عدد ركعات صلاة الشروق وأحكامها في الشريعة الإسلامية
تعتبر صلاة الشروق من السنن الرواتب التي حث النبي صلى الله عليه وسلم على أدائها، وقد ورد ذكرها في العديد من الأحاديث الشريفة التي تدل على فضلها وأجرها العظيم. ومن بين الأسئلة التي يكثر طرحها في هذا الشأن: ما هو عدد ركعات صلاة الشروق؟ وما هو حكمها؟ وما هي أفضل أوقات أدائها؟ في هذا المقال، سنتناول جميع هذه الأسئلة، بالإضافة إلى شرح مفصل عن حكم صلاة الشروق، وفضائلها، وكيفية أدائها.
مفهوم صلاة الشروق
صلاة الشروق هي الصلاة التي تؤدى بعد شروق الشمس، وهي إحدى السنن المؤكدة التي يمكن أداؤها في أي وقت بعد شروق الشمس. وهي تمثل فرصة عظيمة للمسلم لزيادة حسناته والتقرب إلى الله، ويُعد وقت أدائها بعد شروق الشمس بربع ساعة تقريبًا، ويمكن أداء هذه الصلاة في أي وقت من أوقات اليوم بشرط ألا يكون هذا الوقت مخصصًا لصلاة فرضية.
عدد ركعات صلاة الشروق
عدد ركعات صلاة الشروق هو ركعتان فقط، وقد ورد هذا في بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد على تأديتها في هذا العدد. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة” (رواه الترمذي). إلا أن الفقهاء اختلفوا في توجيه هذه الركعات، فمنهم من رأى أن صلاة الشروق يجب أن تكون ركعتين فقط، ومنهم من رأى أن ذلك غير مؤكد بشكل قطعي، وأنه يمكن أداء الصلاة بقدر ما يستطيع المسلم.
وقت صلاة الشروق
وقت صلاة الشروق يبدأ من لحظة شروق الشمس، ولكن يُفضل أن تُؤدى هذه الصلاة بعد مرور فترة قصيرة على الشروق، أي بعد حوالي ربع ساعة من الشروق، وهي الفترة التي يُطلق عليها الفقهاء “وقت الشروق”. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إذا طلع الفجر لا صلاة إلا المكتوبة”. وهذا يعني أن أي صلاة نافلة لا يمكن أداؤها في هذا الوقت.
من المهم أن نعلم أن صلاة الشروق ليست محدودة بوقت معين بعد الشروق، بل يمكن أداؤها في فترة تمتد حتى قبيل وقت صلاة الظهر. لكن يُستحب أن تؤدى في البداية؛ وذلك لتحقيق الهدف الذي من أجله تم تشريعها وهو التقرب إلى الله في الوقت الذي يرتفع فيه المسلم عن الانشغال عن الدنيا، ويشغل نفسه بالذكر والصلاة.
فضل صلاة الشروق
صلاة الشروق تتمتع بفضل كبير، فقد ورد في الأحاديث النبوية ما يشجع على أدائها، فهي تمثل فرصة للمسلم لزيادة حسناته والتقرب إلى الله. من بين الأحاديث التي تحث على صلاة الشروق، ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة” (رواه الترمذي). فهذا الحديث يشير إلى فضل صلاة الشروق في زيادة الأجر، حيث يُعد أداء هذه الصلاة بمثابة أداء حجة وعمرة في ذات الوقت، مما يبرز عظمتها وفضلها.
ومن جانب آخر، فإن صلاة الشروق تعتبر وسيلة لتحصيل الراحة النفسية والسكينة الروحية، حيث يخصص المسلم وقتًا معينًا في يومه للتفرغ للعبادة والذكر، مما يساعده في تحسين حالته النفسية واستقرار حياته الروحية.
كيفية أداء صلاة الشروق
صلاة الشروق تُؤدى ركعتين فقط، كما ذكرنا سابقًا. ويتم تأديتها كما يلي:
-
النية: النية هي أول خطوة في أي عبادة، ويجب على المسلم أن ينوي أداء صلاة الشروق قبل بدء الصلاة. ويمكنه أن ينويها في قلبه دون الحاجة إلى تلفظ باللسان.
-
التكبير: يبدأ المسلم بالصلاة بتكبير الإحرام قائلاً: “الله أكبر”.
-
الركعة الأولى: بعد التكبير، يقرأ المسلم الفاتحة ثم يقرأ ما تيسر من القرآن الكريم، وعادة ما يفضل قراءة سور قصيرة مثل سورة الإخلاص أو الفلق أو الناس، ثم يُسَلم بعد الركوع والسجود.
-
الركعة الثانية: في الركعة الثانية يكرر المسلم نفس خطوات الركعة الأولى، مع قراءة الفاتحة وسورة قصيرة، ثم يسجد ويسلم.
بعد إتمام الركعتين، يمكن للمسلم أن يظل جالسًا في مكانه ويستغرق في الذكر والدعاء أو قراءة القرآن الكريم إلى أن يرتفع وقت الزوال أو يُؤذن لصلاة الظهر.
الأحكام المتعلقة بصلاة الشروق
-
إقامتها في جماعة: لا توجد مشروعية معينة لصلاة الشروق في جماعة، فهي من السنن التي يجوز للمسلم أداءها بشكل فردي أو مع جماعة. ومع ذلك، في حال تم أداء الصلاة في جماعة، فإن الأجر سيكون مضاعفًا، حيث أن الجماعة في الصلاة تزيد من الأجر والثواب.
-
الدعاء بعد صلاة الشروق: من المستحب بعد أداء صلاة الشروق أن يظل المسلم جالسًا يدعو الله، حيث أن هذا الوقت هو وقت استجابة الدعاء. وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “في ثلاث ساعات لا يرد الله فيها دعاءً، الساعة التي بين الأذان والإقامة، وعند فطر الصائم، وفي السحر” (رواه أحمد).
-
عدم أداء الصلاة في أوقات النهي: لا يجوز أداء أي صلاة نافلة في وقت النهي، وهو الوقت الذي يمتد من شروق الشمس حتى ارتفاعها قيد رمح (أي حوالي ربع ساعة بعد الشروق)، وأيضًا الوقت الذي يمتد قبل أذان صلاة الظهر.
-
الفضل في أداء الصلاة: كما ذكرنا في الحديث السابق، فإن صلاة الشروق من السنن التي تجلب أجرًا عظيمًا، وتكفل للمسلم التمتع بثواب كبير. والحرص على أداء هذه الصلاة يعد من العوامل التي تساعد المسلم في التقرب إلى الله وطلب المغفرة والرحمة.
الاختلافات الفقهية في صلاة الشروق
بالرغم من أن عدد ركعات صلاة الشروق هو الركعتين بحسب ما ورد في الأحاديث الشريفة، فإن بعض الفقهاء قد اختلفوا في مسألة عدد ركعات الصلاة. ففي بعض المذاهب، يوصى بأداء أكثر من ركعتين في هذا الوقت، كما هو الحال في صلاة الضحى التي يمكن أن تُؤدى بعد صلاة الشروق. إلا أن الرأي الراجح والأكثر قبولًا في الغالب هو أداء ركعتين فقط، كما ورد في الحديث النبوي.
الخاتمة
صلاة الشروق تعتبر من السنن التي تعود على المسلم بالكثير من الفوائد الروحية والنفسية، وتعد من الوسائل التي تقوي العلاقة بالله وتزيد من أجر المسلم. في ضوء هذا، يحرص المسلمون على أدائها في الأوقات التي تناسبهم مع المحافظة على صحة النية وأداء الصلاة بشكل صحيح. ورغم اختلاف آراء الفقهاء حول بعض التفاصيل، إلا أن ما يتفق عليه الجميع هو أن صلاة الشروق تعتبر فرصة ذهبية لزيادة الحسنات والتقرب إلى الله.
