في كتاب “إيمان الجندي الأمريكي” من تأليف ستيفن منسفيلد، يقدم لنا منسفيلد رحلة استكشافية عبر الحروب الرئيسية في تاريخ الولايات المتحدة من خلال عيون الإيمان الديني للرجال والنساء الذين يخدمون في الجيش. يعد الجنود في حالة حرب ليس فقط بمواجهة فكرة موتهم الشخصي، بل يجب عليهم أيضًا صياغة مبرر أخلاقي للقتل، لذلك فإن ساحة المعركة غالبًا ما تكون مكانًا لتحول ديني هائل.
هل يعود الجنود في الحرب إلى إيمانهم الديني في شبابهم، أم ينحدرون إلى الروحانية المحيطة بهم؟ هل يفقدون كل إيمانهم أمام الرعب، أم يبنون إيمانًا غير رسمي يساعدهم ببساطة على تجاوز المعركة؟ هل يكونون محاربين أفضل ويعانون من أقل ضغوط ما بعد الصدمة إذا كانوا يعتقدون أن حربهم هي حرب مقدسة وأنهم وكلاء للخير؟ هذه هي الأسئلة التي يتناولها ستيفن منسفيلد في “إيمان الجندي الأمريكي”.
يبدأ الكتاب بالسؤال الأساسي الذي يكمن في قلب المسألة: ماذا يحدث دينيًا لجنود أمريكا عندما يذهبون إلى المعركة، وما هو تأثير ذلك على سير الحروب في البلاد؟ يستعرض منسفيلد حروب أمريكا من منظور لاهوتي لفهم الإطار اللاهوتي والمبرر الديني لكل حرب، من أين جاءت، وما هو تأثيرها على السلوك على ساحة المعركة.
يفحص منسفيلد الطبيعة الدينية للأخلاق العسكرية اليوم. هناك جيل جديد على ساحة المعركة الآن، جيل نشأ بتدريب ديني أقل واتصال أقل بالتاريخ من أي جيل قبله. يترك الجنود لخياراتهم الدينية الخاصة لصياغة منظوراتهم الأخلاقية حول الحرب، والقتل، وإمكانية الموت. يستكشف منسفيلد هذه الاختيارات من خلال عدسة احترامه العميق للجيش – فهو من سلالة طويلة من ضباط الجيش الأمريكي – ومن خلفيته كدكتوراه في التاريخ الأمريكي، وخبرته التي تزيد عن عشرين عامًا كقسيس.
هذا الكتاب ليس مجرد استعراض للتاريخ العسكري، بل هو استكشاف عميق لدوافع الإيمان وتأثيرها على الجنود وسلوكهم في ظروف الحروب. يقدم منسفيلد رؤية مثيرة للتفكير حول كيفية تشكل الإيمان الديني تجارب الجنود الأمريكيين في الحرب، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على أساليبنا كأمة في معاملة الحروب والسلام.
“إيمان الجندي الأمريكي” من الكتب التي لا تقتصر قيمتها على فهم تاريخ الحروب الأمريكية، بل تمتد إلى فهم أعمق لتأثير الإيمان الديني على الفرد والمجتمع في زمن الصراع والمواجهات الدامية. يمزج منسفيلد بين التاريخ واللاهوت والتجارب الشخصية ليقدم لنا عملًا مثيرًا يلقي الضوء على جوانب قلما تتناول في الأدب الحديث.