3 استراتيجيات تساعدك على التركيز في مكاتب العمل المفتوحة
في العقود الأخيرة، شهدت مكاتب العمل تحولاً جذرياً نحو بيئات العمل المفتوحة، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون وزيادة التفاعل بين الموظفين. ومع أن هذه البيئة تسهم في تعزيز روح الفريق والمشاركة، إلا أن هناك تحديات عديدة تواجهها، أبرزها الحفاظ على التركيز في ظل الضوضاء والازدحام البصري والعديد من المشتتات الأخرى. لذلك، أصبحت الحاجة إلى تطوير استراتيجيات فعالة لتحقيق التركيز في مثل هذه المكاتب ضرورة ملحة.
سنستعرض في هذا المقال ثلاث استراتيجيات رئيسية تساعد الموظفين في الحفاظ على تركيزهم وزيادة إنتاجيتهم في مكاتب العمل المفتوحة.
1. استخدام سماعات الرأس أو أدوات العزل الصوتي
من أبرز المشكلات التي يعاني منها الموظفون في المكاتب المفتوحة هي الضوضاء المستمرة الناتجة عن المحادثات، المكالمات الهاتفية، والأنشطة الجماعية الأخرى. قد يكون من الصعب التركيز أو حتى التفكير بوضوح عندما يكون هناك الكثير من الأصوات المتداخلة في محيطك.
الحل الأمثل لهذه المشكلة هو استخدام سماعات الرأس أو أدوات العزل الصوتي. السماعات المانعة للضوضاء تُعتبر من الأدوات الأكثر فعالية في حجب الأصوات الخارجية التي قد تشتت انتباهك. في الواقع، تظهر الدراسات أن سماعات الرأس التي توفر عزلًا جيدًا للصوت يمكن أن تعزز من قدرة الشخص على التركيز وتقلل من مستوى التوتر الناتج عن البيئة المحيطة.
إضافة إلى ذلك، توفر العديد من السماعات وظائف تتيح لك الاستماع إلى الموسيقى الهادئة أو مقاطع صوتية تساعد في زيادة التركيز. هذه الممارسة تُعرف بمفهوم “الموسيقى التي تعزز الأداء” والتي ثبت أنها تحسن قدرة الدماغ على معالجة المعلومات والاحتفاظ بها. لكن يجب تجنب الموسيقى ذات الإيقاع السريع أو الكلمات المشتتة، والاعتماد على أنماط موسيقية هادئة، مثل مقاطع البيانو أو الأصوات الطبيعية.
بالإضافة إلى السماعات، يمكن استخدام الحواجز الصوتية القابلة للتعديل التي تتيح لك عزل مكان عملك بشكل جزئي، مما يساعد على تقليل التشويش الخارجي ويتيح لك تركيزاً أفضل.
2. تخصيص وقت للعمل الفردي أو “الوقت العميق”
الوقت العميق هو فترة زمنية تخصصها للعمل بشكل فردي دون انقطاع أو تدخلات خارجية. في بيئة العمل المفتوحة، من السهل أن تجد نفسك مشغولًا بمقابلات عابرة، استفسارات من الزملاء، أو محادثات غير هادفة، ما يؤدي إلى تقسيم انتباهك وتوزيعه على عدة مهام بشكل غير فعال. هذا النوع من الانقطاعات يمكن أن يؤثر على مستوى تركيزك وإنتاجيتك.
تخصيص وقت محدد للعمل الفردي يُعتبر أحد الحلول المثالية في هذا السياق. في بداية يومك، أو في أوقات معينة خلال اليوم، حاول تخصيص فترات زمنية محددة تكون خلالها بعيدًا عن أي نوع من الانقطاعات. خلال هذه الفترة، يمكن أن تركز تمامًا على المهمة التي أمامك، سواء كانت كتابة تقرير، إعداد عرض تقديمي، أو حل مشكلة معقدة. هذه الفترات تعرف أيضًا بـ “الوقت العميق”، حيث يكون التركيز كاملًا على العمل.
من المهم أن تتواصل مع الزملاء حول هذه الفترات بحيث يفهمون أن هذه الأوقات مخصصة للعمل العميق وأنك قد لا تكون متاحًا للتفاعل أو الرد على الرسائل الفورية خلال هذه الفترات. قد يكون من المفيد إغلاق البريد الإلكتروني أو استخدام تطبيقات إدارة الوقت التي تساعد في حظر إشعارات التطبيقات الأخرى.
كما يمكن أن يتم تخصيص مساحات خاصة للتركيز داخل المكتب، مثل الغرف الهادئة أو الزوايا الخاصة التي يتم تصميمها للعمل دون انقطاعات. في بعض المكاتب المفتوحة، يمكن أن توفر بيئات العمل “الهادئة” أو “التركيز” فرصة مثالية للموظفين للتفاعل مع بيئة عملهم بشكل أكثر تركيزًا.
3. تنظيم مساحة العمل وتقليل المشتتات البصرية
تعد البيئة المكانية واحدة من العوامل المهمة التي تؤثر بشكل كبير على القدرة على التركيز في المكاتب المفتوحة. في ظل التصاميم الحديثة، يمكن أن يصبح المكان محاطًا بعوامل بصرية قد تشتت الانتباه، مثل الرسوم التوضيحية غير الضرورية، الأثاث غير المنظم، أو الأجهزة التكنولوجية التي يصعب التحكم فيها.
تنظيم مساحة العمل بشكل جيد يساعد في الحد من المشتتات البصرية ويحسن من القدرة على التركيز. أولاً، يجب عليك ترتيب مكتبك بطريقة منظمة، بحيث تكون الأدوات التي تحتاجها في متناول يدك. قد تساهم الألوان الهادئة أو الأثاث البسيط في تقليل التشويش البصري وتوفير بيئة مريحة للعمل.
كما يمكن أن تساعد أوراق الملاحظات والمذكرات التنظيمية في توجيه التركيز نحو المهام المهمة. من المهم أيضًا أن تكون كل الأدوات التي تستخدمها أثناء العمل واضحة وسهلة الوصول، مثل الكمبيوتر، الملاحظات، المستندات، والكتب. يجب الحد من الفوضى في المكتب، سواء كان ذلك من خلال استخدام الأدراج لتنظيم الأوراق أو تخصيص أماكن ثابتة لكل شيء.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن تقليل المشتتات البصرية من خلال وضع شاشات حاسوب ذات إضاءة مريحة للعين أو اختيار خلفيات بسيطة على الكمبيوتر. كما أن تقليل المشتتات في مجال الصوت أو استخدام تطبيقات لتصفية الصوت الذي قد يشتت الانتباه يساعد في الحفاظ على البيئة أكثر هدوءًا وملاءمةً للتركيز.
على الرغم من أن المكاتب المفتوحة تتميز بالعديد من الفوائد، إلا أن إدارة العوامل المشتتة يمكن أن يكون مفتاحًا رئيسيًا للنجاح. التنظيم ليس فقط للمكان، بل أيضاً للنشاط اليومي داخل المكتب، يشكل أساسًا هامًا في الحفاظ على مستوى عالٍ من الإنتاجية والتركيز.
الخاتمة
التركيز في مكاتب العمل المفتوحة ليس أمرًا مستحيلًا، ولكنه يتطلب بعض الاستراتيجيات المدروسة والقدرة على التعامل مع التحديات البيئية. عبر استخدام سماعات الرأس أو أدوات العزل الصوتي، تخصيص فترات للعمل الفردي العميق، وتنظيم المساحة وتقليل المشتتات البصرية، يمكن للموظف أن يعزز من قدرته على التركيز وإنجاز المهام بشكل فعال.
