اضطراب توهُّم المرض: أسبابه وكيفية التعامل معه
مقدمة
يعتبر اضطراب توهُّم المرض (Somatic Symptom Disorder) من الاضطرابات النفسية التي تؤثر على الأفراد بطرق متعددة. يعاني الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب من مخاوف مفرطة بشأن صحتهم، وغالبًا ما يشعرون بأعراض جسدية غير مبررة تؤدي بهم إلى استنتاج أنهم مصابون بأمراض خطيرة. هذا المقال يتناول أسبابه، أعراضه، وكيفية التعامل معه.
ما هو اضطراب توهُّم المرض؟
اضطراب توهُّم المرض هو حالة نفسية تتميز بوجود أعراض جسدية واضحة تتعلق بالصحة، لكن لا توجد أسباب طبية تفسر هذه الأعراض. يعتقد الأفراد المصابون بهذا الاضطراب أنهم يعانون من حالة صحية خطيرة، مما يؤدي بهم إلى التوجه المتكرر للطبيب وطلب الفحوصات الطبية.
الأسباب المحتملة لاضطراب توهُّم المرض
يمكن أن تتنوع الأسباب وراء اضطراب توهُّم المرض، وتشمل:
1. العوامل الوراثية
تشير الدراسات إلى أن هناك احتمالًا وراثيًا للإصابة باضطراب توهُّم المرض. إذا كان أحد أفراد الأسرة يعاني من اضطرابات القلق أو الصحة النفسية، فقد يكون الآخرون أكثر عرضة لهذا الاضطراب.
2. العوامل النفسية
تلعب العوامل النفسية دورًا كبيرًا في ظهور هذا الاضطراب. قد تؤدي التجارب السلبية السابقة، مثل الصدمات العاطفية أو الجسدية، إلى تطوير مخاوف غير مبررة بشأن الصحة.
3. العوامل الاجتماعية
يمكن أن تؤثر البيئة الاجتماعية والعائلية على تطور الاضطراب. الأفراد الذين ينشأون في بيئات تضخم من المخاوف الصحية أو من يميلون إلى المبالغة في استجابة الجسم للألم قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاضطراب.
4. المشكلات الصحية السابقة
يمكن أن تؤدي الأمراض الجسدية السابقة، خاصة تلك التي تسببت في آلام مزمنة، إلى تطوير توهُّم المرض. يصبح الشخص حساسًا بشكل زائد للأعراض الجسدية، مما يساهم في تفاقم القلق.
الأعراض الشائعة
تتضمن الأعراض التي يعاني منها الأفراد المصابون باضطراب توهُّم المرض ما يلي:
- شعور دائم بالألم: يعاني الأشخاص من آلام مزمنة في أجزاء مختلفة من الجسم دون وجود سبب طبي.
- قلق مستمر بشأن الصحة: يشعر الأفراد بقلق مفرط حيال أعراض جسدية معينة، مما يؤدي إلى تفاقم المشاعر السلبية.
- تكرار زيارة الأطباء: يقوم المصابون بزيارة أطباء مختلفين بحثًا عن تفسير لآلامهم، وغالبًا ما يطلبون فحوصات طبية متعددة.
- تأثير على الحياة اليومية: يؤثر الاضطراب بشكل سلبي على قدرة الأفراد على أداء الأنشطة اليومية، مما يؤدي إلى تدهور جودة حياتهم.
كيفية التعامل مع اضطراب توهُّم المرض
التعامل مع اضطراب توهُّم المرض يتطلب فهمًا جيدًا للحالة واستراتيجيات مناسبة. إليك بعض الطرق الفعّالة للتعامل مع هذا الاضطراب:
1. العلاج النفسي
يمكن أن يساعد العلاج النفسي، وخاصة العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، الأفراد في التعامل مع مخاوفهم وأفكارهم السلبية. يركز هذا النوع من العلاج على تغيير نمط التفكير وتطوير استراتيجيات التكيف.
2. الدعم الاجتماعي
توفير الدعم الاجتماعي من الأصدقاء والعائلة يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في التعامل مع الاضطراب. يمكن أن تساعد المحادثات المفتوحة والدعم العاطفي في تقليل الشعور بالوحدة والقلق.
3. إدارة القلق
تعلم تقنيات إدارة القلق مثل التأمل، واليوغا، وتقنيات التنفس يمكن أن تساعد الأفراد في التعامل مع أعراض القلق والحد من توترهم.
4. استشارة الأطباء
من المهم أن يقوم الأفراد بمراجعة الأطباء المختصين للتأكد من عدم وجود حالات طبية خطيرة. يمكن للطبيب تقديم المشورة بشأن كيفية التعامل مع الأعراض بطريقة صحية.
5. ممارسة النشاط البدني
تعتبر ممارسة النشاط البدني جزءًا مهمًا من إدارة الصحة النفسية. تساعد التمارين الرياضية في إفراز المواد الكيميائية الإيجابية في الدماغ وتخفيف الشعور بالقلق.
6. التعليم عن الاضطراب
فهم طبيعة الاضطراب وأسبابه يمكن أن يساعد الأفراد في تقليل القلق بشأن أعراضهم. معرفة أن الأعراض قد تكون ناتجة عن حالة نفسية يمكن أن تكون خطوة مهمة نحو الشفاء.
الخاتمة
اضطراب توهُّم المرض يمثل تحديًا كبيرًا للأفراد الذين يعانون منه، لكنه ليس غير قابل للعلاج. من خلال العلاج النفسي والدعم المناسب، يمكن للأشخاص تعلم كيفية إدارة مخاوفهم والعودة إلى حياة صحية ومتوازنة. الأهم من ذلك هو تشجيع الأفراد على طلب المساعدة والتواصل مع المتخصصين للحصول على الدعم الذي يحتاجونه.