كيفية استخدام تأثير زيجارنيك لتحسين حياتك
يُعتبر تأثير زيجارنيك من الظواهر النفسية المثيرة للاهتمام التي اكتشفها علماء النفس في القرن العشرين. وقد أظهرت دراسات العديد من الباحثين أن الأشخاص غالبًا ما يظل لديهم اهتمام أكثر بالأعمال غير المكتملة أو المهام التي لم يتم إنجازها بشكل كامل، مقارنة بالأعمال التي تم إتمامها بنجاح. هذه الظاهرة تُعرف باسم “تأثير زيجارنيك” نسبةً إلى العالم النفسي السوفييتي بلوما زيجارنيك، التي اكتشفت هذا التأثير في أبحاثها حول ذاكرة الأفراد وكيفية تذكر المهام.
ما هو تأثير زيجارنيك؟
يتلخص تأثير زيجارنيك في أن الأشخاص يميلون إلى تذكر المهام غير المكتملة بشكل أفضل من تلك التي تم إتمامها. في دراستها الأصلية، قامت زيجارنيك بملاحظة أنه عندما يُطلب من الأشخاص إيقاف مهمة معينة قبل أن يكملوها، فإنهم يصبحون أكثر اهتمامًا بالمهمة نفسها، ويظل لديهم تذكر جيد للمهمة غير المكتملة. بينما كان الأشخاص الذين أكملوا المهام يميلون إلى نسيان التفاصيل المتعلقة بالمهمة بشكل أسرع.
كيفية استفادة الفرد من تأثير زيجارنيك في حياته الشخصية والمهنية؟
-
تحفيز النفس على إنهاء المهام
يمكن استخدام تأثير زيجارنيك لتحفيز النفس على إتمام الأعمال والمهام التي قد تؤجلها أو تتجنبها. من خلال إدراك أن الشعور بالراحة النفسي يتزايد عندما يتم إكمال المهام غير المكتملة، يمكن تحفيز نفسك للبقاء مركزًا على المهمة والقيام بها حتى النهاية. هذا الشعور بالإلحاح الناتج عن عدم اكتمال العمل يُمكن أن يصبح دافعًا قويًا للتنفيذ. -
تقنيات تنظيم الوقت وزيادة الإنتاجية
يمكن أن يساعد تأثير زيجارنيك في تحسين مهارات إدارة الوقت. عندما تكون لديك قائمة مهام، فإن ترك بعض المهام غير مكتملة بشكل متعمد يمكن أن يخلق نوعًا من الضغط النفسي الذي يدفعك للعودة إليها وإنجازها بشكل أسرع. بدلاً من الشعور بالملل أو التشتيت، ستشعر بتعزيز التركيز والرغبة في إتمامها. بالإضافة إلى ذلك، تقسيم المهام الكبيرة إلى أجزاء صغيرة غير مكتملة في البداية قد يزيد من الدافع لإنهائها. -
تحسين الذاكرة والتركيز
تأثير زيجارنيك يمكن أن يُستخدم أيضًا لتحسين الذاكرة والتركيز. إذا كنت تعمل على مشروع طويل أو معقد، يمكن ترك جزء من العمل غير مكتمل أو إعطاء نفسك مهمة غير مكتملة (مثل كتابة مسودة أولى أو التفكير في بعض النقاط). هذا سيحافظ على تفاعل عقلك مع المهمة ويعزز قدرتك على تذكر تفاصيلها لاحقًا. الفكرة هنا هي أنك ستظل تركز على المهمة لفترة أطول، حتى بعد أن تتركها مؤقتًا، مما يؤدي إلى تحسين الأداء العام. -
استخدامه في مجال التعليم
في مجال التعليم، يمكن استخدام تأثير زيجارنيك لتعزيز عملية التعلم والتحصيل العلمي. في بيئة تعليمية، يمكن للمُعلمين تقسيم الدروس إلى أجزاء غير مكتملة تُحفز الطلاب على العودة إليها بسرعة. على سبيل المثال، عندما يُطلب من الطلاب إتمام مشروع على عدة مراحل، قد يشعرون بأنهم بحاجة لإتمام كل جزء لكي يتأكدوا من إتمام المهمة بالكامل. هذه الطريقة تساعد على تعزيز المشاركة وتسهيل استيعاب المعلومات. -
تحفيز الإبداع والابتكار
تأثير زيجارنيك قد يساعد أيضًا في تحفيز الإبداع والابتكار. إذا كان لديك مشروع يحتاج إلى حل مبتكر أو فكرة جديدة، فإن ترك المهمة غير مكتملة بشكل متعمد قد يشعل شرارة الإبداع في عقلك. ترك الأمر معلقًا يفتح المجال للعقل ليعمل على حل المشكلة بشكل غير مباشر، مما يؤدي إلى حلول جديدة ومبتكرة قد لا تظهر عند محاولة إتمام العمل بشكل متسلسل. في الواقع، الكثير من العلماء والفنانين يُفيدون بأن أفضل أفكارهم جاءت عندما تركوا مشاريعهم معلقة أو غير مكتملة لفترة قصيرة. -
مساعدتك في التكيف مع الضغط النفسي
يمكن أن يساعد تأثير زيجارنيك في التكيف مع حالات الضغط النفسي أو العمل تحت ضغط. الشعور بالإلحاح الذي يرافق الأعمال غير المكتملة قد يبدو مزعجًا في البداية، لكنه يمكن أن يُعتبر عاملًا محفزًا إيجابيًا. في مثل هذه الحالات، يتيح لك هذا التأثير الشعور بأن لديك مهمة محددة تحتاج لإتمامها، مما يزيد من التزامك بالعمل ويساهم في تقليص الشعور بالإرهاق. -
تطبيقه في تحسين العلاقات الشخصية
يمكن لتأثير زيجارنيك أن يلعب دورًا في تحسين العلاقات الشخصية من خلال إدراك كيف يمكن ترك بعض المحادثات أو النقاط غير المكتملة تجعل الشخص الآخر يفكر فيها لفترة أطول. في بعض الأحيان، يمكن استخدام هذا التأثير لبناء التفاعل الاجتماعي عن طريق ترك مواضيع معينة معلقة خلال محادثات معينة، ما يُحفز الشخص الآخر على التفكير فيها أكثر.
هل يمكن أن يكون لتأثير زيجارنيك آثار سلبية؟
في حين أن تأثير زيجارنيك يمكن أن يكون مفيدًا في العديد من المجالات، فإن له أيضًا بعض الآثار السلبية في حال تم استخدامه بشكل غير صحيح. الشعور المستمر بعدم اكتمال المهمة قد يؤدي إلى الإجهاد العقلي، خاصةً إذا كانت المهام غير مكتملة تتراكم. كما أن ترك المهام معلقة لفترة طويلة دون الإحساس بالحاجة لإكمالها قد يؤدي إلى القلق والتشتت العقلي، بدلاً من تعزيز الإنتاجية والتركيز.
كيفية التوازن بين الاستفادة من تأثير زيجارنيك وتقليل التأثيرات السلبية؟
لتجنب الآثار السلبية لتأثير زيجارنيك، يجب أن يكون هناك توازن في كيفية إدارة المهام غير المكتملة. من الضروري أن يتم تخصيص وقت محدد لإتمام الأعمال المعلقة بدلاً من تركها تتراكم باستمرار. كما يجب أن تكون هناك استراتيجيات واضحة لإنهاء المهام بشكل متسلسل ومنظم، بحيث لا تؤدي كثرة الأعمال غير المكتملة إلى الشعور بالإرهاق.
خلاصة
تأثير زيجارنيك هو أحد الأدوات النفسية القوية التي يمكن استخدامها لتحسين الإنتاجية والتحفيز الذاتي. من خلال الاستفادة من هذا التأثير بشكل مدروس، يمكن للأفراد تعزيز تركيزهم، تنظيم وقتهم بشكل أفضل، وتحفيز أنفسهم على إتمام المهام المختلفة. ومع ذلك، من المهم أن يتم التعامل معه بحذر لتجنب القلق والتوتر الناتج عن تراكم الأعمال غير المكتملة.
