نقص صوديوم الدم: الأسباب، الأعراض، التشخيص والعلاج

نقص صوديوم الدم (Hyponatremia) هو حالة طبية شائعة تنجم عن انخفاض تركيز الصوديوم في الدم إلى أقل من المستوى الطبيعي، والذي يتراوح عادة بين 135 إلى 145 مللي مكافئ لكل لتر (mEq/L). يُعتبر الصوديوم من أهم الإلكتروليتات في الجسم، ويلعب دوراً أساسياً في تنظيم توازن السوائل، ونقل الإشارات العصبية، وضغط الدم. لذا فإن نقص صوديوم الدم قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة إذا لم يتم تشخيصه وعلاجه بشكل مناسب.

مفهوم الصوديوم ودوره في الجسم

الصوديوم هو معدن كهربائي (إلكتروليت) يلعب دوراً محورياً في الحفاظ على توازن السوائل داخل وخارج خلايا الجسم. يعمل الصوديوم على تنظيم ضغط الدم، ويؤثر في وظيفة الأعصاب والعضلات، ويساعد في الحفاظ على حجم الدم والضغط الأسموزي (osmotic pressure) في الدم والسوائل الخلوية. يتم الحصول على الصوديوم أساساً من الطعام والشراب، ويخرج من الجسم بشكل رئيسي عن طريق الكلى والعرق.

تعريف نقص صوديوم الدم

يُعرّف نقص صوديوم الدم بوجود تركيز صوديوم في مصل الدم أقل من 135 مللي مكافئ/لتر. ويختلف شدة الحالة بحسب مستوى الصوديوم، حيث يمكن تصنيفها إلى:

• نقص صوديوم دم خفيف: بين 130-134 mEq/L

• نقص صوديوم دم متوسط: بين 125-129 mEq/L

• نقص صوديوم دم شديد: أقل من 125 mEq/L

كما يُمكن تقسيم نقص الصوديوم حسب سرعة حدوثه إلى نقص حاد (يحدث خلال 48 ساعة أو أقل) ونقص مزمن (يحدث تدريجياً على مدى أيام أو أسابيع).

أسباب نقص صوديوم الدم

ينجم نقص صوديوم الدم عن أسباب متعددة يمكن تقسيمها إلى عوامل متعلقة بكميات الماء أو الصوديوم في الجسم، ومنها:

1. زيادة كمية الماء في الجسم (تخفيف الصوديوم)

• احتباس الماء المفرط: كما في حالات الفشل الكلوي، الفشل القلبي، أو أمراض الكبد المزمنة، حيث يزداد حجم الماء في الجسم ما يؤدي إلى تخفيف تركيز الصوديوم.

• تناول كميات كبيرة من الماء: يؤدي إلى خفض تركيز الصوديوم في الدم عبر التخفيف، كما قد يحدث في حالات “التسمم بالماء”.

• متلازمة الإفراز غير المناسب لهرمون مضاد الإدرار (SIADH): حيث يفرز الجسم كمية كبيرة من هرمون ADH مما يؤدي إلى احتباس الماء دون زيادة ملحوظة في الصوديوم.

2. فقدان الصوديوم من الجسم

• الإسهال الشديد أو القيء: فقدان الصوديوم مع السوائل يمكن أن يؤدي إلى نقص في مستواه في الدم.

• استخدام مدرات البول: خصوصاً مدرات البول الثيازيدية التي تزيد من إخراج الصوديوم مع البول.

• التعرق المفرط: خاصة في حالات الحرارة الشديدة أو التمارين القاسية.

• أمراض الكلى: مثل الفشل الكلوي أو أمراض تسبب فقدان الصوديوم.

3. أسباب أخرى

• قصور الغدة الكظرية (مرض أديسون): حيث يقل إفراز هرمونات تساعد في حفظ الصوديوم.

• قصور القلب أو أمراض الكبد: تؤدي إلى احتباس الماء وتغيرات في توازن الصوديوم.

• تناول أدوية معينة: مثل بعض مضادات الاكتئاب أو الأدوية المضادة للصرع التي تحفز متلازمة SIADH.

أعراض نقص صوديوم الدم

تختلف أعراض نقص صوديوم الدم باختلاف درجة النقص وسرعة حدوثه، وقد تكون خفيفة أو شديدة، وتتمثل في:

الأعراض المبكرة والخفيفة

• صداع مستمر

• غثيان وقيء

• ضعف عام وتعب

• ارتباك خفيف وصعوبة في التركيز

• تشنجات عضلية أو تقلصات

الأعراض الشديدة أو المفاجئة

• تشنجات عصبية شديدة

• فقدان الوعي أو غيبوبة

• اضطرابات في الجهاز العصبي المركزي مثل الهذيان أو السلوك غير الطبيعي

• تورم في المخ (وذمة دماغية) قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة قد تصل إلى الوفاة

تشخيص نقص صوديوم الدم

يعتمد تشخيص نقص صوديوم الدم على الفحص السريري والاختبارات المخبرية، وتشمل الخطوات:

1. الفحص السريري

• تقييم الأعراض والعلامات مثل التعب، الارتباك، أو فقدان الوعي.

• قياس العلامات الحيوية مثل ضغط الدم، معدل النبض، ومدى رطوبة الجلد.

2. التحاليل المختبرية

• تحليل الصوديوم في الدم: لتحديد تركيزه وتأكيد نقصه.

• تحليل الصوديوم في البول: لتقييم كمية الصوديوم المفقودة في البول وتحديد السبب.

• تحليل الأسمولالية في الدم والبول: لتحديد مدى توازن السوائل والكهارل.

• فحوصات أخرى حسب الحالة مثل وظائف الكلى، الغدة الكظرية، ووظائف الكبد.

تصنيف نقص صوديوم الدم حسب حجم الجسم

يساعد تصنيف نقص صوديوم الدم بناءً على حالة حجم السوائل في الجسم على تحديد السبب وتوجيه العلاج، ويشمل:

علاج نقص صوديوم الدم

يتم علاج نقص صوديوم الدم وفقاً لسبب الحالة وشدتها، ويركز العلاج على تصحيح تركيز الصوديوم بأمان لتجنب المضاعفات العصبية:

1. علاج نقص صوديوم الدم الحاد والشديد

• الإدارة في المستشفى: قد يتطلب دخول المستشفى تحت مراقبة دقيقة.

• حقن محلول ملحي مركز (3% محلول ملحي): يستخدم بحذر لتجنب الزيادة المفاجئة في الصوديوم التي قد تسبب مضاعفات مثل متلازمة إزالة الميالين (Osmotic Demyelination Syndrome).

• مراقبة تركيز الصوديوم: بشكل مستمر مع إجراء تحاليل دورية للدم.

2. علاج نقص صوديوم الدم المزمن والخفيف

• تحديد السبب وعلاجه: مثلاً وقف الأدوية المسببة، علاج أمراض الكبد أو الكلى.

• تقييد تناول السوائل: خصوصاً في حالات متلازمة الإفراز غير المناسب لهرمون ADH.

• استخدام أدوية مدرّة لمضادات ADH: مثل التولفانيد أو المكونيفين لتقليل احتباس الماء.

• تعويض الصوديوم عبر الغذاء: تناول أطعمة غنية بالصوديوم مع مراقبة دقيقة.

المضاعفات المحتملة

يمكن أن يؤدي نقص صوديوم الدم غير المعالج إلى مضاعفات خطيرة، منها:

• تورم الدماغ، مما يسبب صداعاً شديداً، غيبوبة، وتشنجات.

• متلازمة إزالة الميالين، وهي حالة تؤثر على الغلاف المحيط بالأعصاب وتحدث نتيجة تصحيح سريع جداً للصوديوم.

• اختلالات في الجهاز العصبي المركزي مع تأثيرات طويلة الأمد.

• زيادة خطر الوفاة في الحالات الحادة.

الوقاية من نقص صوديوم الدم

الوقاية تعتمد على التحكم في الأسباب المؤدية إلى الحالة، ومراقبة الصوديوم عند الأشخاص المعرضين، ومن أهم خطوات الوقاية:

• تناول كميات مناسبة من السوائل وعدم الإفراط في شرب الماء.

• مراقبة وظائف الكلى والكبد والقلب بانتظام في المرضى المزمنين.

• تجنب استخدام مدرات البول دون إشراف طبي.

• الانتباه لأعراض الجفاف أو التسمم بالماء.

• علاج الأمراض المسببة بشكل مبكر.

خلاصة

نقص صوديوم الدم هو اضطراب شائع يؤثر في توازن السوائل في الجسم ويتطلب تشخيصاً دقيقاً لتحديد السبب الأساسي وعلاجاً ملائماً لتفادي المضاعفات الخطيرة. تتنوع أسباب نقص الصوديوم بين زيادة كمية الماء في الجسم، فقدان الصوديوم، أو اضطرابات هرمونية، ويجب التعامل مع كل حالة حسب خصوصياتها مع متابعة طبية دقيقة. الحفاظ على توازن الصوديوم يعد عاملاً أساسياً في صحة الأعصاب والعضلات ووظائف الجسم الحيوية.

المصادر والمراجع

• UpToDate. Hyponatremia.

• Mayo Clinic. Hyponatremia (Low Sodium).