“ابن النفيس (1211م-1288م) الطبيب العربي” هو عمل بارز في سلسلة السير والمذكرات، يتحدث عن شخصية فذّة في تاريخ الطب العربي، وهو ابن النفيس، الذي وُلد في قرية صغيرة قرب دمشق في عام 607 هـ / 1211م. تفرّد هذا الكتاب بأنه يستعرض الحياة والإنجازات الطبية والعلمية لهذا العالم العربي البارز بشكل شامل ومفصّل.
يقدم الكتاب للقارئ فصلاً بعد فصل، تحليلات عميقة وشاملة للحياة الشخصية والمهنية لابن النفيس. يبدأ بوصف محيطه العائلي والثقافي الذي نشأ فيه، ويقدم لمحة عن بيئته الدينية والثقافية في العصور الوسطى. كما يسلط الضوء على تأثير المكان الذي نشأ فيه، والذي شكّل شخصيته ونمط حياته وأسلوبه في العمل.
بعد ذلك، يتطرق الكتاب إلى مسار حياته المهني والعلمي، بدايةً من تعليمه وتلقيه للمعرفة الطبية في دمشق، وحتى وصوله إلى مصر بدعوة من السلطان الكامل عمر الأيوبي. يُسلط الضوء على دوره كطبيب للناصر صلاح الدين الأيوبي ومساهمته في تأسيس أول مدرسة طبية خاصة، مما يجسّد عطاءه العلمي والمهني ودوره الريادي في تطوير المجال الطبي.
ومن بين أهم إنجازات ابن النفيس التي يُسلط الكتاب الضوء عليها، اكتشافه لـ “الدورة الدموية الصغرى”، والتي ساهمت في فهم أساسيات عمل القلب والأوعية الدموية. كما يستعرض الكتاب أيضًا إسهاماته العلمية الأخرى في مجال التشريح والطبابة عمومًا، مما جعله إحدى الشخصيات المرموقة في تاريخ الطب.
ويُبرز الكتاب أيضًا شخصية ابن النفيس كإمام شافعي كبير، ويصفه بالشخصية ذات الأخلاق الرفيعة والفضائل الحميدة، حتى أنه لُقب بـ “الصدر والإمام والرئيس وابن سينا الثاني”، مما يُظهر احترام المعاصرين والتقدير الذي حظي به.
يُسلط الكتاب الضوء أيضًا على إنتاج ابن النفيس الكتابي الغزير، حيث يُعرض للقارئ مختارات من مؤلفاته التي تشمل “المختار من الأغذية” و”شرح القانون” و”شرح التشريح” و”موجز القانون” و”رسالة فاضل بن ناطق” وغيرها، مما يبرز مدى تعمقه في العلوم الطبية والتشريحية والفقهية.
في الختام، يعتبر هذا الكتاب مرجعاً هاماً لفهم حياة وإنجازات الطبيب العربي البارز ابن النفيس، ويساهم في إثراء المعرفة حول التاريخ الطبي العربي والإسلامي، ويعكس مساهمته الفاعلة في تقدم العلوم الطبية وتطورها خلال العصور الوسطى.