إن مفهوم الميزة التنافسية يُعتبر محورًا أساسيًا في البحوث الاقتصادية والإدارية، حيث يُعنى بتحديد العوامل التي تمنح المنظمة القدرة على التفوق على منافسيها في سوق الأعمال. وفي هذا السياق، قام باحثون مثل (محسن والنجار، 2004) بتعريف الميزة التنافسية كعملية استراتيجية تتيح للمنظمة بناء نظام فريد يمنحها تفوقًا على المنافسين. وفي ذات السياق، أشار (Lui، 2003) إلى أن الميزة التنافسية تتجلى في احتلال المنظمة مركزًا تنافسيًا متقدمًا في السوق.
من جهة أخرى، قدم (أبوالنجا، 2008) تعريفًا متكاملًا للميزة التنافسية، حيث ركز على الوضع التنافسي النسبي للمنظمة واستمراريته في مواجهة المنافسين. وأوضح أن الميزة التنافسية تظهر في قدرة المنظمة على تقديم منتجات فريدة أو منافسة بتكلفة أقل، مما يعكس قدرتها على استثمار الفرص والتعامل مع التهديدات في السوق.
وبموازاة هذه التعاريف، أكد (الطراونة وأبو جبل، 2013) على أن الميزة التنافسية تتمثل في القدرة الفعّالة للمنظمة على استغلال الفرص الخارجية والتصدي للتهديدات، وذلك من خلال تحسين جودة المنتجات واستخدام التكنولوجيا بشكل مستدام. وهذا يعكس مدى تنوع الأدوات والموارد التي يمتلكها المنظمة للتفوق في سوق التنافس.
من ناحية أخرى، يتساءل العديد من الباحثين حول فكرة الميزة التنافسية المستدامة، حيث أوضح (Barney، 2006) أنها تعبر عن القدرة الفريدة التي يجب أن تمتلكها المنظمة والتي يصعب على المنافسين تقليدها. وفي هذا السياق، يظهر دور الإبداع كعنصر أساسي في دعم استمرارية هذه الميزة.
عليه، تتجلى دورة حياة الميزة التنافسية، كما أشار (خليل، 1998) و(خاطر، 2016)، في أربع مراحل رئيسية تشمل التقديم والتبني والتقليد والضرورة. حيث يبرز دور الإبداع في كل مرحلة، حيث يسهم في تعزيز الميزة وإدخال تحسينات جوهرية للتغلب على التحديات المتزايدة.
من الناحية الأخرى، يركز الباحث (خاطر، 2016) على أنواع الميزة التنافسية، ويعرج على ثلاثة أنواع رئيسية: ميزة التكلفة الأقل، والتميز في المنتجات، وميزة التوقيت. ويشدد على أن الابتكار يلعب دورًا حاسمًا في تحقيق هذه الميزات.
ومن خلال دراسة أبعاد الميزة التنافسية، ذكر (Yang، 2007) أهميتين أساسيتين وهما: حجم الميزة التنافسية ونطاق التنافس أو السوق المستهدف. حيث يظهر أن المنظمة تحقق استمرارية للميزة التنافسية إذا استمرت في تحدي المنافسين واستثمار المجهود اللازم للتفوق.
في النهاية، يُظهر هذا النظرة الشاملة عن الميزة التنافسية أن الإبداع يعد عنصرًا أساسيًا في دعمها وتعزيزها، سواء من خلال تطوير أدواتها أو استمرارية تحسينها لمواجهة التحديات المتجددة في سوق الأعمال.
المزيد من المعلومات
بما أننا نستكمل النظرة الشاملة حول الميزة التنافسية، يمكننا التعمق في بعض النقاط الأخرى المهمة. يُركز الباحث (خاطر، 2016) على استراتيجية التركيز كوسيلة لتعزيز الميزة التنافسية. يتمثل التركيز في تحديد قطاع سوقي محدد وتوجيه الجهود التسويقية نحوه. يعكس هذا النهج استراتيجية التركيز التي تتيح للمنظمة التفرد في خدمة فئة محددة من العملاء، سواء من خلال تقديم منتج فريد أو تلبية احتياجات خاصة.
أما بالنسبة لأبعاد الميزة التنافسية، فإن حجم الميزة يشير إلى قوة الميزة التي تمتلكها المنظمة، حيث يُعتبر حجم الميزة كعامل مؤثر في جعل المنافسين يواجهون صعوبة في محاولة تقليدها. وفي هذا السياق، يتحدد نطاق التنافس أو السوق المستهدف بناءً على مدى اتساع أنشطة المنظمة. إذا كانت تتنافس في نطاق واسع، فإنها قد تستفيد من تحقيق مزايا تكلفة بسبب حجم الإنتاج الكبير أو انخفاض التكاليف.
من جهة أخرى، يُسلط الباحث (Yang، 2007) الضوء على أهمية حفظ الميزة التنافسية واستمراريتها، حيث يُشير إلى أن استمرارية الميزة يمكن أن تكون مؤشرًا على فعالية المنظمة في المحافظة على تفوقها على المنافسين على المدى الطويل.
وفي سياق آخر، يمكن أن يلعب الابتكار دورًا حاسمًا في إطالة حياة الميزة التنافسية. يمكن للابتكار أن يساهم في تجديد المنتجات والخدمات، وإدخال عناصر جديدة لتلبية احتياجات العملاء المتغيرة. وفي ظل التقدم التكنولوجي، يمكن للابتكار أن يكون الدافع الرئيسي وراء الابتكار في العمليات وتحسين الكفاءة.
لإضافة أبعاد إضافية، يُعتبر استخدام التكنولوجيا وفهم عميق لسلسلة القيمة الخاصة بالمنظمة جزءًا أساسيًا في تعزيز الميزة التنافسية. يمكن لتبني أحدث التقنيات والتكنولوجيا المتقدمة أن يكون لها تأثير إيجابي على جودة المنتجات والخدمات، وبالتالي تعزيز تفوق المنظمة في السوق.
بهذا، نجد أن الميزة التنافسية ليست مجرد مفهوم نظري، بل تمتد لتكون استراتيجية عمل تتطلب فهماً عميقاً لسوق الأعمال وقدرة على التكيف مع التحديات المتغيرة في البيئة الاقتصادية والتكنولوجية.