في العام 1960، أطلقت الحكومة المصرية نداءً استغاثة إلى العالم أجمع، داعيةً إلى إنقاذ آثار النوبة القديمة. كان هذا النداء ناتجًا عن قرار ببناء سد عالٍ على نهر النيل، يُعرف بسد النهضة، بهدف تجميع المياه للمساهمة في عملية التنمية وتوليد الكهرباء. ولكن مع بناء هذا السد العالي، جاءت نتيجة مؤلمة، حيث تطلب إعمار السد تهجير سكان النوبة من موطنهم التقليدي إلى صحراء كوم أمبو.
تاريخ التهجيرات في هذه المنطقة ليس جديدًا، فقد شهدت النوبة ثلاث تهجيرات سابقة خلال بناء خزان أسوان في العقود السابقة. ولكن التهجير الأخير كان الأكبر، حيث شمل حوالي مائة ألف نوبي أو أكثر. يقع أثر النوبة القديمة بين خزان أسوان والحدود المصرية السودانية، وتضم العديد من المعالم الأثرية المتنوعة في ست مناطق، تاريخيًا وهندسيًا.
لكن قبل بدء عمليات التهجير، أرسلت مصر نداء إلى العالم لإنقاذ آثار النوبة. وكانت هناك حضارة نوبية قديمة ومسيحية في هذه المنطقة، تظهر من خلال معابدها مثل معبد أبو سمبل وكلابشة والسبوع وإبريم. وعلى الرغم من جهود اليونسكو والفرق الأثرية، إلا أن بعض الآثار تمت إهداؤها إلى دول أخرى، مما أثار انتقادات حادة.
التاريخ النوبي غني بالإنجازات، حيث شهد حقبًا زمنية متنوعة امتدت من الأسرة الثامنة عشرة حتى العصر المسيحي. وفي هذا السياق، تشمل المعالم الموجودة معابد ومقابر ومقصورات تعكس تطور الحضارة النوبية على مر العصور.
قبل التهجير، جاءت الفرق الأثرية لإنقاذ الآثار، لكن النتيجة كانت مريرة، حيث انحسرت المياه وغمرت آثار النوبة القديمة. ومع ذلك، تم العثور على مقابر وآثار تاريخية مهمة خلال هذه الحملات، تتضمن جرارًا ملونًا ومصنوعات حجرية وحلي ومجوهرات.
وفي متحف المعهد الشرقي بجامعة شيكاغو، يعكس مقتنيات من مقابر بقرية أدندان الثقافة النوبية، وتشمل جرارًا ملونًا وإناء حجري وحلي. وتكشف هذه القطع الأثرية عن تنوع ثقافة النوبة وثروتها الأثرية التي لا تزال تحمل أسرارًا لم يتم الكشف عنها بعد، رغم جهود الإنقاذ.
المزيد من المعلومات
بينما كانت الحكومة المصرية تستعد لبناء سد النهضة، أرسلت نداءات إنقاذ للحفاظ على ثقافة النوبة وآثارها الفريدة. وكانت المنطقة تحتل موقعًا استراتيجيًا بين خزان أسوان والحدود السودانية، مما جعلها محط اهتمام الباحثين والآثاريين. تعد النوبة منطقة تاريخية تمتد عبر فترات زمنية مختلفة، بدءًا من العصور الفرعونية وصولاً إلى العصور المسيحية، وكل ذلك يعكس تنوعًا ثقافيًا فريدًا.
في هذا السياق، كان هناك جهد دولي لإنقاذ المعالم الأثرية، حيث شاركت اليونسكو وفرق الآثار الدولية في هذه المهمة الضخمة. ومع ذلك، لم يكن الإنقاذ بمثل هذا الحجم دون تحديات، حيث تعاملت بعض الحكومات بشكل مختلف مع الآثار التي تم إنقاذها. ومن ثم، فقد شهدت بعض هذه الآثار النوبية القديمة مصيرًا متباينًا، حيث تم إهداء بعضها إلى دول أجنبية، ما أثار جدلاً وانتقادات من قبل عدة أطياف في المجتمع الدولي.
تمثل المعابد مثل أبو سمبل وكلابشة نقاط بارزة في هذا التراث الثقافي، حيث يتميزون بالهندسة الفريدة والنقوش الفنية التي تعكس إيماءات دينية وتاريخية. ولكن مع بناء السد، غمرت المياه هذه المعالم، مما جعلها تختفي تحت سطح البحيرة الناتجة عن السد العالي.
من الآثار البارزة أيضًا التي تم اكتشافها قبل تهجير النوبة هي القسطل، مقابر كانت مخصصة للأمراء والملوك السودانيين. يظهر وجودها قبل عصر الأسرات المصرية الحاكمة في القرن الثاني والثلاثين قبل الميلاد، مما يشير إلى استمرار الحضارة النوبية عبر العصور.
تجسد قطع الفخار والمجوهرات المكتشفة في مقابر بقرية أدندان الثروة الثقافية للنوبة، حيث تعكس التنوع والابتكار في الصناعات اليدوية والفنون. وما زالت هناك آثار وأسرار لم يتم الكشف عنها بعد في أعماق تلك المياه، مما يجعل حملات الإنقاذ والبحث الآثري ذات أهمية استراتيجية لفهم تاريخ النوبة وحفظ تراثها المهدد بالغمر.