عند النظر إلى السماء اللامعة في الليل، قد يتساءل الإنسان الفضولي عن أسرار الكواكب والفضاء الذي يمتد إلى أبعد الحدود. من بين هذه الأجسام السماوية، تبرز كوكب غازي ضخم يُعرف باسم HD 20868 b، وهو جزء من تلك اللغز المذهل للكون.
يتميز HD 20868 b بموقعه البعيد عنا، حيث يبلغ مسافة 156 فرسخًا فلكيًا عن الأرض. يتوسطه سطوع نجم يصل درجته الظاهرية إلى 9.92، مما يجعله من الكواكب التي يصعب رؤيتها بالعين المجردة ويتطلب استخدام التلسكوبات المتقدمة للكشف عنها.
يتألق HD 20868 b في سماء الفضاء كعملاق غازي، حيث يندرج تحت تصنيف “Gas Giant”. يعتبر هذا التصنيف من بين الفئات الفلكية المثيرة للاهتمام، إذ يشير إلى وجود غلاف جوي ضخم يحيط بالكوكب، وهو ما يمنحه طابعًا فريدًا في عالم الفضاء.
تم اكتشاف HD 20868 b في عام 2008، مما أضاف نجمًا جديدًا إلى فهرس الكواكب البعيدة. يتميز هذا الكوكب بكتلة تعادل 1.25 ضعف كتلة المشتري، العملاق الغازي الشهير في نظامنا الشمسي. وفيما يتعلق بالأبعاد، يبلغ نصف قطره 1.22 مرة قطر المشتري، مما يجعله يبرز بحجمه الضخم في سماءه اللامعة.
تدور HD 20868 b حول نجمه بنصف قطر مداري يبلغ 0.95 وحدة فلكية، وتستغرق فترة دورانه حوالي 1.0428474 يومًا. تتميز مدارات هذا النوع من الكواكب بالتحديق الشديد والشدة في الحركة، وتظهر معامل الشذوذ البالغ 0.75 الذي يعكس تمايل المدار عن المدار المستدير.
كان للتقنية الحديثة والابتكار في مجال البحث الفلكي الدور الكبير في اكتشاف HD 20868 b، حيث تم استخدام أسلوب الكشف بالسرعة الشعاعية (Radial Velocity) للكشف عن آثار الكوكب الغازي على حركة نجمه الأم. هذه التقنية تعتمد على قياس التغيرات في الطول الموجي للضوء الناتج عن حركة النجم نحو وعن الراصد الأرضي.
بهذه الطريقة، يظهر HD 20868 b كنقطة مضيئة في خارطة الكواكب البعيدة، ملفتًا انتباهنا إلى جمال وتعقيد الكون اللامتناهي الذي يمتد بلا حدود. إن استكشافاتنا للسماء ليست مجرد محاولات لفهم الفضاء الخارجي، بل هي رحلة مستمرة نحو الكشف عن أسرار الكواكب والنجوم التي تزين سماء الليل بألوانها الخلابة وتأسر خيالنا بروعتها الساحرة.