كيف توقف إشعارات تطبيقات الدردشة على هاتفك لتحقق المزيد من التركيز

في ظل العصر الرقمي المتسارع، أصبحت الإشعارات وسيلة اتصال فعالة لكنها في الوقت ذاته من أبرز مصادر التشتت الذهني والانقطاع عن التركيز، خاصة عندما يتعلق الأمر بتطبيقات الدردشة الفورية. هذه التطبيقات، مثل واتساب، تيليغرام، فيسبوك ماسنجر، سناب شات، وغيرها، تُستخدم بشكل يومي سواء للتواصل الشخصي أو المهني، لكنها تتسبب في تقطّع متواصل في سيل الانتباه، مما يؤدي إلى تدهور الأداء المعرفي والعقلي، ويقلل من جودة الإنتاجية في الدراسة والعمل وحتى في الحياة الاجتماعية الواقعية.

من الضروري الإقرار بأن التقنية ليست عدواً وإنما أداة يجب التحكم بها، وأن الإشعارات ما هي إلا وسيلة لا بد من ضبطها حتى لا تتحول من نعمة إلى نقمة. إن إدارة إشعارات تطبيقات الدردشة بشكل علمي وفعّال يمكّن الفرد من استعادة السيطرة على وقته ووعيه، وبالتالي رفع مستوى التركيز الذهني بشكل مستدام.

التأثيرات السلبية لإشعارات تطبيقات الدردشة على التركيز

تشير الدراسات الحديثة في علم الأعصاب والسلوك إلى أن الانقطاع المتكرر بفعل الإشعارات يؤدي إلى ضعف التركيز والانتباه. الدماغ البشري، في طبيعته، لا يعمل بكفاءة عند تعدد المهام المفروضة عليه، والإشعارات تعتبر بمثابة إشارات خارجية تُجبر الدماغ على الانتقال من مهمة إلى أخرى. هذا ما يعرف بـ”تكلفة التحويل الذهني”، وهي الزمن الذي يحتاجه الإنسان لاستعادة تركيزه بعد الانقطاع، والذي قد يصل إلى 23 دقيقة في بعض الحالات.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي التعرض المفرط للإشعارات إلى:

• الإجهاد العقلي المستمر نتيجة التفاعل المتكرر مع الرسائل والتنبيهات.

• اضطراب في دورة النوم بسبب الإشعارات الليلية، خصوصاً لدى الأشخاص الذين ينامون بالقرب من هواتفهم الذكية.

• الإدمان الرقمي على الرد السريع والانشغال بالرسائل دون ضرورة.

• انخفاض الإنتاجية في بيئات العمل والتعليم، نتيجة الانشغال المستمر بمحادثات غير متعلقة بالمهام الفعلية.

أهمية إيقاف الإشعارات لتحقيق التركيز

يكمن جوهر التركيز في القدرة على عزل الذات مؤقتًا عن المؤثرات الخارجية. لذلك، فإن تقليص أو إيقاف إشعارات تطبيقات الدردشة يعد خطوة جوهرية في تحقيق هذا الهدف. الأشخاص الذين يقومون بضبط إشعارات هواتفهم أو تعطيلها لفترات معينة يلاحظون عادة:

• زيادة ملحوظة في الإنجاز والإبداع.

• شعور بالسيطرة والهدوء النفسي.

• قدرة أعلى على إدارة الوقت بفعالية.

• تحسن في نوعية العلاقات الواقعية.

التحكم في الإشعارات لا يعني العزلة، بل يعني اختيار اللحظة المناسبة للتفاعل الرقمي دون تداخل مع المهام الجوهرية أو الحياة الخاصة.

خطوات عملية لإيقاف إشعارات تطبيقات الدردشة

فيما يلي الخطوات العملية التي يمكن اتباعها لإيقاف إشعارات تطبيقات الدردشة حسب أنظمة التشغيل المختلفة، بطريقة تضمن تقليل التشتت وتحقيق التركيز الأمثل.

1. إيقاف الإشعارات من إعدادات النظام (أندرويد وiOS)

على أجهزة أندرويد:

1. الدخول إلى الإعدادات (Settings).

2. اختيار التطبيقات (Apps) أو الإشعارات (Notifications).

3. تحديد التطبيق المراد تعطيل إشعاراته (مثل WhatsApp أو Telegram).

4. النقر على الإشعارات.

5. تعطيل خيار إظهار الإشعارات (Show notifications) أو اختيار تخصيص أنواع الإشعارات التي يمكن عرضها فقط.

على أجهزة iPhone:

1. الذهاب إلى الإعدادات (Settings).

2. اختيار الإشعارات (Notifications).

3. تحديد التطبيق المستهدف.

4. تعطيل خيار السماح بالإشعارات (Allow Notifications).

2. تفعيل وضع عدم الإزعاج (Do Not Disturb)

يسمح هذا الوضع بكتم جميع الإشعارات بشكل مؤقت خلال فترة محددة، مثل أثناء العمل أو النوم.

على أندرويد:

• سحب شريط الإشعارات وتفعيل وضع عدم الإزعاج.

• تخصيص الوضع من خلال الإعدادات لتحديد من يمكنه الاتصال أو ما يمكن استقباله.

على iOS:

• السحب من الأعلى لتفعيل عدم الإزعاج.

• أو الذهاب إلى الإعدادات > التركيز > عدم الإزعاج لتخصيص المدة والتطبيقات المستثناة.

3. استخدام وضع التركيز (Focus Mode)

يساعد في تخصيص إعدادات الهاتف للحد من التشتت.

على iOS:

• من خلال الإعدادات > التركيز > إضافة وضع جديد، يمكن إعداد وضع خاص بالدراسة أو العمل، واستثناء بعض التطبيقات أو جهات الاتصال.

على أندرويد (أجهزة Pixel أو One UI من سامسونغ):

• الدخول إلى الإعدادات > الرفاهية الرقمية > وضع التركيز.

• اختيار التطبيقات التي سيتم حظرها مؤقتًا خلال فترة التركيز.

4. تعديل إعدادات الإشعارات داخل كل تطبيق على حدة

معظم تطبيقات الدردشة توفر إعدادات داخلية تمكن المستخدم من ضبط الإشعارات.

مثال: واتساب

• فتح التطبيق، ثم الذهاب إلى الإعدادات > الإشعارات.

• يمكن كتم صوت المحادثات الفردية أو الجماعية.

• إمكانية إخفاء المعاينات من شريط الإشعارات.

مثال: تيليغرام

• الإعدادات > الإشعارات والأصوات.

• تعطيل الإشعارات للمحادثات الخاصة، المجموعات أو القنوات.

5. كتم المحادثات الفردية أو الجماعية

في حال كان من الصعب إيقاف الإشعارات لجميع المحادثات، يمكن كتم المحادثات المزعجة أو الغير ضرورية لفترة محددة.

• الضغط مطولاً على المحادثة > اختيار “كتم الصوت” > تحديد المدة (8 ساعات، أسبوع، دائمًا).

6. الاعتماد على تطبيقات إدارة الوقت

هناك تطبيقات متخصصة في تنظيم الوقت والتركيز مثل:

7. تحرير شاشة الهاتف من تطبيقات الدردشة

إبعاد تطبيقات الدردشة من الشاشة الرئيسية يساعد على تقليل التفاعل التلقائي معها. يمكن نقلها إلى مجلدات داخلية أو صفحة جانبية غير ظاهرة.

8. جدولة فترات محددة للرد على الرسائل

بدلاً من الاستجابة الفورية، يمكن تخصيص أوقات معينة في اليوم لتصفح الرسائل، مثلاً: مرة صباحًا ومرة مساءً. يساعد هذا الأسلوب في تقليل الانقطاعات وتحسين جودة التفاعل.

9. إزالة الإشعارات من شاشة القفل

إشعارات شاشة القفل تعتبر من أول المؤثرات التي تقاطع التركيز بمجرد الإمساك بالهاتف.

• على iOS: الإعدادات > الإشعارات > إيقاف “إظهار في شاشة القفل”.

• على أندرويد: الإعدادات > الخصوصية > شاشة القفل > عدم إظهار الإشعارات.

10. إزالة تنبيهات النقطة الحمراء (Badge)

الرموز الرقمية الحمراء التي تظهر على أيقونات التطبيقات تشكل محفزًا نفسيًا قويًا لفتحها، لذلك يمكن تعطيلها من إعدادات الإشعارات الخاصة بكل تطبيق.

النتائج المتوقعة من تطبيق هذه الاستراتيجيات

بمجرد تنفيذ هذه الإجراءات، يبدأ المستخدم بملاحظة تغيرات ملموسة في سلوكه اليومي. سيشعر بتحسن في التركيز خلال العمل أو الدراسة، وقدرته على الاستغراق في نشاط معين دون انقطاع تصبح أكثر وضوحًا. كما يقل الشعور بالقلق أو الضغط الناجم عن وجوب الرد الفوري على الرسائل، مما يعزز الصحة النفسية.

إن تقنين الإشعارات ليس فقط أسلوبًا لتحسين الأداء الذهني، بل هو أيضًا خطوة في سبيل تحقيق نمط حياة رقمي أكثر توازنًا ووعيًا. يتمكن الفرد بذلك من استرجاع وقته وطاقته ليستخدمها في الأنشطة ذات القيمة الفعلية، سواء كانت مهنية، علمية، أو إنسانية.

خاتمة منهجية

إن الوقاية من التشتت تبدأ من إدراك مصادره، وتعد إشعارات تطبيقات الدردشة من أبرز هذه المصادر في العصر الرقمي. بالتالي، فإن إدارة الإشعارات ليست رفاهية، بل هي ضرورة ملحة لحماية التركيز الذهني وتحقيق الاستفادة القصوى من القدرات العقلية. من خلال الخطوات التقنية والسلوكية السابقة، يمكن لأي مستخدم أن يضع حدودًا رقمية صحية تمكّنه من التفاعل مع العالم الرقمي من دون التضحية بجوهر انتباهه أو جودة تفكيره.

المصادر

1. Newport, C. (2016). Deep Work: Rules for Focused Success in a Distracted World. Grand Central Publishing.

2. Mark, G., Iqbal, S.T., & Czerwinski, M. (2018). “The Cost of Interrupted Work: More Speed and Stress”. ACM SIGCHI.