استراتيجيات لمساعدة مكتئب لأول مرة

5 استراتيجيات تساعد بها شخصاً يعاني من الاكتئاب للمرة الأولى

تُعد مواجهة الاكتئاب للمرة الأولى تجربة صعبة ومعقدة، حيث يمر الشخص المصاب بحالة من الحزن الشديد واليأس، وقد يشعر بالعجز التام عن التفاعل مع حياته اليومية أو إيجاد أمل في المستقبل. الاكتئاب لا يعني فقط الشعور بالحزن؛ فهو حالة نفسية تشمل مجموعة واسعة من الأعراض التي تؤثر على المزاج، والسلوك، والتفكير، وحتى الأداء الجسدي. في حين أن الاكتئاب قد يظهر بأشكال مختلفة من شخص لآخر، إلا أن الشعور بالعزلة وفقدان الاهتمام بالأشياء التي كانت تمثل مصدر سعادة في السابق هما من أبرز سماته.

عندما يكون شخص ما في دائرة الاكتئاب للمرة الأولى، فإنه قد يحتاج إلى دعم شديد من المحيطين به. يمكن لمساعدة الأصدقاء والعائلة أن تكون العامل الأكثر تأثيرًا في تحسين حالته، ويمكن أن تلعب استراتيجيات الدعم الفعالة دورًا رئيسيًا في مساعدته على تخطي هذه المحنة. وفيما يلي خمس استراتيجيات عملية ومفيدة للمساعدة في دعم شخص يعاني من الاكتئاب لأول مرة.

1. استمع بانفتاح وبدون إصدار أحكام

أحد أكثر الأساليب فعالية لدعم شخص مصاب بالاكتئاب هو الاستماع له بانفتاح. يحتاج الشخص المكتئب إلى بيئة آمنة تتيح له التعبير عن مشاعره دون خوف من الأحكام أو الانتقادات. في غالب الأحيان، قد يشعر الشخص المصاب بالاكتئاب بالوحدة أو العزلة الشديدة، ولذلك فإن الاستماع الفعّال يمكن أن يكون له تأثير كبير في تهدئة القلق الداخلي الذي يعاني منه.

من المهم أن تكون حاضرًا في اللحظة دون الانشغال بأي أفكار أخرى أو محاولة تقديم حلول مباشرة لمشكلاته. تجنب قول جمل مثل “كل شيء سيكون على ما يرام” أو “حاول أن تكون إيجابيًا”، لأنها قد تُشعره بالرفض أو عدم الفهم. بدلاً من ذلك، يُفضل أن تقول له: “أنا هنا من أجلك” أو “أفهم أنك تشعر بالألم الآن، وأريد أن أساعدك في أي شيء تحتاجه”. هذه العبارات تبعث برسالة تطمئن الشخص المكتئب وتجعله يشعر بالراحة في التعبير عن مشاعره.

2. تشجيع البحث عن الدعم المهني

من الضروري أن يتفهم الشخص المكتئب أهمية البحث عن دعم مهني في حالة الاكتئاب. على الرغم من أن الدعم الاجتماعي العاطفي له دور كبير، إلا أن العلاج المهني غالبًا ما يكون أساسيًا في العلاج طويل المدى. التحدث إلى مختص في الصحة النفسية، مثل الأطباء النفسيين أو المعالجين النفسيين، يمكن أن يساعد في تقديم الأدوات المناسبة للتعامل مع الاكتئاب.

يمكنك تشجيع الشخص المصاب بالاكتئاب على التحدث مع مختص دون أن تشعره بالضغط. قد يواجه الشخص المصاب مقاومة في البداية، حيث يشعر بالخجل أو العجز أو حتى الخوف من وصمة العار المرتبطة بالذهاب إلى الطبيب النفسي. في هذه الحالة، يمكن تقديم المساعدة في تقديم الاستشارة حول كيفية العثور على متخصص أو حتى مرافقة الشخص في الزيارة الأولى إذا كان ذلك ممكنًا.

3. إشراك الشخص في الأنشطة البدنية البسيطة

أظهرت العديد من الدراسات أن ممارسة الرياضة يمكن أن تكون فعّالة جدًا في تقليل أعراض الاكتئاب. على الرغم من أن الشخص المكتئب قد يواجه صعوبة في بدء النشاط البدني بسبب مشاعر التعب المستمرة أو قلة الدافع، إلا أن الأنشطة البسيطة مثل المشي أو تمارين التنفس العميق يمكن أن تُحسن المزاج وتساعد في تحفيز إفراز المواد الكيميائية في الدماغ مثل الإندورفينات والدوبامين، مما يساعد في تحسين الحالة النفسية.

إن تشجيع الشخص المصاب بالاكتئاب على القيام بأنشطة بسيطة قد يكون له تأثير إيجابي جدًا. يمكن البدء بخطوات صغيرة، مثل الخروج في نزهة قصيرة في الهواء الطلق، أو القيام ببعض التمارين الخفيفة في المنزل. من المهم عدم الضغط على الشخص للقيام بأنشطة ضخمة في البداية، بل تحفيزه على اتخاذ خطوات صغيرة مع مرور الوقت.

4. توفير بيئة داعمة وخالية من التوتر

البيئة التي يعيش فيها الشخص المكتئب تلعب دورًا مهمًا في التأثير على حالته النفسية. وجود بيئة هادئة وآمنة يمكن أن يساهم بشكل كبير في تسريع التعافي من الاكتئاب. من خلال خلق جو من الدعم والإيجابية في المنزل أو العمل، يمكن تقليل مستويات التوتر بشكل ملحوظ. يُستحسن إزالة أو تقليل أي مصادر قد تؤدي إلى زيادة الضغط على الشخص المكتئب، مثل الأحداث المحورية في الحياة أو المشاكل غير المنتهية التي قد تزيد من شعور الشخص بالعجز.

إذا كان الشخص المكتئب يعيش في بيئة مليئة بالتوترات العائلية أو في مكان عمل يسبب له ضغوطًا مفرطة، من الضروري محاولة تقديم حلول للمساعدة في تقليل هذه الضغوط. على سبيل المثال، يمكن تقوية الدعم العاطفي من خلال تقديم أوقات للتواصل الهادئ أو إنشاء مكان خاص للاسترخاء.

5. مساعدة الشخص على تحديد أولوياته والتعامل مع مشاعره السلبية

غالبًا ما يصاحب الاكتئاب مشاعر من العجز واليأس، وقد يشعر الشخص المصاب بأنه لا يمكنه المضي قدمًا أو إنهاء المهام اليومية التي كانت تبدو سهلة في الماضي. هنا تكمن أهمية مساعدته على تحديد أولويات الحياة اليومية. لا يجب عليه أن يتعامل مع كل شيء مرة واحدة؛ بل يمكن تقسيم المهام الكبيرة إلى مهام أصغر وأكثر قابلية للتحقيق.

من خلال تحديد الأهداف اليومية البسيطة والواقعية، مثل الاستيقاظ في وقت محدد، تناول وجبة صحية، أو الذهاب إلى مكان هادئ، يمكن للشخص أن يشعر بشيء من النجاح والتقدم. قد تتطلب هذه الاستراتيجيات صبرًا، ولكن مع مرور الوقت، سيتعلم الشخص المصاب بالاكتئاب كيفية التعامل مع مشاعره السلبية بشكل أكثر فعالية.

خاتمة

إن مساعدة شخص يعاني من الاكتئاب للمرة الأولى ليست مهمة سهلة، وتحتاج إلى الكثير من التفهم والصبر. قد تتباين استراتيجيات الدعم حسب حالة الشخص وطبيعته، لكن الدعم العاطفي المستمر والبحث عن المساعدة المهنية والأنشطة البدنية البسيطة قد تكون خطوات فعالة نحو تعافي الشخص المكتئب. الاكتئاب هو مرض حقيقي يؤثر على كل جوانب الحياة، ولكن من خلال توفير بيئة داعمة وفهم كافٍ، يمكن مساعدة الشخص على العودة إلى حياته اليومية وتحقيق الراحة النفسية من جديد.