إلتهاب الأذن الوسطى عند الأطفال

إلتهاب الأذن الوسطى عند الأطفال: الأسباب، الأعراض، العلاج والوقاية

إلتهاب الأذن الوسطى هو أحد أكثر الأمراض شيوعًا التي تصيب الأطفال في جميع أنحاء العالم. يعتبر هذا المرض من الأسباب الرئيسية لزيارة الأطباء من قبل أولياء الأمور، حيث يصيب الأذن الوسطى ويؤدي إلى حدوث ألم شديد، والذي قد يكون مزعجًا للأطفال وقد يسبب لهم مشاكل صحية طويلة الأمد إذا لم يتم معالجته بالشكل الصحيح. في هذا المقال، سوف نتناول بشكل موسع كل ما يتعلق بإلتهاب الأذن الوسطى عند الأطفال من حيث الأسباب، الأعراض، التشخيص، العلاج والوقاية.

ما هو إلتهاب الأذن الوسطى؟

إلتهاب الأذن الوسطى هو التهاب يحدث في الأذن الوسطى، وهي المساحة التي تقع خلف طبلة الأذن وتحتوي على العظام الصغيرة المسؤولة عن نقل الصوت. يحدث هذا الالتهاب عندما تتعرض الأذن الوسطى للبكتيريا أو الفيروسات، مما يؤدي إلى تورم وتجمع السوائل داخل الأذن الوسطى. في بعض الحالات، قد يؤدي هذا التورم إلى إصابة طبلة الأذن أو تسرب السوائل إلى الأذن الخارجية، مما يسبب الألم والتورم.

أنواع إلتهاب الأذن الوسطى

1. إلتهاب الأذن الوسطى الحاد (AOM):
   يحدث هذا النوع بشكل مفاجئ ويتميز بأعراض شديدة، مثل الألم الحاد في الأذن، الحمى، وفقدان السمع المؤقت. يحدث هذا النوع نتيجة لعدوى بكتيرية أو فيروسية. عادة ما يُشفى الإلتهاب بعد العلاج المناسب في غضون أيام قليلة.

2. إلتهاب الأذن الوسطى مع تجمع السوائل (OME):
   في هذا النوع، تتجمع السوائل في الأذن الوسطى دون وجود عدوى نشطة. هذا يمكن أن يحدث بعد الإصابة بالتهاب الأذن الحاد، حيث يبقى السائل في الأذن بعد زوال العدوى. قد يسبب هذا النوع فقدان السمع بشكل مؤقت، لكنه لا يسبب عادة الألم.

3. إلتهاب الأذن الوسطى المتكرر (Chronic Otitis Media):
   هذا النوع من الالتهابات يحدث عندما يصاب الطفل بأكثر من ثلاث حالات من التهاب الأذن الوسطى الحاد في سنة واحدة أو عندما يستمر السائل في الأذن الوسطى لفترة طويلة. قد يؤدي هذا النوع إلى مشاكل في السمع إذا لم يتم معالجته بشكل صحيح.

أسباب إلتهاب الأذن الوسطى عند الأطفال

تعتبر الأذن الوسطى أكثر عرضة للإصابة بالعدوى بسبب التركيبة التشريحية للأذن لدى الأطفال، التي تكون أكثر عرضة للاحتقان والتورم. هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بإلتهاب الأذن الوسطى عند الأطفال، وتشمل:

1. العدوى الفيروسية:
   يمكن أن تسبب الفيروسات مثل الفيروسات المسببة لنزلات البرد أو الإنفلونزا إلتهاب الأذن الوسطى. عادة ما تبدأ هذه العدوى في الجهاز التنفسي العلوي وتنتقل إلى الأذن الوسطى.

2. العدوى البكتيرية:
   قد تؤدي العدوى البكتيرية، مثل تلك الناتجة عن الجراثيم المسببة للبكتيريا العقدية، إلى التهاب الأذن الوسطى. يمكن أن تنتقل هذه البكتيريا إلى الأذن الوسطى عن طريق الأنف أو الحلق.

3. الانسداد في قناة استاكيوس:
   تعتبر قناة استاكيوس، التي تصل بين الأذن الوسطى والأنف، هي المسئولة عن تصريف السوائل والحفاظ على توازن الضغط داخل الأذن. في حالة انسداد هذه القناة بسبب الحساسية أو نزلات البرد أو التهابات الحلق، فإنها قد تتسبب في تجمع السوائل في الأذن الوسطى، مما يؤدي إلى الإصابة بالإلتهاب.

4. التعرض للتدخين السلبي:
   يعد التدخين السلبي أحد العوامل البيئية الهامة التي تزيد من خطر الإصابة بإلتهاب الأذن الوسطى لدى الأطفال. المواد الكيميائية الموجودة في الدخان يمكن أن تؤدي إلى تهيج الأغشية المخاطية في الأذن وتضعف قدرة الأذن على مقاومة العدوى.

5. التهاب الأنف أو الحلق:
   يمكن أن تؤدي التهابات الأنف أو الحلق إلى انتقال العدوى إلى الأذن الوسطى، حيث يتواجد الأنف والحلق بالقرب من الأذن.

6. ضعف جهاز المناعة:
   الأطفال الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة يكونون أكثر عرضة للإصابة بالعدوى في الأذن الوسطى. يشمل ذلك الأطفال الذين يعانون من أمراض مزمنة أو الذين يتناولون أدوية مثبطة للمناعة.

أعراض إلتهاب الأذن الوسطى عند الأطفال

تختلف أعراض إلتهاب الأذن الوسطى حسب نوع الإلتهاب وحالة الطفل، ولكنها تشمل عادة:

1. الألم في الأذن:
   يعد الألم من أكثر الأعراض شيوعًا التي يعاني منها الطفل المصاب بإلتهاب الأذن الوسطى. قد يشعر الطفل بألم حاد في الأذن وقد يبكي أو يتجنب لمس الأذن المصابة.

2. الحمى:
   قد يعاني الطفل من حمى خفيفة إلى متوسطة، ويظهر ذلك في شكل ارتفاع درجة حرارة الجسم بشكل مفاجئ.

3. صعوبة في السمع:
   قد يؤدي تجمع السوائل في الأذن الوسطى إلى صعوبة في السمع. يعاني الطفل من فقدان مؤقت للسمع يمكن أن يختفي بعد علاج الإلتهاب.

4. التهابات في الأنف أو الحلق:
   في بعض الأحيان، يكون الإلتهاب في الأذن الوسطى مصحوبًا بأعراض نزلات البرد أو التهابات الحلق مثل السعال والعطس.

5. التورم حول الأذن:
   في بعض الحالات، قد يحدث تورم في الأذن أو المنطقة المحيطة بها نتيجة الإلتهاب.

6. التقيؤ أو الإسهال:
   قد يعاني بعض الأطفال من أعراض هضمية مثل القيء أو الإسهال نتيجة التوتر الناتج عن الألم في الأذن.

7. عدم الراحة عند النوم:
   بسبب الألم، قد يواجه الطفل صعوبة في النوم أو الاستلقاء بسبب الضغط الناتج عن الإلتهاب.

تشخيص إلتهاب الأذن الوسطى

يتم تشخيص إلتهاب الأذن الوسطى عن طريق فحص الأذن باستخدام منظار الأذن (أو ما يسمى بـ “أوتوسكوب”)، وهو أداة طبية تساعد الأطباء في فحص طبلة الأذن والأذن الوسطى. يعتمد التشخيص على مجموعة من الأعراض والفحص السريري الذي يجريه الطبيب، وفي بعض الحالات قد يحتاج الطبيب لإجراء اختبارات إضافية مثل:

• اختبارات السمع: قد يطلب الطبيب إجراء اختبار السمع في حال كان هناك تداخل مع قدرة الطفل على السمع.

• اختبار للضغط داخل الأذن: قد يتم استخدام جهاز قياس الضغط داخل الأذن لتحديد ما إذا كانت السوائل قد تراكمت في الأذن الوسطى.

علاج إلتهاب الأذن الوسطى عند الأطفال

يعتمد علاج إلتهاب الأذن الوسطى على نوع الالتهاب وشدة الأعراض. هناك العديد من الطرق التي يمكن استخدامها لعلاج هذه الحالة:

1. المسكنات:
   يتم استخدام مسكنات الألم مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين لتخفيف الألم والحمى لدى الطفل.

2. المضادات الحيوية:
   في حال كان الإلتهاب ناجمًا عن عدوى بكتيرية، قد يصف الطبيب مضادات حيوية للمساعدة في القضاء على البكتيريا المسببة للإلتهاب. يُفضل عدم استخدام المضادات الحيوية في حالة الإلتهاب الفيروسي.

3. مراهم مضادة للبكتيريا:
   في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب باستخدام مراهم أو قطرات للأذن لتخفيف الألم والتورم.

4. الجراحة (في الحالات المزمنة):
   في حالات الإلتهاب المتكرر أو المستمر، قد يكون من الضروري إجراء جراحة بسيطة لإزالة السوائل المحشورة في الأذن الوسطى أو تركيب أنابيب لتصريف السوائل.

الوقاية من إلتهاب الأذن الوسطى

هناك العديد من الإجراءات الوقائية التي يمكن اتباعها لتقليل خطر الإصابة بإلتهاب الأذن الوسطى:

1. تجنب التدخين السلبي:
   يجب تجنب تدخين السجائر في الأماكن المغلقة، وخاصة بالقرب من الأطفال.

2. تطعيم الأطفال:
   يمكن أن تساعد بعض التطعيمات مثل لقاح الإنفلونزا واللقاح ضد المكورات الرئوية في تقليل مخاطر الإصابة بعدوى الأذن الوسطى.

3. الحفاظ على نظافة الأنف:
   يجب تعليم الأطفال كيفية تنظيف أنوفهم بشكل صحيح لتقليل خطر العدوى.

4. الرضاعة الطبيعية:
   يُنصح بإرضاع الأطفال طبيعيًا لفترة طويلة، حيث أظهرت الدراسات أن الرضاعة الطبيعية يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالتهابات الأذن.

5. الاهتمام بصحة الأنف والحنجرة:
   يجب معالجة التهابات الأنف أو الحلق في مراحلها المبكرة لمنع انتقال العدوى إلى الأذن الوسطى.

6. التأكد من العلاج الكامل:
   يجب التأكد من أن الطفل يتناول الدورة الكاملة من الأدوية الموصوفة (إذا كانت المضادات الحيوية جزءًا من العلاج) حتى لو