ارتفاع وانخفاض درجة الحرارة عند الأطفال

تُعد درجة حرارة الجسم من المؤشرات الحيوية المهمة التي تعكس حالة الطفل الصحية، حيث يُعتبر ارتفاع أو انخفاض درجة الحرارة عند الأطفال من العلامات التي تنبه إلى وجود اضطراب أو مشكلة صحية قد تتطلب متابعة دقيقة. يعد تنظيم حرارة الجسم من العمليات الحيوية المعقدة التي يتحكم فيها الجهاز العصبي المركزي من خلال مراكز في الدماغ، لاسيما في منطقة تحت المهاد. اختلاف درجة حرارة الجسم سواء بالارتفاع أو الانخفاض له أسباب متعددة وآليات مختلفة تتطلب فهماً دقيقاً لتشخيص الحالة وإدارتها بشكل صحيح.

مفهوم درجة حرارة الجسم الطبيعية عند الأطفال

درجة حرارة الجسم الطبيعية تتراوح عادة بين 36.5 و37.5 درجة مئوية، ويمكن أن تختلف قليلاً حسب طريقة القياس (فموي، تحت الإبط، شرجي، أو عبر الأذن). عند الأطفال، قد تتأثر درجة الحرارة بعوامل عدة مثل نشاط الطفل، درجة حرارة البيئة المحيطة، ووقت اليوم، حيث تميل درجة الحرارة إلى الارتفاع في فترة بعد الظهر والمساء.

أسباب ارتفاع درجة الحرارة عند الأطفال

ارتفاع درجة الحرارة عند الأطفال هو رد فعل طبيعي للجسم تجاه العديد من الحالات المرضية أو العوامل البيئية. يتميز ارتفاع الحرارة بأنه استجابة مناعية دفاعية تساعد الجسم على محاربة العدوى. من الأسباب الرئيسية لارتفاع الحرارة:

1. العدوى البكتيرية والفيروسية

تشكل العدوى السبب الأكثر شيوعاً لارتفاع الحرارة عند الأطفال، وتشمل نزلات البرد، الإنفلونزا، التهابات الأذن، التهابات المسالك البولية، والالتهابات التنفسية. تقوم خلايا الجسم المناعية بإطلاق مواد كيميائية تحفز مركز تنظيم الحرارة في الدماغ لرفع درجة الحرارة، مما يعيق نمو الميكروبات.

2. التلقيح والتطعيمات

تُعد الحمى عرضاً شائعاً بعد التطعيمات، حيث يثير اللقاح استجابة مناعية مؤقتة قد تسبب ارتفاعاً بسيطاً في درجة حرارة الجسم.

3. الأمراض الالتهابية والحساسية

بعض الأمراض الالتهابية المزمنة والحساسية يمكن أن تسبب ارتفاع درجة الحرارة نتيجة لتحفيز الجسم على رد فعل التهابي.

4. التعرض لدرجات حرارة عالية

التعرض لفترات طويلة للحرارة الشديدة أو التمارين الرياضية المجهدة في ظروف جوية حارة قد يؤدي إلى ارتفاع حرارة الجسم نتيجة فشل آليات تبريد الجسم مثل التعرق.

5. أسباب أخرى

بعض الحالات النادرة مثل الأورام أو اضطرابات الغدد الصماء قد تكون مصحوبة بحمى.

آليات ارتفاع الحرارة

يرتبط ارتفاع الحرارة بزيادة إنتاج الحرارة في الجسم أو نقص فقدانها. تحدث عملية ارتفاع الحرارة عندما يُعاد ضبط “محدد الحرارة” في منطقة تحت المهاد الدماغية إلى قيمة أعلى، فيبدأ الجسم باتخاذ إجراءات لرفع درجة حرارته مثل:

• انقباض الأوعية الدموية في الجلد للحد من فقدان الحرارة.

• زيادة النشاط العضلي عبر القشعريرة.

• زيادة معدل الأيض لإنتاج حرارة إضافية.

أعراض ارتفاع الحرارة عند الأطفال

بالإضافة إلى ارتفاع درجة الحرارة، قد يعاني الطفل من أعراض أخرى مثل:

• التعرق أو برودة الجلد.

• قشعريرة.

• ضعف عام أو تعب.

• فقدان الشهية.

• صداع أو ألم في العضلات.

• أحياناً غثيان أو قيء.

تتفاوت شدة الأعراض حسب درجة الحمى وسببها.

التعامل مع ارتفاع درجة الحرارة عند الأطفال

يُعتبر ارتفاع درجة الحرارة عرضاً وليس مرضاً بحد ذاته، ويتطلب علاج السبب الكامن. ومع ذلك، يمكن اتخاذ بعض الإجراءات لتخفيف الأعراض:

• إعطاء الطفل سوائل كثيرة لتجنب الجفاف.

• تخفيف الملابس الثقيلة والسماح بتهوية الغرفة.

• استخدام أدوية خافضة للحرارة مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين تحت إشراف طبي.

• مراقبة درجة الحرارة بانتظام لتقييم استجابة العلاج.

متى يكون ارتفاع الحرارة خطيراً؟

تكون الحمى مقلقة في الحالات التالية:

• ارتفاع درجة الحرارة فوق 39.5 درجة مئوية.

• استمرار الحمى لأكثر من 3 أيام.

• ظهور علامات الجفاف مثل جفاف الفم، قلة التبول.

• تغير في سلوك الطفل كالنوم المفرط أو الانفعال الشديد.

• وجود تشنجات حموية أو صعوبة في التنفس.

في هذه الحالات يجب استشارة الطبيب فوراً.

أسباب انخفاض درجة الحرارة عند الأطفال

انخفاض درجة حرارة الجسم أو ما يُعرف بالهبوط الحراري قد يكون أقل شيوعاً ولكنه أيضاً حالة تحتاج إلى اهتمام. يُعرف انخفاض حرارة الجسم طبيًا باسم “Hypothermia” ويحدث عندما تنخفض درجة حرارة الجسم إلى أقل من 35 درجة مئوية. قد يحدث هذا نتيجة:

1. التعرض للبرد الشديد

خروج الطفل لفترات طويلة في جو بارد دون ملابس مناسبة.

2. اضطرابات في تنظيم الحرارة

بعض الأمراض أو الإصابات التي تؤثر على مركز تنظيم الحرارة في الدماغ.

3. سوء التغذية أو فقدان الطاقة

الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية أو أمراض مزمنة قد لا يكون لديهم القدرة على الحفاظ على حرارة الجسم.

4. الإصابة بعدوى شديدة

في حالات العدوى الشديدة مثل تسمم الدم، قد ينخفض الجسم عن طريق تعطيل وظائف الأيض.

5. تناول بعض الأدوية

بعض الأدوية قد تؤثر على درجة حرارة الجسم.

أعراض انخفاض درجة الحرارة

تشمل الأعراض الشائعة لانخفاض الحرارة:

• برودة الجلد.

• بطء في التنفس.

• خمول وضعف عام.

• ارتعاش أو انقباض العضلات.

• تغير في لون الجلد إلى شاحب أو مزرق.

• ضعف في نبض القلب.

التعامل مع انخفاض درجة الحرارة عند الأطفال

يجب التعامل مع حالة انخفاض الحرارة كحالة طبية طارئة:

• نقل الطفل إلى بيئة دافئة على الفور.

• تغطية الطفل ببطانيات دافئة.

• إعطاء سوائل دافئة إذا كان الطفل واعيًا.

• تجنب التعرض المفاجئ للحرارة أو التدليك القوي.

• طلب مساعدة طبية عاجلة.

الفرق بين الحمى وارتفاع الحرارة غير الحموية

يجب التمييز بين الحمى وارتفاع الحرارة غير الحموية، حيث قد يحدث ارتفاع في درجة الحرارة دون وجود حمى حقيقية مثل:

• ارتفاع حرارة الجسم بسبب المجهود البدني أو الحرارة الخارجية.

• الارتفاع الناتج عن تناول بعض الأدوية أو العوامل النفسية.

في هذه الحالات لا يُعاد ضبط مركز الحرارة في الدماغ ولا يكون هناك استجابة مناعية.

تأثير ارتفاع وانخفاض الحرارة على الطفل

يتأثر الأطفال بشكل خاص بتغيرات الحرارة بسبب حجمهم الصغير وكفاءة تنظيم حرارة أجسامهم التي تكون أقل من البالغين. ارتفاع أو انخفاض الحرارة بشكل مفاجئ أو شديد قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تشمل:

• الجفاف الحاد.

• التشنجات الحموية.

• تلف في الأعضاء الحيوية.

• تدهور الحالة العصبية.

لذلك يجب متابعة درجة حرارة الطفل باستمرار والتدخل عند الضرورة.

جدول مقارنة بين ارتفاع وانخفاض حرارة الجسم عند الأطفال

الخلاصة

تعتبر مراقبة درجة حرارة الجسم لدى الأطفال من الأمور الأساسية التي تعكس حالتهم الصحية. ارتفاع الحرارة هو استجابة طبيعية ووقائية في معظم الحالات، لكنه قد يشير إلى وجود عدوى أو التهاب يستوجب العلاج. في المقابل، يشكل انخفاض حرارة الجسم حالة طبية طارئة تتطلب سرعة التدخل لمنع المضاعفات. فهم الأسباب، الأعراض، وطرق التعامل مع ارتفاع وانخفاض الحرارة يمكن أن يسهم في توفير رعاية صحية أفضل للأطفال، والحد من المضاعفات المحتملة المرتبطة بهذه الحالات.

المراجع

1. Mayo Clinic. “Fever in children: When to call the doctor.”

2. American Academy of Pediatrics. “Hypothermia in infants and children.”