اقتباسات مميزة من تحفة العروس

اقتباسات من كتاب تحفة العروس: دروس في الزواج والأسرة من التراث الإسلامي

يُعد كتاب تحفة العروس ومتعة النفوس للشيخ محمود مهدي الإستانبولي من أشهر الكتب العربية والإسلامية التي تناولت موضوع الزواج والحياة الزوجية من منظور ديني وأخلاقي واجتماعي. ألّف هذا الكتاب بأسلوب يجمع بين الوعظ الديني والنصيحة النفسية والاجتماعية، مستندًا إلى القرآن الكريم والسنّة النبوية، ومعتمدًا على أقوال العلماء والحكماء والأدباء من مختلف العصور، فكان مرجعًا غنيًا وفريدًا في بابه.

هذا الكتاب لا يقدّم نصائح سطحية أو تقليدية فحسب، بل يخوض في تفاصيل دقيقة تتعلق بالأسرة، والحقوق والواجبات بين الزوجين، وأسس التربية، وفنون التعامل العاطفي والجنسي، ويكشف عن كثير من القيم المطمورة التي أهملها العصر الحديث، مما يجعل قراءته ضرورية لكل مقبل على الزواج أو راغب في ترميم حياته الأسرية.

في هذا المقال نستعرض اقتباسات مختارة من تحفة العروس، مع توضيح ما تحمله من معانٍ وأفكار، تُسلط الضوء على جوهر العلاقة بين الزوجين، وتعزز من فهم دور كل طرف في صناعة حياة زوجية مستقرة وناجحة.

1. الزواج عبادة لا متعة فقط

“الزواج ليس متعة فحسب، بل عبادة وميثاق غليظ يُسأل العبد عنه يوم القيامة.”

بهذا القول يضع الكاتب مفهوم الزواج في إطاره الشرعي والأخلاقي، إذ يبيّن أنه ليس مجرد وسيلة لإشباع الرغبات، بل هو مسؤولية عظيمة، وعبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله بإعفاف نفسه، وحفظ فطرته، وبناء أسرة صالحة تساهم في صلاح المجتمع.

2. المرأة ليست خادمة بل شريكة

“المرأة في بيتها ملكة، ليست خادمة ولا أَمَة، وإنما هي شريكة حياة، لها حق كما عليها واجب.”

من أجمل ما يقدّمه الكتاب هو إعادة الاعتبار للمرأة، خاصة في دورها الأسري، حيث يرفض النظرة التقليدية التي تحصرها في مهام الخدمة والطاعة العمياء، ويُقر بحقوقها كشريكة متساوية، وهو بذلك يستلهم روح الشريعة التي كرّمت المرأة في جميع مراحل حياتها.

3. الاحترام أساس الحب

“إن أقوى ما يُبقي الحب بعد الزواج هو الاحترام، فإن زال الاحترام، ذهب الحب من بابه الواسع.”

يشير المؤلف إلى أن الحب لا يُبنى فقط على المشاعر، بل على السلوك والتعامل، وأن الاحترام هو الدعامة التي تحمي العلاقة الزوجية من الانهيار، مهما بلغت المشاعر من حرارة. فالاحترام المتبادل يمنح كل طرف شعورًا بالأمان والكرامة، وهو أساس الثقة والبقاء.

4. الحوار أفضل من الصمت

“الصمت بين الزوجين جدار من جليد، لا يذوب إلا بالحوار والمصارحة.”

بهذه العبارة يُشير الكتاب إلى خطورة انعدام التواصل بين الأزواج، حيث يتحول الصمت إلى مسافة نفسية تزداد يومًا بعد يوم، مؤدية إلى الجفاء ثم النفور. ويحث الكتاب على الحوار الهادئ والصريح، فهو مفتاح لفهم الآخر ومعالجة الخلافات بطريقة راقية.

5. الزواج لا ينجح بالعنف

“ما ضرب رسول الله ﷺ امرأة قط، وكان يقول: خيركم خيركم لأهله.”

يستشهد الكاتب بسنّة النبي ﷺ في التعامل مع الزوجات، ويندد بالعنف الأسري الذي يُمارس في بعض البيوت بدعوى القوامة. ويؤكد أن القوامة لا تعني الاستبداد، بل هي مسؤولية قائمة على الرحمة والعدل. وبهذا يضرب مثالًا راقيًا يُحتذى به في المعاملة الزوجية.

6. العلاقة الزوجية فن لا غريزة

“العلاقة الحميمية ليست مجرد تلبية للشهوة، بل هي لغة حب، وفن اقتراب، وعطاء متبادل.”

ينبه الكتاب إلى أهمية فهم البعد النفسي والعاطفي للعلاقة الجسدية بين الزوجين، ويؤكد أن الجهل بهذه المسائل يُضعف من أواصر العلاقة ويولد شعورًا بالفراغ أو الإهمال. ويحث على التثقيف الذاتي، والمعرفة الصحيحة، والمصارحة بالاحتياجات دون خجل.

7. العفو يصنع بيتًا سعيدًا

“ما استمرت أسرة إلا بالعفو والتغاضي، فإن التدقيق على الزلات يُهدّ أركان البيوت.”

يركز الكتاب على قيمة العفو والتسامح في استمرار الحياة الزوجية، ويُحذّر من الوقوع في فخ المثالية والتوقعات الزائدة. فكل إنسان مُعرّض للخطأ، واستمرار العلاقة يتطلب حكمة في المعالجة، لا قسوة في المحاسبة. وهذه قيمة تتجاوز العلاقات الزوجية إلى كل أشكال العلاقات الإنسانية.

8. الحب يُصنع ولا يُفرض

“ليس الحب أمراً يُؤمر به أو يُجبر عليه، بل هو شعور يُبنى بالمعاملة والرحمة والاهتمام.”

يوضح هذا القول أن الحب لا ينمو بالأوامر أو التمنيات، بل يُولد من رحم التعامل الإنساني العميق، من المواقف الجميلة، والكلمات الطيبة، والإحساس بالأمان. ومن هنا يدعو الكتاب إلى الاستثمار في العلاقات من خلال الجهد والسلوك الحسن، لا فقط بالأمنيات.

9. حق الزوجة في التزيّن كما للرجل

“كما يحب الرجل أن تتزين له زوجته، فإن المرأة كذلك تحب أن ترى من زوجها أناقة وجمالًا.”

يردّ هذا النص على فكر اجتماعي منحاز، يرى أن الزينة والاهتمام بالمظهر حكرٌ على النساء. ويؤكد أن على الرجل مسؤولية جمالية في الزواج، وأن التزين والاهتمام بالنظافة والأناقة من الأخلاق المحببة في الدين، ومن وسائل دوام المودة.

10. تربية الأولاد تبدأ باختيار الشريك

“من أراد ذرية صالحة، فليبدأ باختيار الزوجة الصالحة، فإنها أُم التربية قبل أن تكون أُم الولادة.”

يوجه هذا الاقتباس الأنظار إلى الحكمة في الاختيار، لا في الإنجاب فقط. فصلاح الأبناء لا يعتمد على التعليم أو الموعظة لاحقًا فقط، بل على البيئة الأولى التي ينشأ فيها الطفل، وتحديدًا الأم، التي تمارس أولى مراحل التأثير النفسي والتربوي في الأبناء.

جدول يلخص أبرز اقتباسات تحفة العروس

خاتمة تحليلية

يقدّم تحفة العروس نموذجًا فريدًا في التعامل مع موضوع الزواج، حيث يجمع بين الأصالة الدينية والوعي الاجتماعي والإنساني، دون أن يقع في فخ المواعظ الجافة أو الخطاب الذكوري السائد في كثير من المؤلفات. إن اقتباسات هذا الكتاب كفيلة بأن تعيد ترتيب أولويات الأزواج، وتوجه أنظارهم إلى ما هو أعمق من المظاهر، وهو جوهر العلاقة المبنية على الرحمة والمودة والتقدير.

وتكمن قيمة الكتاب أيضًا في بساطته وأسلوبه المباشر، الذي يجمع بين الفصاحة والوضوح، مما يجعله سهلًا على العامة ونافعًا للمتخصصين في علم النفس الأسري والدراسات الاجتماعية والشرعية.

المراجع:

1. الإستانبولي، محمود مهدي. تحفة العروس ومتعة النفوس. دار البشائر الإسلامية.

2. القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة.