كيف تكتسب عادات جديدة من خلال الاستفادة من العادات القديمة؟
تعتبر العادات جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، فهي تشكل سلوكياتنا وأفعالنا التي نكررها بشكل مستمر حتى تصبح جزءًا لا يتجزأ من شخصيتنا. يمكن للعادات أن تكون إيجابية أو سلبية، ولكن العامل المشترك بين جميع العادات هو أنها تتشكل وتترسخ مع مرور الوقت. وفي سياق التغيير الشخصي وتحقيق النجاح، تبرز أهمية اكتساب عادات جديدة تدعم الأهداف والتطلعات الشخصية. ولكن كيف يمكننا اكتساب عادات جديدة بطريقة فعّالة؟ الجواب يكمن في الاستفادة من العادات القديمة التي تم ترسيخها بالفعل في حياتنا.
فهم الآلية التي تعمل بها العادات
قبل أن نغوص في كيفية استغلال العادات القديمة لاكتساب عادات جديدة، يجب أولاً أن نفهم كيف تتشكل العادات في حياتنا. يتكون أي سلوك عادي أو عادة من ثلاث مراحل رئيسية: المحفز، الروتين، والمكافأة.
-
المحفز: هو العامل الذي يدفعنا للقيام بالفعل. قد يكون المحفز خارجيًا، مثل وقت محدد من اليوم، أو داخليًا، مثل الشعور بالملل أو التوتر.
-
الروتين: هو الفعل الذي نقوم به استجابةً للمحفز، ويمكن أن يكون أي سلوك معتاد.
-
المكافأة: هي النتيجة التي نحصل عليها بعد القيام بالفعل. تساعد المكافأة في تعزيز السلوك وزيادة احتمالية تكراره في المستقبل.
السر في ترسيخ العادات الجديدة يكمن في استبدال أو تعديل الروتين الحالي الذي نمارسه بشكل معتاد، مع المحافظة على المحفز والمكافأة نفسها. بهذا الشكل، نتمكن من استخدام العادات القديمة كإطار يمكن من خلاله إدخال تغييرات جديدة.
استراتيجيات استخدام العادات القديمة لاكتساب عادات جديدة
-
الاستفادة من العادات المتأصلة في روتينك اليومي
إن أولى خطوات الاستفادة من العادات القديمة هي تحديد العادات التي تُمثل بالفعل جزءًا من حياتك اليومية. هذه العادات تكون متجذرة في ذهنك إلى درجة أنك لا تحتاج إلى التفكير فيها. على سبيل المثال، إذا كنت معتادًا على شرب كوب من القهوة في الصباح، فيمكنك أن تستخدم هذه العادة كأساس لبناء عادة جديدة.
على سبيل المثال، يمكنك تخصيص الوقت الذي تشرب فيه قهوتك لقراءة بضع صفحات من كتاب أو ممارسة بعض التمارين الخفيفة. بما أن هذا الوقت من اليوم مرتبط بشكل قوي بالعلاقة مع القهوة، سيكون من السهل تذكّره وتنفيذه بشكل يومي.
-
الدمج بين العادات الجديدة والقديمة
الدمج هو أحد الأساليب الفعالة لاكتساب عادات جديدة من خلال الاستفادة من العادات القديمة. ويعني ذلك أن تأخذ العادة القديمة التي قمت بتثبيتها في روتينك اليومي وتدمجها مع السلوك الجديد الذي ترغب في تبنيه.
على سبيل المثال، إذا كنت معتادًا على فحص هاتفك كل صباح بمجرد الاستيقاظ، يمكن أن تستفيد من هذه العادة القديمة لتكوين عادة جديدة، مثل كتابة هدفك اليومي أو تأدية بعض التمرينات الذهنية لتصفية ذهنك قبل البدء في اليوم. يكون المحفز في هذه الحالة هو استيقاظك في الصباح، والروتين هو فحص الهاتف (ولكن بدلاً من استخدامه لفتح وسائل التواصل الاجتماعي، تقوم بتوجيهه إلى نشاط آخر)، والمكافأة قد تكون شعورك بالإنجاز أو التركيز الذي ستحصل عليه نتيجة هذه العادة.
-
إضافة خطوات صغيرة إلى العادات الحالية
العادات القديمة قد تكون قوية بالفعل ومن الصعب تغييرها، ولكن يمكننا تعديل هذه العادات تدريجيًا عن طريق إضافة خطوات صغيرة. الفكرة هي أن نحتفظ بالأساس، ولكن نضيف إليه خطوة جديدة تدعم العادة التي نرغب في تبنيها.
على سبيل المثال، إذا كانت عادتك هي مشاهدة التلفزيون في المساء، يمكنك إضافة خطوة صغيرة وهي مشاهدة برنامج تعليمي أو ملهم بدلاً من مسلسل ترفيهي. أو إذا كنت معتادًا على تناول وجبة خفيفة في المساء، يمكنك استبدال الوجبة الخفيفة الضارة بحبة فاكهة أو مكمل غذائي صحي. هذه التعديلات الطفيفة تساهم في تكوين عادات جديدة دون الشعور بعبء كبير أو مقاومة داخلية.
-
التفاعل مع العادات القديمة بشكل إيجابي
من أهم طرق استفادتك من العادات القديمة هي تعديل النظرة إليها بشكل إيجابي. يمكن أن يكون لدينا انطباع عن بعض العادات على أنها سلبية أو غير صحية، ولكن إذا قمنا بتغيير زاوية النظر إليها، يمكن أن تساعدنا هذه العادات في تعزيز سلوكيات جديدة. على سبيل المثال، إذا كانت لديك عادة تناول الطعام السريع، فبدلاً من محاولة التخلص منها بالكامل، يمكنك تعديل هذه العادة لتشمل تناول الطعام الصحي السريع مثل السلطات أو السندويشات الصحية.
بمجرد أن تعتاد على هذه التعديلات، ستلاحظ أن العادة القديمة تتغير تدريجيًا لتدعم أهدافك الصحية الجديدة.
-
التحفيز الذاتي من خلال التقدير
كلما استطعنا تحقيق الهدف الجزئي المرتبط بالعادات الجديدة، يجب أن نكافئ أنفسنا على الجهود المبذولة. هذه المكافآت لا تحتاج إلى أن تكون مادية، بل يمكن أن تكون تقديرًا داخليًا لشعور النجاح والإنجاز. فكل خطوة جديدة في طريق اكتساب عادات جديدة تُعدّ بمثابة نقطة قوة تدفعك للاستمرار في هذا الاتجاه.
ماذا يمكن أن نحقق باستخدام هذه الاستراتيجيات؟
الهدف من الاستفادة من العادات القديمة هو تحقيق التحول الشخصي المستدام. فمن خلال الدمج بين العادات القديمة والجديدة، وتعديلها بشكل تدريجي، يمكننا بناء عادات إيجابية تدعم جوانب مختلفة من حياتنا. سواء كان الهدف هو تحسين الصحة، أو تعزيز الإنتاجية، أو التفاعل بشكل أفضل مع الآخرين، فإن القدرة على التكيف مع العادات القديمة وتمهيد الطريق لعادات جديدة يمكن أن تحقق نتائج رائعة.
إن فائدة العادات القديمة تكمن في أنها توفر نقطة انطلاق قوية لبناء سلوكيات جديدة، مما يجعل الانتقال إلى التغيير أقل تعقيدًا. كما أن هذا التعديل التدريجي يقلل من الشعور بالإرهاق أو الفشل، مما يتيح لنا فرصة أكبر للحفاظ على هذه التغييرات بشكل مستدام على المدى الطويل.
خلاصة
القدرة على اكتساب عادات جديدة عبر الاستفادة من العادات القديمة تمثل عملية تفاعلية وبناءة تساهم في تحسين حياتنا. من خلال استغلال العادات التي أرسيناها سابقًا، يمكننا تغيير سلوكياتنا بطريقة أكثر سلاسة وأقل عنفًا. إذا استطعنا تطبيق هذه الاستراتيجيات بانتظام، فسنكون قادرين على تحقيق أهدافنا الشخصية والعناية بأنفسنا بطريقة أكثر استدامة وفاعلية.
