ارتفاع إنزيمات القلب: الأسباب والعلاج

ارتفاع إنزيمات القلب: الأسباب، الأعراض، التشخيص والعلاج

تُعدُّ إنزيمات القلب من المؤشرات البيولوجية الحيوية التي يتم فحصها بشكل شائع لتقييم حالة صحة القلب. تلعب هذه الإنزيمات دورًا حيويًا في تشخيص العديد من الحالات القلبية الخطيرة، ومن أبرزها احتشاء عضلة القلب (النوبة القلبية) وأمراض الشرايين التاجية. في هذا المقال، سوف نتناول موضوع ارتفاع إنزيمات القلب من كافة الجوانب، بدءًا من التعريف بالإنزيمات المرتبطة بالقلب، مرورًا بالأسباب المحتملة لارتفاع مستوياتها، وصولاً إلى التشخيص والعلاج المتاح.

1. مقدمة عن إنزيمات القلب

إنزيمات القلب هي مجموعة من البروتينات التي يتم إفرازها في الدم عند تعرض القلب إلى تلف أو ضغط غير طبيعي. تمثل هذه الإنزيمات مؤشرات بيولوجية هامة تساعد الأطباء في تحديد وجود أو عدم وجود مشاكل في القلب. تزداد مستويات هذه الإنزيمات بشكل ملحوظ في حالات مثل احتشاء عضلة القلب، أو التهاب غشاء القلب (التامور) أو اضطرابات أخرى في الشرايين التاجية.

2. أنواع إنزيمات القلب الرئيسية

هناك عدة أنواع من الإنزيمات التي يتم رصدها بشكل رئيسي في حالة الاشتباه بوجود أمراض قلبية. ومن أبرز هذه الإنزيمات:

2.1. إنزيم الكرياتين كيناز (CK-MB)

يُعدُّ إنزيم الكرياتين كيناز أحد الإنزيمات التي يتم قياسها بشكل شائع لتقييم وجود تلف في عضلة القلب. يوجد هذا الإنزيم في عدة أنواع من الأنسجة، بما في ذلك القلب والعضلات الهيكلية. عندما يحدث تلف في خلايا القلب، يتم إفراز هذا الإنزيم في الدم. تعتبر مستويات CK-MB من أهم الأدوات التشخيصية في حالة الاشتباه بالنوبة القلبية.

2.2. إنزيم التروبونين (Troponin)

يُعتبر التروبونين من أكثر الإنزيمات دقة في تشخيص الأمراض القلبية. يوجد نوعان رئيسيان منه هما التروبونين I (TnI) والتروبونين T (TnT). يتم إفراز التروبونين في الدم عندما تتعرض خلايا القلب للتلف. يمكن اكتشاف هذه الإنزيمات بفعالية حتى بعد فترة طويلة من وقوع النوبة القلبية، مما يجعلها مفيدة في التقييم طويل المدى للحالة القلبية للمريض.

2.3. إنزيم اللاكتات ديهيدروجيناز (LDH)

يتم إفراز إنزيم اللاكتات ديهيدروجيناز من الخلايا التالفة في القلب، لكن لا يعدُّ مؤشراً خاصًا بالقلب فقط، حيث يوجد أيضًا في العديد من الأنسجة الأخرى. رغم ذلك، يمكن أن يكون قياسه مهمًا في التحقق من وجود أضرار في الأنسجة القلبية.

2.4. الأنزيمات الأخرى

هناك العديد من الإنزيمات الأخرى التي يمكن أن تساهم في تشخيص الحالات القلبية، مثل الأسبارتات ترانساميناز (AST) والألانين ترانساميناز (ALT). لكنها ليست مؤشرات حصرية للقلب ويمكن أن تتأثر بأمراض أخرى.

3. أسباب ارتفاع إنزيمات القلب

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع إنزيمات القلب في الدم، وتعتبر هذه الزيادة دليلاً على تعرض القلب للإجهاد أو التلف. تشمل الأسباب الرئيسية التي قد تؤدي إلى ذلك ما يلي:

3.1. احتشاء عضلة القلب (النوبة القلبية)

أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع إنزيمات القلب هو حدوث احتشاء عضلة القلب، أو ما يعرف بالنوبة القلبية. يحدث هذا عندما تتوقف إمدادات الدم إلى جزء من القلب بسبب انسداد أحد الشرايين التاجية، مما يؤدي إلى موت الخلايا القلبية. يتم إفراز إنزيمات مثل التروبونين وCK-MB في الدم كدليل على تدمير خلايا القلب.

3.2. الذبحة الصدرية غير المستقرة

الذبحة الصدرية غير المستقرة هي حالة طبية تشير إلى حدوث انقطاع جزئي أو مؤقت في إمدادات الدم إلى القلب. على الرغم من أن الذبحة الصدرية لا تؤدي بالضرورة إلى موت خلايا القلب، إلا أنها قد ترفع مستويات الإنزيمات القلبية، خاصة في الحالات التي تكون فيها الأعراض شديدة.

3.3. الجلطة القلبية السابقة

في حالات معينة، قد تظل مستويات إنزيمات القلب مرتفعة لفترة طويلة بعد حدوث جلطة قلبية سابقة. في هذه الحالات، قد تظل الإنزيمات في الدم لفترة من الزمن حتى بعد تحسن حالة القلب.

3.4. التهاب عضلة القلب أو التامور

التهاب عضلة القلب (Myocarditis) أو التامور (Pericarditis) قد يسببان أيضًا ارتفاعًا في إنزيمات القلب. في التهاب عضلة القلب، يحدث تلف للأنسجة القلبية بسبب العدوى أو الالتهاب، بينما في التهاب التامور، يمكن أن يؤدي التورم والالتهاب إلى إفراز الإنزيمات في الدم.

3.5. الصدمات البدنية

قد يؤدي التعرض لصدمة بدنية شديدة إلى تلف عضلة القلب، مما يؤدي إلى إفراز الإنزيمات في الدم. يمكن أن تشمل الصدمات البدنية حادثًا مروعًا أو عملية جراحية قلبية معقدة.

3.6. الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم

الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم يمكن أن تؤدي إلى تلف تدريجي في الأنسجة القلبية. في هذه الحالات، قد يتم إفراز الإنزيمات بشكل دوري كإشارة إلى تعرض خلايا القلب للإجهاد المستمر.

3.7. أمراض أخرى مثل السرطان أو أمراض الرئة

الأمراض غير القلبية قد تتسبب أيضًا في ارتفاع إنزيمات القلب. على سبيل المثال، بعض أنواع السرطان أو الأمراض التنفسية المزمنة قد تؤدي إلى مشاكل في القلب وتسبب تسرب الإنزيمات القلبية إلى الدم.

4. أعراض ارتفاع إنزيمات القلب

ارتفاع إنزيمات القلب يشير إلى وجود مشكلة في القلب، وقد يصاحب هذا الارتفاع مجموعة من الأعراض التي تشمل:

• ألم في الصدر: يعتبر من أبرز الأعراض التي ترتبط بارتفاع إنزيمات القلب، حيث يشعر المريض بألم حاد أو ضغط في الصدر، وقد يمتد إلى الذراعين أو الفك.

• ضيق التنفس: قد يعاني المرضى من صعوبة في التنفس نتيجة لتدهور حالة القلب.

• التعرق المفرط: قد يحدث تعرق شديد غير مبرر.

• الغثيان والقيء: يمكن أن تكون هذه الأعراض مرافقًا للنوبات القلبية أو غيرها من الحالات القلبية.

• التعب الشديد والإرهاق: يشعر العديد من المرضى بتعب عام وإرهاق نتيجة نقص التروية الدموية إلى القلب.

5. تشخيص ارتفاع إنزيمات القلب

عند اشتباه الطبيب في وجود ارتفاع في إنزيمات القلب، يتطلب التشخيص إجراء العديد من الفحوصات والاختبارات، بما في ذلك:

5.1. اختبارات الدم

يتم قياس مستويات إنزيمات مثل التروبونين، CK-MB، LDH وغيرها من الإنزيمات في الدم. يتم أخذ عينات دم من المريض في فترات زمنية متتالية لمتابعة مستويات الإنزيمات.

5.2. تخطيط القلب الكهربائي (ECG)

يتم استخدام هذا الفحص لتحديد أي تغيرات في النشاط الكهربائي للقلب، والتي قد تشير إلى وجود مشاكل مثل النوبة القلبية أو الذبحة الصدرية.

5.3. التصوير الطبي

يتم استخدام تقنيات التصوير مثل الأشعة السينية، أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لتقييم حالة القلب والشرايين التاجية.

6. علاج ارتفاع إنزيمات القلب

تعتمد معالجة ارتفاع إنزيمات القلب على السبب الأساسي وراء ارتفاعها. في حالات النوبة القلبية، على سبيل المثال، يمكن أن يتضمن العلاج ما يلي:

• الأدوية المضادة للتخثر: مثل الأسبرين أو الأدوية المضادة للتجلط لمنع تكوّن جلطات إضافية.

• العلاج بإعادة التروية: في حالة انسداد الشرايين التاجية، قد يتطلب الأمر إجراء عملية قسطرة أو جراحة لتوسيع الأوعية الدموية.

• الأدوية لتحسين وظائف القلب: تشمل أدوية مثل مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitors) وحاصرات بيتا، التي تساعد في تحسين قدرة القلب على ضخ الدم.

أما في الحالات غير القلبية، مثل التهاب التامور أو التهاب عضلة القلب، فيتطلب العلاج الراحة والدواء المضاد للالتهاب.

7. الوقاية من ارتفاع إنزيمات القلب

تتضمن الوقاية من أمراض القلب بوجه عام تبني أسلوب حياة صحي يتضمن:

• التغذية السليمة: تناول الأ