرض الكاتب تفاصيل عن كيفية تطور نشرات الأخبار الإذاعية، والمراحل التي مرت بها من حيث التقنية والأسلوب الصحفي.
مع مرور الوقت، بدأ التلفزيون يأخذ مكانه كوسيلة إخبارية أكثر تأثيرًا، وذلك بفضل قدرته على تقديم الأخبار بالصوت والصورة، مما أضاف بعدًا جديدًا إلى تجربة الجمهور مع الأحداث الجارية. يستعرض بليس في كتابه كيف أن التلفزيون غير معالم الصحافة الإخبارية، مشيرًا إلى أهم البرامج والأحداث التي ساهمت في هذا التحول. يسلط الضوء على دور التلفزيون في تغطية الأحداث الكبيرة مثل اغتيال الرئيس كينيدي، وحرب فيتنام، وفضيحة ووترغيت، وكيف أن هذه الأحداث شكلت تحديات وفرصًا جديدة لوسائل الإعلام.
واحدة من النقاط المهمة التي يتناولها الكتاب هي التأثير المتبادل بين وسائل الإعلام والجمهور. بليس يناقش كيف أن التغطية الإعلامية للأحداث لا تكتفي بنقل الحقائق فقط، بل تشكل أيضًا طريقة تفكير الجمهور وتوجهاته. يتحدث عن كيفية استخدام وسائل الإعلام كأداة للتأثير على الرأي العام، سواء من قبل الحكومات أو المؤسسات الخاصة.
كما يخصص الكاتب جزءًا من كتابه للحديث عن الجانب التقني والتكنولوجي لتطور وسائل الإعلام الإخبارية. من استخدام الموجات الراديوية إلى تقنيات البث الفضائي والتلفزيوني، يشرح بليس كيف أن التقدم التكنولوجي كان دائمًا عاملًا محوريًا في تعزيز قدرة وسائل الإعلام على تقديم الأخبار بشكل أسرع وأكثر دقة.
ولا يقتصر الكتاب على الجانب التاريخي والتقني فقط، بل يضم أيضًا تحليلات نقدية واستنتاجات حول مستقبل الصحافة الإخبارية. يناقش بليس التحديات التي تواجهها وسائل الإعلام في عصر التغيرات السريعة، مثل ظهور الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وكيف أنها تغير قواعد اللعبة في مجال الإعلام.
يمثل كتاب “الآن الأخبار” مرجعًا هامًا للباحثين والمهتمين بمجال الإعلام والصحافة، لما يحتويه من معلومات غنية وتحليلات دقيقة لتاريخ تطور وسائل الإعلام الإخبارية. بفضل خبرته الواسعة وعمله الطويل في هذا المجال، يقدم إدوارد بليس قراءة شاملة ودقيقة لتاريخ الصحافة الإذاعية والتلفزيونية، مسلطًا الضوء على الأحداث والابتكارات التي شكلت هذا المجال وأثرت على كيفية نقل الأخبار إلى الجمهور.
الكتاب يجمع بين السرد التاريخي والتحليل النقدي، مما يجعله مصدرًا قيمًا لفهم تطور وسائل الإعلام ودورها في المجتمع. وباعتباره صادرًا عن دار نشر جامعة كولومبيا المرموقة، يعكس الكتاب مستوى عاليًا من الدقة والأمانة العلمية، مما يجعله إضافة مهمة للمكتبة الأكاديمية والعامة في مجال دراسات الإعلام.